أمريكا والسعودية .. إنتاج الحروب لتغطية الأزمات الداخلية (1 من 2)
26 سبتمبرنت/ توفيق سلام
في مثل الحرب الراهنة ضد اليمن وحجم القوى المشاركة فيها إقليميا ودوليا تفسر الأجندات نظرية أهدافها الاستراتيجية العميقة في الجغرافية اليمنية التي أختيرت لشفير الحرب بوسائل الإكراه القهري التي تفرضها يد الإمبراطوريات العالمية الكبرى بمفاهيم الاستعمار القديم،
وهو ما يعني نسف مفاهيم السلام وقيم الحريات الديمقراطية في بواعثها وأهدافها ووسائلها وأساليبها وطابعها في سلسلة ترتيبات اجتمعت فيها المطامع الامبريالية والنزعة السيكوباتية التي تنتعش خارج جغرافياتها في تسخير الجهد العسكري في حالة من التطابق والتوافق بين تقاسم المصالح الأمريكية مع حلفائها الأوروبيين في تقاطع الأهداف التي تضمر نوايا شريرة أكثر عدوانية في فرض أساليب القوة لنفوذها التجاري والاقتصادي والعسكري، وفرض مؤامرة صمت على حالات متقدمة، أو ناجزة في تجارة بيع الأسلحة وتفعيل أسواقها في مناخات الحرب، وفرض مشاريع السلام دون الاستحقاقات التاريخية للقضية الفلسطينية وفق اشتراطات السياسة الامريكية -الصهيونية.
سياسة أمريكا تبحث عن فضاءات تعتاش عليها في تغطية أزماتها الداخلية بإنتاج الحروب، وإشعال الأزمات هنا وهناك، والبحث عن المواد الخام وهوس استمرار هيمنتها في لعب دور الشرطي، وصياغة سيكولوجية خبيثة تقدم للرأي العام الداخلي لتسويغ سلسلة من التدخلات العسكرية في شؤون العالم الثالث .
لقد استخلص محللون أمريكيون لأيام طويلة سياسات خارجية تضمن الهيمنة الأمريكية على العالم لصياغات تصب في محورين : جيو اقتصادي، وجيواستراتيجي، ومن هذا المنطلق يندرج مفهوم الغزو والاحتلال لليمن كمعطى في حلقة الارتباط الجوهري ضمن سلسلة التدمير للجمهوريات المناهضة لسياسات الهيمنة والنفوذ تجمع بين اللا أخلاق في ممارسة السياسة، وبين أفعال القوة والإفراط في استخدامها، وقد تجلى ذلك بوضوح في فداحة الأسلحة في جغرافية فقيرة مثل اليمن التي حولتها دول العدوان إلى حقل تجارب لتطبيق الأسلحة الغربية الحديثة الأكثر فتكا بالأرواح والبيئة، وبين تكريس حاضر تراجيديا تميل إلى إبطال مفاعيل الحراك الثوري الصاعد في النمو نحو الاستقلال والحرية واستعادة القرار السياسي المستقل.
وبين احتدام هذه الحرب ما أنفكت السعودية تراهن وهي تؤدي الوظيفة التدميرية تحت شعارات زائفة لمحاولة كسر العظم لهذا التحول الاجتماعي النوعي باستخدام الدعاية التحريضية المكثفة لتدفع بطواحين إعلامها في خط الغرفة الامريكية في إدارة الدعاية وبث الشائعات والهجوم المضاد على شبكات الفضائيات المضادة في سياق الجهد المنظم لعمل المراسلين والفضائيات العربية ومواقع التواصل الاجتماعي للتشبيك بالجوقة الغربية في تشويه الحقائق عن قصد في وقائعها وأحداثها الفعلية ومآسيها الفضيعة التي اجتمعت في تمويلها مراكز القوى الصناعية والمالية والاقتصادية لاستعراض منطق القوة، وفرد العضلات، وبرزت على واجهتها بالإنابة دول تحالف العدوان العربي وعلى رأس حربتها السعودية والامارات لشن الحرب في وقت كانت فيه اليمن تعاني من التفكك والاضطرابات الداخلية، فبدت الحرب غريبة في طبيعتها وسلوكها الفاشي، وأهدافها ومآلاتها الكارثية ووقعها المباشر على الحياة التي ضاعفت رأسيا وافقيا من حجم المآسي بصورة محزنة، فلم يسبق لشعب أن عاش سنوات طويلة هذا الحصار الكلي، وحجم القوى المشاركة فيها التي جلبت لها المرتزقة المحليين والدوليين ربما حدث ذلك في المقارنة مع حصار مدينة لينينجراد الروسية (سانت بطرسبورغ حاليا) الذي استمر عامين ونصف العام من قبل الفاشية الألمانية، ومع ذلك يظل حصار المدن اليمنية هو الأبشع في التاريخ الحديث والمعاصر، وإذا ما استدعينا الذاكرة لحصار بريطانيا التي انتهجت نفس السياسة في الحرب الاقتصادية لتجويع ومحاصرة مدن الشمال اليمني بعد الحرب العالمية الثانية 1918م عندما احتلت الحديدة وأغلقت ميناء الحديدة، وجعلت ميناء عدن حصريا مفتوحا على التجارة الخارجية، لتفرض بريطانيا شروطها على المملكة االمتوكلية اليمنية للاعتراف بها وبالتقسيم الانجلو عثماني الذي ابرم بين الدولتين الاجنبيتين المحتلتين لليمن 1914م.