رمضان في الريف
تكاد تكون المظاهر الرمضانية في جميع الأرياف في اليمن متشابهة حيث الريف زراعي وسكانه لا بد تراهم كخلية النحل "مكيفين" بقران الصيام ببذل الجهد في الحقول، والمرأة غالبا ما تكون هي الأكثر نشاطا في تنفيذ العديد من الأعمال المساعدة مع شريكها الرجل، بما في ذلك الحراثة وجني المحاصيل أو الرعي أو تربية النحل، وفي أعمال تجميع المحاصيل من الفواكه والخضروات والحبوب والبقوليات والقات وتجهيزها استعدادا لنقلها إلى المدن لبيعها.
وفي الريف اليمني، تبدأ الاستعدادات لهذا الشهر من الأيام الأخيرة من شهر شعبان، حيث تزدحم الأسواق بغرض شراء المواد الغذائية الأساسية الكافية للشهر الكريم، على اعتبار أن الوقت في شهر رمضان ضيق، ولا يحتمل عناء التسوق والعمل في الحقل والمرعى، وفي السفر إلى المدن للبيع والتسوق كل يوم.
ويحرص أبناء الريف اليمني على أداء الصلوات في المساجد، وهم في رمضان الأكثر إعمارا لبيوت الله، حيث يبدأ الأغلب وخاصة كبار السن الاعتكاف على قراءة القرآن من بعد صلاة الظهر، فيما يستمر العاملون في المزارع وغيرها وكذلك الشباب في الحقول والبعض حاملا معه مائدة إفطاره.
قبيل آذان المغرب، يحضر أغلب ساكني القرية إلى المسجد حاملين معهم فطورهم الأولي المكون من: التمور والشفوت وقليل من الحامض، والبعض يحضر مائدة متكاملة يقصد بها عابري السبيل والضعفاء والمساكين استجابة من الجميع لقول الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله إلى البر والإحسان والتكامل الاجتماعي "من فطر الصائم" وتوضع هذه الموائد عادة في الساحات الخارجية من المساجد.
وفي القرى تنتشر عادات تكافل اجتماعي رائعة تطعم السائل والمحروم وابن السبيل بصيغة هي الأرقى، إنها كرم الضيافة، حيث تجد الكثير من أهالي القرى يحبذون تناول طعام العشاء على شرفات ظاهرة من بيوتهم أو على قارعة طريق أو في مزارعهم، كي يتمكن المارة من مشاركتهم دوائرهم الصغيرة حول موائد الفطور المكون من التمور والحامضة؛ خليط من الحلبة والليمون والخل والطماطم، والفتة من الحبوب البلدي بالسمن واللبن أو المرق البلدي، وهي كما تكون ضمن وجبة الفطور الشفوت وهي وجبة يمنية مشهورة يتناولها اليمنيون في شهر رمضان، وفي المناسبات، وأفضل ما يميزها في الريف أنها تعد باللحوح من الذرة البلدي والحقين الطازج والذي تعده النساء من حليب الأبقار.