رغم المجازر.. كيف كسبت المقاومة معركة غزة وقلبت السحر على الساحر ؟
26سبتمبرنت / عرب جورنال ـ عبدالرزاق علي ـ
يستعرض البعض الخسائر في صفوف المدنيين جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك بهدف التقليل من عملية "طوفان الأقصى" أو إدانتها.
ومع أن هذا الفريق أدان العملية أو استنكرها قبل أن يعرف نتائجها، إلا أن نتائج المواجهات التي اندلعت عقب العملية، تقول عكس ذلك تماما، بغض النظر عن قيمة وأهمية صفقة تبادل الأسرى التي تعدّ مدخلا لإيقاف الحرب لا نتيجة لها.
بالفعل، أراد الاحتلال أن رفع الكلفة على المقاومة من خلال ارتكاب مجازر في حق المدنيين، كي لا تقوم بعمليات مماثلة للطوفان، إلى جانب هدفه العام المتمثل في القضاء على المقاومة وتطهير القطاع منها، لكن ما حدث جاء على النقيض مما أراد.
بالنسبة إلى الجانب المتعلق بالمجازر، ظهر الاحتلال وداعموه على حقيقتهم من الناحية الإنسانية، كما دفعت مجازره ووحشيته شعوب العالم إلى التضامن مع القضية الفلسطينية. تحول الشارع الغربي إلى ورقة ضغط على حكومات بلدانه التي أعلنت في بادئ الأمر وقوفها التام إلى جانب الاحتلال.
يمكن القول إن اتساع الهوة بين حكومات تلك البلدان وبين شعوبها جعلها تراجع حسابتها، وتظهر بمواقف أقل تطرفًا.
إلى جانب ذلك، وحّدت جرائم الاحتلال بحق المدنيين موقف الشارع العربي والإسلامي، وإن تباينت مواقف حكوماته. كما فعَّل الشارع العربي سلاح المقاطعة بشكل غير مسبوق، حتى في البلدان التي ساندت الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفيما يتعلق بالجانب العسكري، لم يحقق الاحتلال هدفه الرئيسي المتعلق بالقضاء على المقاومة، ولا هدف رد الاعتبار لجيشه بعدما تهشمت صورته على إثر عملية "طوفان الأقصى". على النقيض من ذلك، ظهر الجيش الإسرائيلي أكثر ضعفا وهشاشة خلال وبعد مواجهات غزة. يمكن القول إن الاحتلال وافق على الهُدن التي كان يرفضها قبلا وبشكل قاطع، لأن الاستمرار في المعارك يعريه أكثر.
لقد ظهر جيش الاحتلال فاقدا للحيلة رغم امتلاكه الأسلحة الأكثر كفاءة وتطورا. وفق الأرقام والإحصاءات التي نشرتها المقاومة خلال المواجهات التي لم تنته بشكل تام حتى الآن، بدا أن جيش الاحتلال يخسر آلية عسكرية كل ساعة وعشرين دقيقة.
وإذا كان هدف الاحتلال من العملية التي أطلقها في قطاع غزة القضاء على المقاومة أو تأديبها بصورة تمنعها من تكرار عملية طوفان الأقصى، فإن نتائج العملية ـ حتى اللحظة ـ تشير إلى العكس. بمعنى أن المقاومة أدبت جيش الاحتلال بصورة تحول دون إطلاقه لعمليات عسكرية في القطاع مستقبلا.
وهنا يبدو تحديد نتائج الحرب بناء على عدد الضحايا المدنيين أمرا في غاية السطحية ومجرد مبرر لإدانة المقاومة.