لمحات عن الإمام علي عليه السلام..!!
لمن يكن الإمام علي عليه السلام تقياً ورعاً زاهداً فحسب بل كان عالماً يزيده العلم شرفاً، وعلواً، وسمواً كان عالي الهمة، راجح العقل،
لا يتردد في قول كلمة الحق ولا يخاف في قولها لومة لائم.. حتى لو كانت تحت ظلال السيوف.
كان عليه السلام نادرة من نوادر الدهر في زهده وإيمانه وتقواه، وعلمه وفقهه..
في صفاء فطرته، ونقاء عقيدته، وتوقد ذكائه.. وبعد رؤيته وفكرته، من أهم صفاته وسماته أنه ما كان له دين يحجزه وحسب ونسب يصونه وعقل وذكاء يرشده وحياء جم يمنعه، كان عليه السلام إذا جن عليه الليل أسرج مصباحه ووضعه قريباً منه، ووقف في محرابه متعبداً مصلياً وهو يتململ تململ السقيم ويبكي بكاء الذي فقد عزيزاً لديه إشفاقاً ورهبة من عذاب الله..
•تواضعه عليه السلام:
جاء في الأثر أن علياً- رضوان الله عليه- اشترى تمراً بدرهم، فحمله في ملحفته، فقال له رجل: أحمل عنك يا أمير المؤمنين..؟ فقال له: لا أبو العيال أحق أن يحمل.
كان عندما يمشي في الأسواق وحده، وهو والي يرشد الضال، وينشد الضائع، ويعين الضعيف، ويمر بالبائع والبقال، فيفتح عليه القرآن ويقرأ: قوله عزوجل"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً" القصص،"83".
وصدق رسولنا الكريم القائل:"لا يدخل الجنة من كان في قلبه خردلة من كبر".
أما غيرته عليه السلام كما جاء في قوله:"ألم يبلغني عن نسائكم أنهن يزاحمن العلوج في الأسواق، ألا تغارون..؟! من لم يغر فلا خير فيه، وقال أيضاً: الغيرة نوعان: حسنة جميلة يصلح بها الرجل أهله، وغيره تدخله النار"..
•علو همته ومكانته عليه السلام:
يقول رسولنا الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام:"من آذى علياً فقد آذاني"..
ودعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه فاطمة والحسن والحسين سيدا شباب الجنة، فقال: "اللهم هؤلاء أهلي".. وقال رسولنا الأعظم عليه وعلى آله الصلاة والسلام: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاده"..
وجاء في الحديث النبوي الشريف: "من سب علياً فقد سبني".. رواه أحمد في مسنده.. وجاء في الحديث الذي أخرجه مسلم والترمذي-: "أنه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق".
وجاء في الحديث النبوي الشريف الذي رواه عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: "خرجنا مع رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام إلى بستان نخيل امرأة من الأنصار، فجلسنا تحت ظلاله، فقال عليه الصلاة والسلام:"يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، فطلع أبو بكر، فبشرناه، ثم قال:"يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، فطلع عمر فبشرناه، ثم قال: "يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، وجعل ينظر بين النخيل ويقول: "اللهم إن شئت جعلته علياً" فطلع علي رضوان الله عليه.. وفي غزوة خيبر نال علي عليه السلام أعظم وسام وأرقى شهادة، عندما قال عليه الصلاة والسلام في هذا اليوم: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله علي يديه" فبات الناس يخوضون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجون أن يفوزوا بهذا الوسام العظيم.. فقال:"أين علي بن أبي طالب..؟". قالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله. قال:"فأرسلوا إليه".. فلما جاء بصق في عينيه، ودعا له، فبرئ حتى كان كأن لم يكن به وجع، وأعطاه الراية، وقال له:فو الله ليهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حُمر النعم" أخرجه البخاري فالإمام علي عليه السلام شهد كل الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا غزوة تبوك، والتي طلب النبي عليه الصلاة والسلام من علي- رضوان الله عليه- أن يكون خليفة على المدينة، لكن هذا الطلب كان غريباً على المقدام الشجاع البطل علي عليه السلام، فسأل رسول الله: هل هذا الأمر بسبب تقصير منه، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء..؟!
فما كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن رد عليه بجواب لم يخطر على الإمام علي عليه السلام، قال عليه الصلاة والسلام:"ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي". ما أعظمه من وسام، وما أشرفه من وشاح في زمن نادر وفريد لا نظير له..
•كلمات مضيئة:
يحكى عن الشعبي قال: وجد علي بن أبي طالب درعه عند رجل نصراني، فأقبل به إلى القاضي شريح يخاصمه..فجاء الإمام علي عليه السلام-فقال: هذه الدرع درعي، ولم أبع، ولم أهب، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟
فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكذاب، فالتفت شريح إلى الإمام علي قائلاً: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟
فضحك الإمام علي- رضوان الله عليه- وقال: أصاب شريح.. مالي بينة.. فقال هل من شهود؟ قال معي ولدي الحسن، قال:لا يشهد لك، قال الإمام علي عليه السلام:" أما سمعت بحديث رسول الله قوله:"الحسن والحسين سيداً شباب أهل الجنة" قال لا يصح أن يشهد لك.. فقضى بالدرع للنصراني فأخذه النصراني ومشى خطى ثم رجع- عليه تأنيب ضمير- قال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء أمير المؤمنين يدنيني إلى قاضيه، ويقضي عليه.؟ أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين فحياة الإمام علي عليه السلام حافلة بالبطولات الرائعة والمواقف الباهرة والمشاهد النادرة رحم الله أبا الحسن كان بحق علم الهدى وحصن التقى ونور السرى في ظلمة الدجى ولا يجد طعم الإيمان الحقيقي إلا الشهيد حتى يعلم أن ما أصابه، لم يكن ليخطئه، وما أخطاءه، لم يكن ليصبيه..!!
فإلى جنات الخلد يا أبا الحسن- رضوان الله عليك.