السفير والسياسي المخضرم عبدالله سلام الحكيمي لـ« 26 سبتمبر »:دور أنصار الله تاريخي في مواجهة تحالف العدوان والاحتلال الإمبريالي الصهيوني
إرسال قوات أميركية وبريطانية وصهيونية بغير البستها إلى الأراضي اليمنية مؤشر قوي على هزيمة التحالف
التحالف جعل مما يسمى "الشرعية" واجهة لتبرير عدوانه واحتلاله اليمن وهي في اسوأ وأضعف حالاتها
سياسي وسفير يمني مخضرم يعيش في المنفى منذ نهاية سبعينات القرن الماضي،
قرأ الأحداث السياسية والعسكرية ويحللها وفق تراكمات كبيرة من الخبرة والأحداث التي شهدها وقرأ عنها خلال مشواره الطويل في المجال السياسي.. انحاز لليمن الأرض والإنسان في مواجهة تحالف العدوان، لم يكن بوقا كبقية الأبواق الرخيصة مدفوعة الأجر مسبقا.. لا يزال متمسكا بقوميته العربية التي آمن بها وناضل من أجلها.
يقول السياسي الحكيمي في حوار أجرته "26سبتمبر":"إن الحرب ستصنع من اليمن قوة عسكرية وسياسية إقليمية لا يستهان بها أبدا"، معتبرا أن الحروب التي تواجهها الأمم إما أن تصنع منها أمة عظيمة أو تدفعها الى الضياع .. متطرقاً إلى جملة من القضايا السياسية والعسكرية على الساحة الوطنية في الحوار الآتي:
حوار: محمد العلوي
* معركة تحرير مارب.. ما الذي تعنيه بعد سبع سنوات من الحرب على اليمن؟
** معركة تحرير مارب شأنها كبقية المناطق اليمنية التي تم تحريرها ومنها محافظات بكاملها تدل على أمرين رئيسيين:
الأول: إن قيادتنا الوطنية الثورية نجحت نجاحا باهرا في قيادة الشعب والجيش واللجان الشعبية، إنطلاقا من الصفر تقريبا إثر التخريب والتدمير الذي سبق الحرب على اليمن الذي مهدت له أدوات أمريكا من السعودية والامارات، لمواجهة المشروع الاستعماري الذي يستهدف اليمن وتفتيت وحدته وكيانه الوطني ونهب ثرواته ، وهو مشروع إمبريالي صهيوني رجعي، جعل من السعودية قائدة له لتتحمل تكاليفه واوزاره معا حيث استطاعت وتمكنت القيادة أن تعيد مقومات القوة الوطنية لليمن من بين الركام، وان تصمد أولا في التصدي للاجتياح العسكري الغاشم والحصار الظالم لتنتقل الى توجيه ضربات موجعة لقوى الاحتلال ودحرها من مناطق واسعة شيئا فشيئا مع تنامي القدرات العسكرية لليمن لأول مرة في التاريخ تطويرا وتصنيعا التي انتقلت من التطور الاستراتيجي النوعي ونقل معركة المواجهة إلى عمق أراضي العدو.
الأمر الثاني أن تحالف العدوان والاحتلال برغم امتلاكه أسلحة الدمار الكلي وأكثرها تدميرا وفتكا التي زود بها ولايزال تزوده به القوى الامبريالية وبرغم كل الدمار والخراب الذي احدثه في بلادنا اليمن قتلا للشعب وتدميرا لكل مقومات الحياة على محدوديتها، إلا انه على مدى سبع سنوات متواصلة شهد تفككا لقواه المتحالفة على الشر و وتركته دول في منتصف الطريق بعد أن تبين لها بأن هدف التحالف غير ما أعلن عنه في بادئ الامر، وهكذا مني التحالف بانكسارات متتالية وهزائم متلاحقة وتراجعات واسعة، وهو ما يعني انه انهزم في هدفه الرامي إلى اخضاع اليمن لإرادته وتمزيقه وشطب كيانه الوطني من على الخارطة السياسية.
لذلك معركة تحرير محافظة مارب تعتبر بحكم المحسومة والمحررة، تكتسب اهمية قصوى من حيث انها كانت القاعدة الاساسية والكبرى التي كدس فيها تحالف العدوان والاحتلال قواته العسكرية وأسلحته وجعلها منطلقا لاستهداف اليمن غربا وشرقا وجنوبا وشمالا، وحصن قاعدته هذه بأحدث منظومات الدفاعات الجوية كمنظومة الباتريوت وغيرها لحمايتها، ومن هنا أعتبر بحق أن تحرير مارب هو إعلان صك هزيمة العدوان عسكريا وسياسيا وما تبقى الا مجرد تداعيات وارتدادات لزلزاله لن تستمر الا قليلا.
* ما حجم التدخلات الأمريكية البريطانية في الحرب على اليمن بشكل عام ومعركة تحرير مارب بشكل خاص؟
** الواقع أن الحرب العدوانية على اليمن في الحقيقة هي فكرة وإعداد وتحضير الإدارة الأميركية، أوكلت لعملائه الاقليميين تصدرها وتبنيها تهربا من تحمل تبعاتها اللاحقة وتكاليفها ونتائجها، وتحميل عملائهم الاقليميين السعودية والإمارات لاحقا وما سوف ما يترتب عليها من افدح كارثة إنسانية في العالم، تسبب بها تحالف العدوان جراء الحرب والحصار بشهادات المنظمات الدولية نفسها هذا بصفة عامة، لكن بصفة خاصة لاحظنا في الآونة الاخيرة، مع تسارع الانكسارات والتراجعات والهزائم المتتالية التي مني بها ولايزال التحالف يمنى بها، هو ارسال قوات أميركية وبريطانية، وربما صهيونية بغير البستها إلى المناطق الشرقية والجنوبية من اليمن منها سقطرى والمهرة وحضرموت"، وعلى نحو عابر سبيل في عدن ولحج وأبين، ووصول هذه القوات تحديدا إلى هناك مؤشر قوي على عمق الهزيمة التي مني ويمنى بها التحالف واخفاقه في تحقيق اهدافه العسكرية وايضا كنوع من تعزيز معنوياته المنهارة على انه من حيث حجم هذه القوات وطبيعة انتشارها لا تمثل قوة استراتيجية قادرة على انتشال التحالف من هزيمة تمسك بتلابيبه من كل جانب.
* كيف تقرؤون المشهد السياسي والعسكري لمرحلة ما بعد مارب؟
** محافظة مارب جميع مديرياتها بحكم المحررة، لكن استكمال السيطرة على الجزء المتبقي منها في مديريتي الوادي والمدينة واستعادة السيطرة على منشآت النفط والغاز في صافر ومحطة الكهرباء الغازية وكلها في مديرية وادي عبيدة شمالا، ستكون بداية لمرحلة الحسم النهائي في المواجهة مع تحالف العدوان وقوى الاحتلال المفكك سياسيا والمضعضع عسكريا والمنهزم نفسيا لذلك أن السيطرة على مارب بالكامل فعليا ستكون اضافة إلى محافظة البيضاء جنوب شرق مع مديريات بيحان شبوه الثلاث، سيفتح الطريق نحو مواجهة التحالف الشرير في المحافظات الجنوبية غربا" ابين الضالع لحج عدن، وفي اتجاه الشرق نحو باقي محافظة شبوه وحضرموت المهرة ومن ثم سقطرى.
في تصوري أن المواجهة الساخنة وطويلة المدى سوف تتركز في الأخير بين قوات الجيش واللجان الشعبية وأنباء المحافظات الشرفاء من جهة، وقوات تحالف العدوان ومرتزقته حول ما يسمى "اقليم حضرموت" أساسا فيما تبقى من شبوة وحضرموت والمهرة، اما مناطق الغرب في أبين والضالع ولحج وعدن، فسوف تتحرر من سيطرة تحالف الاحتلال سريعا قبل تحديد خط المواجهة الأخير، في اتجاه حضرموت التي ستكون عرضة لحرب استنزاف طويلة المدى وبنفس طويل، في اطار استراتيجية عدم تمكين قوات التحالف من الاستقرار وتثبيتها في مواقعها دون تحقيق تقدم لأطول مدى واشغالها المستمر بمعارك هنا وهناك لاستنزاف قواها وتشتيت تمركزاتها وبث روح الاحباط واليأس والهزيمة في اتباعها واستمرار الحوارات والتفاهمات مع مكونات وشخصيات وقبائل المنطقة كما حدث من قبل في البيضاء وشبوة ومارب في تضافر للجهد الوطني الشعبي والعسكري لهزيمة وطرد المعتدي الغازي المحتل للوطن.
* ما مستقبل حزب الإصلاح أوما يسمى بـ"الشرعية" بعد تحرير مارب,, وفرصة تواجدها في المحافظات الجنوبية لاسيما في شبوة ووادي حضرموت؟
** حزب الاصلاح هو الاقوى من بين المجموعات التي انخرطت في إطار تحالف العدوان الأميركي إلى جانب الحزب الاشتراكي والوحدوي الناصري والسلفيين والقاعدة وداعش و"الانتقالي" وبقايا نظام علي صالح، جميعها قاتلت تحت راية التحالف المحتل للأرض اليمنية، وهم يشكلون ما يسمى بـ"الشرعية" العميلة للتحالف، هذه "الشرعية" في اسوأ واضعف حالاتها منذ بدء الحرب على اليمن، ولو لم تكن هناك حاجة لها من قبل التحالف إلا كمشرعن لمشروع احتلال اليمن وحصاره، لكان تركها ورماها جانبا منذ وقت مبكر، لكن التحالف اختار ان يستفيد منها كواجهة لتبرير عدوانه واحتلاله وتحميلها اوزار جرائمه البشعة من ناحية لذلك عمل التحالف على مواجهتها وشكل مجاميع مسلحة وزودها بالمال والسلاح والدعم لمحاصرتها وضربها من الداخل كـ" الانتقالي" وجماعة السلفيين ومجموعات "بقايا نظام صالح"، وزج بالجميع في حرب ضد الجميع.
وأعتقد بأن الإصلاح تحديدا حين شعر التحالف بانتفاء حاجته له سيفتح عليه ابواب الجحيم وسينكل به تنكيلا شديدا وسيعمل على ملاحقتهم في كل مكان، أما بقية الاطراف فلا تشكل أي خطورة مثل "الاشتراكي والناصري" وغيرهم وسيكون عليهم إما أن يستمروا كمخبرين للتحالف بشقيه السعودي والاماراتي والقوى الدولية التابعين لها أو يقطعوا عنهم حبل المال ليموتوا، لذلك مستقبلهم يبدو قاتما، وهكذا عندما تبدأ مرحلة مفاوضات التسوية السياسية سيأتي تحالفهم برجال آخرين يختارهم ليقطفوا الثمار وذلك على حساب مرتزقته المكونين لما تسمى بـ"الشرعية".
* كيف تقرأ الانهيارات العسكرية والسياسية المتلاحقة بحق التحالف ومرتزقته في مختلف الجبهات؟
** الانهيارات والهزائم المتلاحقة التي تسارعت مؤخرا في البيضاء ومارب وشبوة والساحل اليمني الغربي بعد سبعة أعوام من الحرب والحصار على اليمن، كان امرا متوقعا وحتميا، وذلك لانه لا أفق ولا قضية لهم وكل أهدافهم اخضاع اليمن وتدميره وتمزيقه وشطب كيانه الوطني من الخارطة، ووضع اليد على ثرواته وتحويل اليمنيين إلى خزان بشري هائل من المرتزقة، رخيصي الاجر بعد تجويعهم تحت الطلب لاستخدامهم وقودا لتحقيق اجنداتهم الشريرة في مناطق مختلفة من العالم.
لم يكن هناك أي قاسم مشترك يجمع المرتزقة الذين انخرطوا للقتال في صفوف وراية تحالف العدوان ضد اخوانهم في الوطن سوى المال وماعدا هذا الرابط الذي يجمعهم فهم خليط متنافر ومتضارب من المشارب والاتجاهات والمصالح، وفي مقابل هذا الشتات المتنافر كانت جماعة أنصار الله وحلفاؤهم يقودون المقاومة الجبهة الوطنية من الشعب والجيش واللجان الشعبية في مواجهة قوى الاحتلال من منطلق وطني تحرري واضح وبقيادة واحدة تملك رؤية واستراتيجية واحدة ذات اهداف محددة وبتحرك متناسق ومنظم وبانسجام تام في كل جبهات مقاومة العدوان.
لهذا كله كان الفشل معروف وجهته من البدء والنصر معلوم وجهته ايضا، وكان من يدافع عن الارض والعرض والسيادة والكرامة الوطنية هو المنتصر ومن يقف في المقلب الآخر مهزوم حتما بفعل قوانين التاريخ وتجاربه كلها.
* يصفك الكثير بـ"الحوثية".. أين تكمن وتجد مواقفك السياسية؟
** موقفي الوطني واضح.. أنا دائما أقف مع وأؤيد دون تحفظ كل من يدافع عن الوطن ويتصدى للغزو والاحتلال الاجنبي ولو كان عدوي و"حركة انصار الله" برزت كحركة تحررية ثورية في مواجهة عدوان واحتلال امبريالي صهيوني رجعي متحالف للعام السابع على التوالي وقدمت تضحيات جسيمة وعظيمة لهذا الهدف وهو دور تاريخي لم يسبق لأي حركة وطنية يمنية ان نهضت بمثله من حيث المدى الزمني وحجم التضحيات وعظمة البطولات والتضحيات في التاريخ اليمني كله فإذا كان وصفي وليس اتهامي لأنها ليست تهمة بـ"الحوثية"، لهذا السبب فشرف كبير أن أكون كذلك، رغم أني لست كذلك للأسف لكن في اعتقادي إن حركة أنصار الله استطاعت باقتدار وجدارة أن تطرح نفسها حركة تحرر وطنية كبرى على مصاف الحركات العالمية التي غيرت مجرى التاريخ، وهذا حكم نتركه للتاريخ والتاريخ لا ينطق عن الهوى، وإذا كانت المبادئ والمواقف السياسية تقاس بالمضمون وليس بالشعار فإني أجد أنصار الله في مسيرة التحرر الوطني ومواجهة قوى الهيمنة والاستكبار الامبريالية الصهيونية الرجعية معبرة تماما عن مواقفي السياسية بصرف النظر عن اختلاف المسميات والعناوين.
* برأيك ما التحولات السياسية والعسكرية القادمة؟
** هناك مؤشرات قوية تشير إلى أن اليمن سيخرج من براثن الحرب العدوانية الهمجية والمجرمة، كقوة عسكرية وسياسية إقليمية لا يستهان بها أبدا وذلك لأول مرة في تاريخ اليمن، لأن الحروب التي تواجهها الأمم إما أن تصنع منها أمة عظيمة أو تدفعها الى الضياع وفقا لطبيعة القيادة التي تتولى قيادة مسيرتها في إدارة الحرب والسياسة، وما من أمة نهضت من بين ركام الحرب ومآسيه إلا كانت وراءها قيادة تاريخية تمتلك قضية ومشروع ذات إيمان وطني، نقية الذمة واليد، نذرت حياتها لرقي ونهضة أمتها وهذا ما نأمله من قيادة أنصار الله لمسيرة البناء الوطني والمستقبل الزاهر لليمن وطنا وشعبا أما تحالف العدوان فهو إلى هزيمة محققة سائر بكل ما لذلك من تداعيات عميقة وخطيرة ستنعكس على دعاة وبناة السياسية والاقتصادية، ربما افضت إلى تمزق كياناتها وأوطانها، واعتقد أنها ستتوارى وتنكفئ على نفسها وسيتقلص تأثيرها ونفوذها الإقليمي إلى حد كبير خلال المستقبل القريب.
* ما الدعوة التي يوجهها السياسي المخضرم عبدالله سلام الحكيمي لأبناء الشعب اليمني؟
** دعوتي لكل اليمنيين الأحرار بعد أن تبين لهم بما لا يدع مجالا لأي شك حول النوايا الاستعمارية التدميرية التمزيقية من تحالف العدوان المدعوم أميركيا وغربيا وصهيونيا بأن المستهدف هو اليمن أرضا وإنسانا بما يشطبه من خارطة الوجود وعلى أبناء الشعب اليمني أن يوحدوا صفوفهم ويأخذوا العبرة من تجاربهم المريرة، ويقفوا صفا واحدا متراصا للدفاع عن وطنهم ضد الغزاة المعتدين الاجانب ومخططاتهم الشريرة المعادية للشعب والوطن كما عليهم أن يستعدوا لمرحلة إعادة البناء والتنمية الوطنية وإقامة دولة القانون والعدالة والمواطنة المتساوية ليصبح اليمن عزيزا قويا ومزدهرا، والحفاظ على السيادة والكرامة والاستقلال الوطني لهم ولأجيالهم القادمة ومن بعدهم.. فوطن لا نحميه لا نستحقه.