صحف إنجليزية .... تؤيد عدوان السعودية
26 سبتمبرنت/علي الشراعي..
بالرغم من الموقف الرسمي الظاهر للحكومة الإنجليزية التي كانت تعلن الحياد التام في حرب 1934م بين اليمن والسعودية كانت صحفها تعبر عن عدم خوفها من امتداد نفوذ السعودية بل كانت ترحب به في اليمن وتهاجم الإمام يحيى وتنتقده بقسوة بسبب مواقفه السابقة وانها تفضل ابن سعود .
احتلال اليمن
حيث أكدت مجلة ( سبكتيتور) الإنجليزية ( إن الملك ابن سعود صديق إنجلترا ... فإذا فرض واستطاع الملك ابن السعود في النهاية ان يضم بلاد اليمن إلى املاكه ويصير بذلك جارا لمنطقة عدن ) . فكانت صحفها في بداية الحرب تعبر عن قلقها وتناقش أوضاع الجزيرة العربية وتثير التكهنات حول نتائج وانتصارات ابن سعود ومع دخول قوات ابن سعود مدينة الحديدة جاهرت بتفضيل ابن سعود على الإمام يحيى . فقد تساءلت جريدة (الأوبزرفر) الإنجليزية في مقال لها عما يحدث لو تمكن الملك ابن سعود من اجتياح اليمن وضمه إلى ملكه الواسع فأجابت على تساؤلها هذا : بأن ولاية عدن المحمية ستكون جارته من الجنوب بدلا من اليمن وفي مثل هذه الحالة لا تقع متاعب لأن العلاقات بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية حسنة ... ).
فيما عبرت صحيفة المانشستر جارديان في مقال افتتاحى لها عن تلك الحرب بإشارة هامة إلى طبيعة علاقاتها السابقة بالإمام واهمية المعاهدة التي عقدتها معه في فبراير 1934م وان مشكلة الحدود لم تحل بعد بيننا وبين اليمن وأن ابن سعود إذا تم انتصاره فإنه سيرث هذه المشكلة وهو شخص ترتاح إليه حتى قالت : (... ولا ريب ان وجود حاكم قوى عادل في جوار عدن التي لها أهمية لا تقدر كمحطة لتموين البواخر بالفحم خير من رجل ضعيف طاغية محب للنزاع والمشكلات ). فيما اشارت صحيفة المورننج بوست ( .... إنه من المشكوك فيه أن ابن سعود يرغب فعلا باحتلال اليمن كله وهو ما كان يجب عليه عمله إذا استمرت الحرب إلى النهاية وخلع الإمام ) .
وهي بذلك تعبر بطرف خفى عما كان يستوجب عليه ابن سعود عمله وهو الاستمرار في الحرب . وفي مقال أخر لنفس الصحيفة ذكرت ( إن النزاع سينتهي متى بسط الملك ابن سعود نفوذه على المناطق الصحراوية السهلة وإن كان هناك من يعتقد انه لا يقنع بأقل من بسط سلطاته على كل بلاد اليمن ) .
منابع البترول
ومع إعلان الهدنة في 18 مايو 1934م أعلنت صحف انجليزية صراحة أنه من الأحسن والخير للإنجليز أن يحكم ابن سعود اليمن وأن يواصل حربه حتى يستولى على اليمن . وهذا الخط الواضح لموقف الصحف الإنجليزية يسير في خط موازي للرأى العام الإنجليزي وكلاهما ينبثق أساسا من موقف انجلترا التاريخي السابق نحو الإمام يحيى .
فقد نقلت صحيفة الأهرام عن صحيفة الأوبزرفر الإنجليزية مقالة هامة قارنت فيها بين الملك ابن سعود والإمام يحيى ومما يلفت له زمن نشر تلك المقالة أنها كتبت بعد وقف الحرب بخمسة عشر يوما مما يدل على محاولة اثارة الضغائن وبأن انجلترا كانت ترغب في إزاحة الإمام يحيى من حكم اليمن واحلال ابن سعود محله .
مرجعة ذلك إلى أن الإمام يحيى كان دائما عدو للإنجليز وانه أثناء الحرب العالمية الأولى وقف مع العثمانيين وساعدهم في مهاجمة عدن وكان يهدد دائما حدود محمياتهم وبالذات محمية عدن طيلة ست عشرة سنة السابقة في حين أن الملك عبدالعزيز بن سعود يعتبر صديق مخلص للإنجليز .
ولم تكن الصحف الإيطالية أقل نشاطا من الصحف الإنجليزية بل كانت تهاجم بريطانيا فقد ذهبت جريدة (رستودل كارلينو ) الإيطالية إلى ان إنجلترا تبذل للملك عبدالعزيز معاونة عظيمة فنية وعسكرية . كما تقول إن في اليمن ثروة معدنية مهمة وخصوصا منابع بترول غزيرة وهي التي تسعى إنجلترا إلى وضع يدها عليها وذلك بمساعدتها للملك ابن سعود .
مطامع استعمارية
وحاولت كل من بريطانيا وايطاليا وفرنسا استغلال الصدام بين اليمن ومملكة ابن سعود الاستفادة منه لخدمة مصالحها في البحر الأحمر . وبعد احتلال القوات السعودية لمدينة الحديدة سرعان ما ظهرت السفن الحربية الإنجليزية والإيطالية في ميناء الحديدة لأن تلك الحرب تهدد مصالحهما في المنطقة من ناحية ولتضارب هذه المصالح والأطماع فيما بينهما من ناحية ثانية . فقد انزلت كل من الدولتين انجلترا وايطاليا جنودهما إلى مدينة الحديدة بحجة حماية رعاياهم .
فمراسل الأهرام في روما يذكر إلى أن ايطاليا ارسلت ثلاث بوارج حربية إلى ميناء الحديدة بحجة وجود كثير من الإيطاليين في هذه المنطقة حيث توجد مستودعات كثيرة للبن وعدد من المستشفيات الايطالية .
فيما قصدت بريطانيا من ارسال سفنها إلى الحديدة منع القوى الاجنبية الاخرى من التدخل في الحرب . فإيطاليا التي ظلت تعتبر سواحل اليمن الغربية أرضا خلفية لمستعمراتها في الساحل الافريقي بالذات ارتيريا.
فقد أشارت صحيفة مورننج بوست الإنجليزية إلى أن هناك بعض الأجانب باليمن يعملون لحساب دولة أجنبية - تقصد إيطاليا - وأنهم شجعوا الإمام يحيى على خطته التى تنطوى على التحرش واثارة العداء مع جاره ابن سعود . و أن ما يعزز هذه الاقوال هو وجود عدد من الأوروبيين أسروا مع اليمنيين في المعارك بل وتتابع تهكمها على محاولة إيطاليا في مد نفوذها ومطامعها في الجزيرة العربية عامة واليمن خاصة