هي غزة وكأنما هي كربلاء
الشاعر والأديب / عبدالله الطيب /
الموت يجتاح المدينة
و الأسى.. ليل طويل
و الناس تبحث عن ضياء الصبح أو ضوء ضئيل
و أظافر الأيام يكبر خدشها
و الخوف غطى الدرب و اجتاح النخيل
و الناس تعبر فوق أشلاء الزهور
دماؤهم في الدرب شلالٌ يسيل
و الأرض تمضغ حزنها
غصت بها الأوجاع أنهكها العويل
و سماء هذا اليوم تنزف جرحها
و تشيع الأقمار و الأمل الظليل
غضبت من الذل الذليل
من أين يأتينا الأمل
و الصبح همهم في الرحيلِ ِ
مودعا ً شمس الأصيل
فتأوه الطيف الجميل
وا غزتاه وا غربتاه
هي غزة ٌ و كأنما هي كربلاء
نفس المَـجازِر و التدهور و البكاء
و كأنما في (الطف) صرختها تنادي الأبرياء
وا غزتاه وا غزتاه
وا غربتاااااااه ...
طفل بريء ٌ فوق صدر الدرب يصرخ في الهواء
أماه قومي لا تنامي في العراء
الخوف يا أمي يطاردني كظلي في الأزقة و الخواء
تتطاير الأشلاء في رحب الفضاءِ
فتعثر المسكين أعياه البكاء
و ظلّ يبحث في السؤال
عيناهُ تسأل و المواجع حوله تمحو الضياء
و عواصف الأحزان تطحن في المنازل و البشر
أين الجداول والمزارع و النهر
أين السماء؟؟؟
أين الزهر؟؟؟
أتموت غزة في سيوف الأشقياء؟؟؟
و تغيب في ليلِ البلاء؟؟
و نقول ها هو ذا القضاء؟؟؟
وا حسرتاه
وا أمتاه
و بدا يغالبه النعاس فمرّة ً يبكي
و أحيانا ً يغيبُ مع العناء
و يعود من فزع ٍ ليبكي حزنه القاسي لأحلام المساء
يتأوه المسكين.. ينظر للوراء
حتى تدهورَ في المتاعب و انطوى صوت الرجاء
و كأنما عاد الجواب يحفه ُ همس الرجاء
من بين أنغام السحاب
و مدامع الأطفال ... أصوات النساء
الأرض تبقى أرضنا
لا لن تموت و لن تصير لغيرنا
رغم النوائب و القهر
ستظل غزة أرضنا
مهما جنى كف القدر
و تعود أرضي كالسناء
و يعود للطير الغناء
...
من صرخة الجرحى .. دماهم .. من كفوف الورد
من صمت الحجارةِ
سوف ينتشر النهار
من دمعة الأيتام من صبر الأرامل
سوف ينفجر القرار
من همسة الأطفال روح الطهر يزدهر المدار
هم كلما عاثوا بأزهار الخميلة
كلما داسوا على الأرض الجميلة
كلما زادوا دمارا ً و انهيار
إلا وهذي الأرض تهفو لانتصار
إلا وهذي الأرض تهفو لانتصار .