4 أعوام على التطبيع الإماراتي الإسرائيلي على حساب دماء الفلسطينيين
تصادف هذه الأيام ذكرى مرور أربعة أعوام على التطبيع الإماراتي الإسرائيلي علنا في خطوة جلبت رأس مال سياسي لأبوظبي في واشنطن وحسنت صورتها أمام داعمي الاحتلال، في صفقة مشبوهة انعقدت على حساب دماء الفلسطينيين.
تصادف هذه الأيام ذكرى مرور أربعة أعوام على التطبيع الإماراتي الإسرائيلي علنا في خطوة جلبت رأس مال سياسي لأبوظبي في واشنطن وحسنت صورتها أمام داعمي الاحتلال، في صفقة مشبوهة انعقدت على حساب دماء الفلسطينيين.
فقبل أربع سنوات- جرى توقيع اتفاق التطبيع سيئ السمعة بشكل رسمي، وتأتي ذكرى الاتفاقية هذا العام في ظل حرب وحشية يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في أسوأ جرائم حرب تُرتكب منذ الحرب العالمية الثانية.
في ذلك التاريخ وقع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني اتفاقيات تطبيع تعرف باسم اتفاقيات “أبراهام” في البيت الأبيض تحت العين المشرقة والساهرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وما تزال تلك الصورة للتصافح مخزية في أذهان الإماراتيين وفي عالم الإنسان، يشهرها الأشقاء العرب أمام الإماراتيين في كل مكان كإدانة للسلطة وعتاب على الصمت.
لعبة الاستراتيجية والدبلوماسية
بحسب موقع (uae71) المعارض لم يعترف معظم العالم العربي بـ”إسرائيل” كدولة منذ الاحتلال عام 1948، حتى تلك الدول التي بدأت التطبيع مثل مصر والأردن فإن احتمالات الحرب أكبر بكثير من بقاء السلام البارد.
وحتى وقت قريب كانت الإمارات تعتبر وجود “إسرائيل” تعدياً على الأراضي الفلسطينية، كان سرد المقاومة ضد الاحتلال جزءاً مهماً من الهوية والسياسة الوطنية الإماراتية، وفيما تركه الساسة يلتزم به الشعب الإماراتي.
دائماً ما اعتبرت الحكومات العربية تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي عاراً، بينما لا يزال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دون حل بمثابة خيانة لحقوق الفلسطينيين من قبل البعض، فيما ترفض الشعوب العربية جملة وتفصيلاً التطبيع، والإماراتيون ليسوا استثناءً من ذلك حتى بعد اتفاقية التطبيع.
منذ 2020 وحتى الآن تلعب القيادة في أبوظبي لعبة سياسية تحاول من خلالها تحقيق توازن بين فوائد اقتصادية أمنية من التطبيع مع الاستمرار في انتقاد بعض الإجراءات الإسرائيلية للحفاظ على المصداقية أمام الشعب الإماراتي والعربي الغاضب في ظل الدم المسفوك وجرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
لكن حتى الأهداف بالحصول على فوائد اقتصادية وأمنية من الاحتلال الإسرائيلي لم تحقق أهدافها، على العكس من ذلك حققت حكومة الاحتلال ما ترجوه من الاتفاقية فيما حققت أبوظبي تخليها عن فلسطين، في وقت العالم العربي من المحيط إلى الخليج يقف إلى جانبها، بل ومعظم دول العالم باستثناء من أوجد الاحتلال (الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض دول أوروبا).
سياسة من الخسائر
رغم مزاعم القادة الإماراتيين أنهم أقنعوا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم ضم الضفة الغربية، إلا أنها لم تلتزم بذلك، بل تواصل الضم الفعلي للمنطقة من خلال بناء المزيد من المستوطنات.
وارتفعت التكلفة السياسية التي تدفعها الإمارات في ظل جرائم الحرب في قطاع غزة. وحسب مجموعة الأزمات الدولية فإن اتفاقية التطبيع أصبحت تشكل “معضلة للقادة الإماراتيين، الذين يواجهون الغضب في الشرق الأوسط؛ حتى أنه أدى إلى مضايقة المواطنين الإماراتيين المسافرين في المنطقة، والإحباط داخل الدولة نفسها إزاء صمت الحكومة الملحوظ في مواجهة تدمير غزة وإصرارها على الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل”.
كما أن ارتفاع حدة التوترات في جميع أنحاء المنطقة يبخّر هدف أبوظبي المعلن المتمثل في أن اتفاقية التطبيع تمنح الشرق الأوسط السلام والأمن. فلم تغيّر الاتفاقيات “السرد وتجعل التعايش [العربي الإسرائيلي] ممكنًا” كما قال مسؤول إماراتي.
على العكس من ذلك؛ أكد الاحتلال الإسرائيلي أن من المستحيل التعايش معه وأن حرب كل دولة عربية -مجتمعة أو منفردة- احتمال قائم بذاته لم تغيّره أي اتفاقيات.
حتى الآن لا يشير القادة في أبوظبي إلى أنهم سينسحبون من اتفاقية التطبيع، لكنهم أيضاً يتجاهلون أبسط الاحتجاج على جرائم الاحتلال في غزة مثل تعليق التجارة مع “تل أبيب”، كما فعلت البحرين.
ورغم أن ذلك لن يؤثر كثيراً على اقتصاد الكيان الصهيوني، وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين إلا أنه يزيد من الضغوط الدولية لإنهاء الحرب، ويجنب الدولة بعض الانتقادات.
اقتصاد مع إسرائيل بدلاً من العرب
لأن أبوظبي ترفض تعليق التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي، كما فعلت المنامة، فإن التبادل التجاري ارتفع في 2023 إلى قرابة 3 مليار دولار بزيادة 17% مقارنة بالعام الذي سبقه عند 2.5 مليار دولار.
ورغم التباطؤ الذي حدث في 2023 خاصة في الربع الأخير من العام بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة إلا أنه سرعان ما ارتفع بحلول العام الجاري.
وبلغ حجم التجارة الثنائية 1.66 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024، بزيادة بنسبة 7% في التجارة مقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2023.
ويتناقض هذا بشكل صارخ مع إجمالي تجارة الاحتلال مع العالم الخارجي، التي انخفضت بنسبة 18%. كما زار أكثر من مليون إسرائيلي الإمارات بحلول عام 2023، بفضل 106 رحلات جوية مباشرة أسبوعية بين البلدين.
في عام 2023، كان هناك 1000 شركة إسرائيلية تعمل في الإمارات. وتسيطر الشركات المملوكة للدولة على معظم الاستثمارات مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعتبر أكبر صفقة شراء صندوق الثروة السيادي في أبوظبي حصة 22% في حقل غاز تامار الإسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط مقابل مليار دولار.
كما تعد أبوظبي المستثمر الرئيسي للاستثمار في تكنولوجيا الاحتلال، وتقع في القمة مجموعة 42 (G42) التي يديرها مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد، التي اختارت أن يكون أول مكتب دولي لها تفتحه على مستوى العالم في إسرائيل.
وعلى الرغم من أن وقف التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي لن يؤثر على أبوظبي اقتصادياً إلا أن استمرارها يكبد الدولة خسائر كبيرة، ويضر بأهدافها الاستراتيجية التي من بينها تحسين “الاتصال” عبر الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، لتصبح الدولة مركزاً للتجارة والخدمات اللوجستية بين القارتين.
لكن بقاء الدولة في صف الاحتلال الإسرائيلي ضد فلسطين يكبد سمعة الدولة -التي تحرص عليها- خسائر فادحة؛ حيث يقول معظم العرب والمسلمين إن التجارة مع أبوظبي تمثل دعماً للكيان، ومنفذاً للتطبيع الاقتصادي مع “تل أبيب”.
وهو أمر تؤكده استطلاعات الرأي حيث يرى 67% من المستجيبين في 16 دولة ناطقة بالعربية أن نهج الإمارات مع حرب غزة والقضية الفلسطينية سيئ أو سيئ للغاية، حسب استطلاع للرأي أجراه المركز العربي في واشنطن العاصمة في يناير الماضي.
تنضم هذه النسبة أيضاً إلى الحكومات العربية وتشير وكالة بلومبرج إلى أن جرائم الاحتلال “أدت إلى فقدان مصداقية الإمارات في العالم العربي الأوسع”، بما في ذلك الحكومات، حيث انتقدت الكويت علناً تطبيع أبوظبي مع الاحتلال، مؤكدةً عدم إحراز أي تقدم في عملية السلام منذ توقيع اتفاق التطبيع. الغضب ذاته جاء من الجزائر، وحتى من الجارة سلطنة عمان.
كما تزايدت التقارير عن مضايقة المواطنين الإماراتيين وسبهم عندما يسافرون إلى دول الجوار بسبب علاقة الدولة بالاحتلال -حسب مجموعة الأزمات- وهو ما سينعكس أيضاً على الاستثمارات الإماراتية في الخارج.