ذكرى المجزرة ... بين روايات الأختفاء وحقيقة الاختطاف !
26 سبتمبر نت: علي الشراعي |
( أن هناك من يدفعنا إلى الاستجداء من السعودية والى كسب رضاها عنا ) اعتبر من اشد اعداء الرجعية والامبريالية ومثل انتصاره وعودته لسلطة احباطا لمشاريع واشنطن والرياض في جنوب اليمن .
(اثار المعارك على مبنى رصيف السياح التواهي هنا كانت الاشلاء وجثث كامله وانصاف جثث محروقه والدبابات مدمره ابراجها وتبعد عنها مئات الامتار عدن في 13 يناير 86 )
مرور 37 عاما على ذكرى احداث 13 يناير 1986م في عدن تكشف لنا اليوم حقيقة تلك الايادي الخفية الخارجية التى كان يهمها اختفاء عبدالفتاح اسماعيل عن مسارح الحياة السياسية والسلطة من خلال عدوان 2015م على اليمن .
معاداة السعودية:
حدد التقرير السياسي المقدم من قبل عبدالفتاح اسماعيل الى المؤتمر التوحيدي الذي عقد خلال الفترة 11 -13 اكتوبر 1975م في عدن على ( أهمية الايمان بوحدة المعسكر الاشتراكي الذي سيقطع الطريق على الامبريالية العالميه ) و فيما يتعلق بالسعودية اكد التقرير على ضرورة ( أن تحترم السعودية سيادتنا واستقلالنا وعدم التدخل في شؤون بلادنا ).
وعقب انتهاء المؤتمر الاول للحزب الاشتراكي في اكتوبر 1978م والذي انتخب فيه عبدالفتاح اسماعيل أمينا عاما .
ومع بدا تنفيذ الخطة الخمسية الثانية اعتبرها عبدالفتاح اسماعيل ومناصروه استمرارا لنهج سالمين وعلى ضرورة واهمية الاعتماد على البلدان الاشتراكية .
اما الاتجاه الثاني فقد كان يعتبر أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لليمن الديمقراطية ناجمة ليس عن كونه بلدا فقيرا بالموارد فحسب بل ايضا بسبب انغلاقه عن بلدان المنطقة وبالذات السعودية.
وكان من اصحاب هذا الاتجاه وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد صالح مطيع ( الرجل الأول للسعوديه ) وكانوا يدعون الى الانفتاح على بلدان المنطقة والحصول على مساعدات اقتصادية منها وذلك من خلال إقامة علاقات وثيقة معها وتقليل حدة المواقف السياسية والفكرية تجنبا لإثارة الفزع لدى هذه البلدان .
وحدث أن هاجم عبدالفتاح اسماعيل هذا الاتجاه إثناء افتتاح الدورة الانتخابية لمجلس الشعب في عام 1979م قائلا : ( أن هناك من يدفعنا إلى الاستجداء من السعودية والى كسب رضاها عنا ) .
وفيما كان هناك من يعترض على منح السوفيت قواعد عسكرية كان عبدالفتاح اسماعيل يعتبر أن وجود هذه القواعد يشكل ضمانة لحماية أمن الثورة والنظام
الوحدة اليمنية:
وجهت انتقادات لقيادة فتاح وسياسته التى كانت وراء فشل ثورة ظفار وأن قيادته لم تمنح دعما كافيا لقيادة ثورة ظفار ووقفت في طريق تطورها وذلك لاعتبارات اقليمية ودولية فيما كان موقف فتاح هو تقديم دعم غير مباشر لها وذلك لتجنب اليمن الديمقراطية احتمالات شن العدوان عليها من قبل السعودية ولتجنب خوض حرب بين اليمنيين قد تدفع اليها السعودية .
ولهذا استند فتاح الى فكرة دعم القوى الوطنية في ظفار دون تدخل مباشر . في حين تحول الدعم المقدم لفصائل وقوى الجبهة الوطنية الديمقراطية في شمال اليمن الى توريط عسكري كبير للقوات المسلحة لليمن الجنوبية بخلاف دعمه لثورة ظفار معتبرين أن عبدالفتاح اسماعيل وعبدالعزيز الدالي يمنيين شماليين ويعنيهم الوحدة مع الشمال اكثر من دعمهم لثورة ظفار ومما يؤكد رايهم هو اعلان فتاح استعداده للتخلى على الرئاسة لصالح رئيس اليمن الشمالي في حالة موافقته على الوحدة .
إزاحة و خيانة:
قابل ازاحة عبدالفتاح من السلطة في ابريل 1980م مشاعر من الارتياح والتى عبر عنها مختلف المسؤولين الاقليميين وبالاخص السعوديين للتغيير الحاصل في اليمن الديمقراطية فكانت أولى الجولات الخارجية التى قام بها علي ناصر محمد الى السعودية في يوليو 1980م .
تأكيدا لمصداقية الرغبة في اقامة علاقات حسن جوار وايحاء بأن الأمور لم تعد مثلما كانت ايام عبدالفتاح اسماعيل ولشرح ابعاد التغيرات الداخلية في اليمن الديمقراطية والتى رافقه بتلك الزيارة وزير الخارجية محمد صالح مطيع الذي ظهر انه مرتبط بعلاقات مشبوهة مع الرياض حيث قام خارج البرنامج البرتوكولي للزيارة السعودية الرسمية بحضور اجتماعات خاصة مع عدد من المسؤولين السعوديين.
وقد كشف فيما بعد عودته والرئيس الى عدن وثائق ظلت سرية أدانته بالتأمر على أمن البلاد أجبر على إثرها على الاقامة في بيته بانتظار تقديمه للمحاكمة ولم تعقد محاكمته الا بعد عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب الاشتراكي في اكتوبر 1980م حيث تقرر خلالها إعدامه .
مؤتمر العودة:
عقد المؤتمر العام الثالث للحزب الاشتراكي اليمني في 11 اكتوبر 1985م وحضره 426مندوبا يمثلون المحافظات اليمنية الجنوبية الست بالإضافة الى ممثلين عن القوات المسلحة ومنظمات الحزب في الخارج وذلك تحت شعار (لنناضل من اجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية ).
وبعد اربعة ايام اختتم المؤتمر العام الثالث اعماله وانتهب بالأجماع على ناصر محمد امينا عاما للجنة المركزية للحزب .
فيما انتخب عبدالفتاح اسماعيل وعلي عنتر اعضاء في المكتب السياسي وبذلك عاد عبدالفتاح اسماعيل لسلطة بعد ابعاده منذ عام 1980م ليشكل عقبة وئيدة امام قوى داخلية خارجية في تحقيق اطماعها في اليمن الجنوبي .
( لقد مثل عبدالفتاح اسماعيل بالنسبة لقاتليه زائدة ايديولوجية ورمزا وطنيا واسع الظلال إلى درجة سوف لن تسمح إذا ما بقي حيا ببروز شخصية أخرى تنافسه وقد كان قتله ضروريا لتظل أبواب التنافس الدموي مفتوحة أمام الجيل التالي لجيل القادة التاريخيين للجبهة القومية) .
روايات متضاربة:
نظرا لعدم معرفة الحقيقة على وجة الدقة فقد سيقت عدة فرضيات ومعلومات متضاربة لتفسير ضياع كل أثر له واختفاء جثته . ففى بادئ الأمر ذكر أن عبدالفتاح خرج من قاعة اجتماعات المكتب السياسي مساء في حوالى الساعة السابعة وهومصاب بجروح طفيفة في يده واتجه بمدرعة اقلته وعلى سالم البيض إلى مبني وزارة الدفاع وعندما تعرضت المدرعة لنيران أحد المواقع التابعة للقوات البحرية اقفلت راجعة حيث نزل منها علي سالم البيض وبقى فيها عبدالفتاح اسماعيل وبحسب الرواية الرسمية التى اعلنت في 10 فبراير 1986م فإن المدرعة أصيبت بعده قذائف صاروخية فدمرتها إلا أن لم يُعثر على أي أثر .
فيما تؤكد زوجة عبدالفتاح اسماعيل أنه اتصل بها هاتفيا ليطمئنها على حياته في اليوم الثالث للأحداث ! وتستشهد زوجته إنه كان يمكن في حالة ثبوت أنه قتل من جراء إصابة المدرعة العثور على دليلين طالبت بهما الأول خاتم زواجه الممهور باسمها والثاني إحدى فقرات ظهره المعالجة بمعدن غير قابل للاحتراق.
وهكذا أذيعت في عدن رواية رسمية أخرى تقول بناء على معلومات مختلفة إن المدرعة التي أقلت عبدالفتاح اسماعيل أوقفت في طريق عودتها على أحد الحواجز التابعة للقوات البحرية والموالية للرئيس علي ناصر محمد وانه اخذ كرهينة إلا أن جثته ألقيت في البحر بعد أن حسم الموقف لصالح المعارضين مما يفسر اختفاء الجثة !
ورواية ثالثة تزعم أن عبدالفتاح اسماعيل خرج مباشرة إلى منزل عضو اللجنة المركزية سعيد صالح وبقي فيه يتابع أعمال المقاومة ضد القوات الموالية للرئيس على ناصر محمد وفي اليوم الخامس وبعد جلاء الموقف العسكري وتقهقر قوات الرئيس وانسحاب قسم كبير منها إلى ابين معقل علي ناصر محمد ومسقط رأسه أقتيد عبدالفتاح اسماعيل من منزل سعيد صالح بحراسة قريب لسعيد صالح يدعى ( جوهر ) وهو الذى تولى قتله وإحراق جثته ودفن بقاياها في مكان لا يبعد كثيرا عن منزل سعيد صالح الذي تقلد بعد ايام منصب وزير أمن الدولة .
وتضيف الرواية ان قاتلة جوهر لم يكن يعرف شخصية من سوف يقتله وهذا بحد ذاته مدعاه للسخرية ان احد لا يعرف عبدالفتاح اسماعيل او انه لم يتخاطب مع قاتله ! وتسترسل الرواية ان جوهر أدرك خطورة عمله فيما بعد لتنتابه حمى الضمير فظل يردد لأيام متواصلة عبارة واحدة ( أنا قتلت الشعب لقد قتلت الشعب ) اما سعيد صالح الذي قال إن عبدالفتاح اسماعيل خرج من منزلة بمدرعه ولم يعد فقد تولى قتل جوهر مدعيا انه انتحر بعد ان أصيب بالجنون .
هذه العملية لم تكن على أي حال تدبيرا فرديا فقد كان هناك من يقف وراء سعيد صالح وثمة واحد على الأقل من القيادات كان يعرف من قتل عبدالفتاح اسماعيل وأين دفنت بقاياه هو الذي سوف يتدبر بعد عدة سنوات في يونيو 1991م قتل سعيد صالح .
حقيقة مخفية:
والسؤال هل سلم سعيد صالح عبدالفتاح اسماعيل لأيادي خارجية - ومازال الى يومنا هذا هناك قيادات على قيد الحياة تعرف الحقيقة فهي كانت شاهده على تلك المجزرة واحداثها - او أن هناك قوة من المارينز الأمريكي ومن خلال تواجد اسطولها السابع بالمحيط الهندي وقرب بعض سفنه البحرية من خليج عدن خلال احداث 13 يناير فقامت بعملية انزال وباختطاف عبدالفتاح اسماعيل عشية اتضاح الرؤية بانتصار المعارضة على قوات الرئيس علي ناصر محمد وفراره إلى شمال اليمن وبأن الرجل الأول عبدالفتاح اسماعيل المعادي للرجعية (السعودية ) والامبريالية العالمية (أمريكا) قد انتصر في احداث 13 يناير 1986م وعاد لرأس السلطة من جديد .
أضافة إلى تحذير الاتحاد السوفيتي لحكومة صنعاء بعدم التدخل بما يجري في عدن كون موسكو كان يهمها انتصار حليفها عبدالفتاح اسماعيل على الرئيس علي ناصر محمد الذي انفتح بعلاقات مع الغرب والسعودية مما هدد التواجد الشيوعي كنظام ودولة في عدن ؟ .