
ربيع الأرواح
قراءة من كتاب شذى المعارف لمؤلفه القاضي د\ حسن حسين الرصابي .
نعم إن رمضان فرصة سانحة شبه فصل من فصول الزمان يورق فيه الشجر ويتفتح فيه الزهر وتطيب فيه التربة وتبارك فيه الحبة فتؤتي أكلها ضعفين أو أضعافاً كثيرة انه الربيع يتحينه الزراع ويترصدونه ليلقوا فيه بذورهم ويغرسوا فيه اغراسهم وشتلاتهم.
هكذا رمضان هو ربيع الأرواح كلما أزلفت فيه النفس من خير وبر يزكوا وينموا ويربوا صيامه وقيامه وصدقاته وجهاده وغدوه ورواحه كلها مباركة مضاعفة الأجر وحسبه ان فيه ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر .
وما أجد السائرين منا في هذه القافلة السماوية أن يضاعفوا اليوم جهودهم وان يستحثوا مطاياهم وركائبهم ليزدادوا اقتراباً من مثلهم العليا فليكن أول ما نبدأ به حين نستمع الى هذا النداء ان نلتفت التفاتة يسيرة الى الوراء لنحصي على أنفسنا سقطاتنا وزلاتنا ولنمحو بماء الندم ما مضى من تفريطنا في حق ربنا ولنوطد العزم على الجد والاستقامة في مستقبل أمرنا تلك هي حقيقة الاستغفار الذي جعله الله ضماناً للأمن والامان في هذه الحياة وفيما بعد هذه الحياة فقد قال سبحانه وتعالى مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33الانفال)).
فكان للأمة إذ ذاك حصانتان من البلاء حصانة بوجود الرسول صلى الله عليه وسلم بين ظهر انيهم وحصانة باستغفارهم لذنوبهم والآن وقد ذهبت الحصانة الأولى لم يبقى لنا إلا الحصانة الأخرى فان ضيعناها فلن يكون لنا منه ضمان ولا أمل قال تعالى ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ (الاعراف23)) فاذا ما قام المؤمن بإكمال هذه الخطوة بالتنزه والتطهر بقى عليه ان يتبعها خطوة إيجابية بالتجمل والتكمل والبناء والاناء فبعد أن تفرغ قلوبنا من ظلمات الميول الضارة يجب أن تملأها بنور الحكمة فليس الشأن كل الشأن في رمضان أنه شهر الجسد والمقاومة ولكنه فوق ذلك شهر الهدى والرحمة هدى ورحمة منشورتان على الأرض وهدى ورحمة مرسلتان من السماء, وفي شهر رمضان كانت غزوة بدر هي الواقعة العظيمة التي فرق الله فيها بين الحق والباطل فسميت غزوة الفرقان واعز الله الاسلام ودفع الكفر وأهله .
وشرائط وجوب الصوم ثلاثة – الإسلام – والبلوغ – والعقل ., وفرائضه خمسة اشياء – النية – والامساك عن الأكل والشرب والجماع , صوم رمضان بإكمال شعبان ثلاثين يوماً أو رؤية الهلال وثبوت رؤيته بعدل وفي قول عدلان واذا رؤي الهلال ببلد لزم حكمه للبلد القريب دون البعيد .
ما يفطر الصائم عشر أشياء:
- ما وصل عمداً إلى الجوف – ما وصل عمداً إلى الرأس – الحقنة من أحد السبيلين – القي عامداً – الوطيء.. – الإنزال عن مباشرة – الحيض – النفاس – الجنون – الردة .
درجات الصوم :
يقول الامام الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين ..
اعلم ان الصوم ثلاث درجات صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص .
أما صيام العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة , وأما صوم الخصوص فهو كل السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الانام , واما صوم خصوص الخصوص فهو صوم القلب عن الهمم الدنية والاذكار الدنيوية وكف عما سوى الله بالكلية .