|
ومن حسن الطالع أن يتزامن مرور عام على بدء التسوية السياسية التاريخية في اليمن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون إلى صنعاء ، فإن ذلك يعزز القناعة بأن ثمة تحركاً إقليمياً ودولياً لتفعيل مسار هذه التسوية التاريخية ، خاصة مع تأكيداته الأخيرة بأن على اليمنيين بذل المزيد من الجهود لتخطي مثل تلك العقبات مثلما استطاعوا – قبل ذلك – بحكمتهم تجاوز تحديات الأزمة التي ظللت سماء الوطن قبل نحو عامين بغيوم الأرق والقلق!
إذاً نحن أمام معطيات وتحديات كان من الطبيعي أن تبرز جراء انسداد الأفق السياسي بين أطراف الأزمة منذ فترة طويلة ،وقد حان الوقت لتضافر هذه الجهود بتوفير كافة الضمانات وبذل أقصى العمل لخلق مناخات الثقة بين الأطراف جميعها وتحديداً قوى الحراك الجنوبي منها للدخول في العملية السياسية وبوابتها الحوار الوطني على قاعدة تجنيب اليمن مخاطر الانزلاق إلى المجهول الذي يحرص الرعاة الإقليميون والدوليون تجنيبنا مغبة الوقوع فيه .. وهو ما يتطلب الإسراع في إصدار منظومة التطمينات التي تبنتها اللجنة الفنية للحوار والمعروفة بالنقاط العشرين ، فضلاً عن أهمية وضرورة تنازل بعض أطراف الحراك عن مواقفها المتشددة واشتراطاتها المسبقة إزاء الدخول في هذه العملية السياسية بالنظر إلى مصالح الوطن برؤية مستقبلية تتعدى النظرة الأحادية الضيقة .
وإزاء مجمل هذه التطورات والتحديات التي تقف حائلاً دون البدء في مشاركة هذه القوى الدخول في الحوار الوطني حتى الآن ، ليس أمام المواطن البسيط غير التفاؤل بقدرة وحكمة هذه الشخصيات والقيادات السياسية الانضمام إلى مسيرة الحوار مهما كانت غصة ومرارة تجربة العمل السياسي التي اكتنفتها مرحلة ما بعد قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م ، خاصة أن المرحلة الراهنة تشرع الأبواب أمام صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسس للعدالة والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات وتحت ظلال القانون .. ولعل ما يبعث على هذا التفاؤل رغم تعقيدات المشهد الراهن هو توافر الإرادة الإقليمية والدولية الداعمة لمسيرة التسوية والاستقرار والتنمية والانتقال باليمن إلى مرحلة جديدة تحافظ على الأمن الداخلي باعتباره لا ينفصل البتة عن استقرار المنطقة والعالم .
ويكفي تأكيداً على كل ذلك التطمينات التي تضمنتها كلمات الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك أمين عام مجلس التعاون الخليجي وهما يحتفلان مع الأسرة اليمنية بمرور عام على توقيع المبادرة الخليجية التي ساهمت كثيراً في انتشال الحالة اليمنية من مخاطر الانزلاق إلى المجهول المخيف ووضعت – عوضاً عن ذلك - خارطة طريق تعبد المستقبل بالثقة والتفاؤل والخير .. وهو ما تجلى في هذه الخطوات التي قطعتها القوى السياسية على الساحة الوطنية خلال العام المنصرم من عمر الفترة الانتقالية التي أثبت فيها اليمنيون أنهم أهل حكمة حقاً .
في الثلاثاء 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 06:31:15 م