محليات

عميد مركز المياه والبيئة والتغيرات المناخية بجامعة ذمار لـ« 26 سبتمبر »:دخول حوض ذمار المائي المرحلة الحرجة

عميد مركز المياه والبيئة والتغيرات المناخية بجامعة ذمار لـ« 26 سبتمبر »:دخول حوض ذمار المائي المرحلة الحرجة

قال عميد مركز المياه والبيئة والتغيرات المناخية في جامعة ذمار، الأستاذ الدكتور نبيل محمد العريق، إن: "التحديات الحقيقية التي تواجه اليمن في الوقت الراهن هي الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، بالإضافة إلى الحفر العشوائي وعدم تنظيم حفر الآبار".

وأضاف أن بلادنا تقع ضمن مؤشرات الخطر بين أكثر بلدان العالم في حفر الآبار والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، مؤكداً أن حوض ذمار المائي يتجه بالدخول ضمن المرحلة الحرجة نتيجة الاستنزاف الجائر والتوسع المستمر لحفر آبار المياه الجوفية.
وأوضح عميد المركز أن التشققات الأرضية التي ظهرت في مختلف مديريات ذمار وبعض المناطق اليمنية تقع ضمن مرحلة الخطر المتدني إلى المتوسط، وتحدث في القيعان والأحواض الرسوبية الفتاتية والطينية.
وأشار إلى أن تلك التشققات مرتبطة بالوضع التكتوني لليمن وتتأثر بالهزات الأرضية ولكنها لا تسبب الهزات، مبيناً أن طول بعض التشققات يصل إلى 4 كم وبعمق بين 5- 200 متر حسب عمق الرسوبيات في أكثر التوقعات.

حوار: محمد العلوي- فهد عبدالعزيز

حدثنا عن مهام واختصاص مركز المياه والبيئة والتغيرات المناخية في جامعة ذمار؟
<< تم إنشاء المركز حديثاً للاهتمام بقضايا المياه والبيئة والتغيرات المناخية، ويهتم بالمخاطر الجيولوجية والبيئة ومخاطر التغيرات المناخية لا سيما الفيضانات، والجفاف وشحة المياه.
كما يعنى المركز بأعمال الدراسات الفنية والاستشارات والتدريب وكل ما يتعلق بدراسات المياه والبيئة والتغيرات المناخية.

الشراكة الواسعة
ما الاستراتيجية التي يعمل عليها المركز ويسعى إلى تحقيقها؟
<< يسعى المركز إلى الدخول بشكل كبير في شراكة مع الجهات ذات العلاقة والمصلحة من هيئات ومؤسسات المياه والبيئة والمجتمع لتحقيق الأهداف وتقديم الخدمات على مستوى الوطن والمجتمع فيما يتعلق بمجالات المياه والبيئة والتغيرات المناخية، والتدهور الكمي والنوعي للموارد المائية، بالإضافة إلى فتح برامج للدراسات العليا مستقبلا في مجالات المياه والبيئة والتغيرات المناخية.
ويعمل المركز وفق استراتيجية الشراكة والتعاون مع مختلف المؤسسات ذات العلاقة، منها وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية والهيئة العامة للموارد المائية، ومؤسسات المياه الأخرى، وهيئة حماية البيئة والجهات المختصة التي ترتبط بالمياه والبيئة.

الاستنزاف والحفر العشوائي
أين تكمن التحديات الحقيقية التي تواجه المياه والبيئة في بلادنا؟
<< التحديات الحقيقية التي تواجه المياه في اليمن تكمن في التدهور الكمي للمياه بسبب الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، إلى جانب الحفر العشوائي وسوء استخدام مصادر المياه، والتوزيع غير العادل للمياه، وكذلك النزاعات المتعلقة بالمياه.
أيضا التدهور النوعي للمياه بسبب تلوث بعض المصادر الذي يمثل تحدياً كبيراً أمام الأهمية في تقديم جودة المياه، التي بدأت تخف في كثير من المناطق، ومن التحديات التي تواجهها بلادنا، السيول والفيضانات التي تحتاج إلى معالجات جادة من خلال الاهتمام بالدراسات الفنية العلمية والتقنية الخاصة بحصاد مياه الأمطار والسيول والاستفادة من الفيضانات وسيول الأمطار في تغذية المياه الجوفية وري الأراضي الزراعية في مواسم الجفاف.

التشققات الأرضية
ظهرت تشققات أرضية في جهران وبعض المديريات بضوران ووصاب السافل.. إلى ماذا يرجع ذلك؟
<< موضوع التشققات الأرضية من الظواهر والمخاطر الجيولوجية الموجودة في عموم مناطق اليمن وليست في محافظة ذمار فقط، حيث أجرينا دراسات بحثية ومسوحات ميدانية في هذا الجانب، وكما أسلفت هي موجودة في عدة محافظات يمنية، وظهرت بعض التشققات مؤخرا في مديرية وصاب السافل.
هنا لا بد لنا أن نوضح نقطة مهمة جداً بأن التشققات الأرضية ظاهرة جيولوجية تركيبية، ومن خلال دراساتنا عنها في محافظة ذمار لوحظ بأن أول ظهور لها مع الزلزال الذي ضرب ذمار في عام 1982م، وظهرت التشققات الأرضية بشكل بسيط في قاع جهران.
حيث وثقت بعض الدراسات التي قام بها المركز الوطني للزلازل والهيئة العامة للمسح الجيولوجي والهيئة العامة للموارد المائية وقسم الجيولوجيا والبيئة بجامعة ذمار خلال الأعوام 2006- 2022م ظهور الكثير من التشققات الأرضية في بعض المحافظات اليمنية واتسعت تلك التشققات الأرضية وأصبحت تظهر في كثير من المناطق باعتبارها ظاهرة طبيعية لها أسبابها ومخاطرها.
أما بالنسبة لخطورة التشققات الأرضية بشكل عام فهي بدرجات مختلفة من مستويات الخطورة "عالية الخطر، متوسطة الخطر، متدنية الخطر"، بينما التشققات الراهنة تقع ضمن الخطر المتدني إلى المتوسط، وقد تتحول إلى العالي إذا ارتبطت مع مخاطر أخرى، وإذا أثرت فسوف تؤثر على المباني، المنشآت السكانية، الطرقات، الأراضي الزراعية، آبار المياه" وسيكون تبعاتها كارثية، ولا تصنف من الكوارث مثل "الزلازل، الفيضانات، الأعاصير، البراكين"، حيث تحتاج إلى كيفية الحماية ومواجهة الخطر.
حاليا نعمل على الاستمرار في دراسة التشققات الأرضية وتحديد مواقعها واتجاهاتها وتوسعاتها وعمل خارطة مخاطر للتشققات الأرضية وكيفية الحد من هذه المخاطر، ومن المعالجات للحد من خطر التشققات هو منع التخطيط في المناطق الموجودة فيها التشققات الأرضية والبناء فيها أو حفر آبار أو بيارات الصرف الصحي جوارها، وهناك توصيات للحد من هذه المخاطر تلك.
وأوضحت الدراسات التي قمنا بها ودراسات أخرى التي تحتاج إلى استيعابها والعمل بها من الجهات المعنية.

علاقة مرتبطة
هل لحدوثها علاقة بالزلازل؟
<< هذه نقطة مهمة حول علاقة التشققات الأرضية بالزلازل، وهنا نوضح للمجتمع بأن التشققات الأرضية ليست سببا للزلازل، وإنما هي من نتائج الهزات الأرضية وأسبابها الجيولوجية التي تتمثل في حركة الصفائح الأرضية التكتونية وتركيبية الأرض، حيث تسبب حدوث هبوط لبعض الكتل الرسوبية في بعض القيعان والأحواض الرسوبية وينتج عن هذا الهبوط تشققات أرضية وهذا واضح من خلال اتجاهات هذه التشققات، بالإضافة إلى سبب آخر مهم جدا تم استنتاجه من خلال الدراسات والأبحاث التي قمنا بها وهو الاستنزاف الجائر لخزانات المياه الجوفية، حيث يساعد في حدوث التشققات الأرضية، وهناك عوامل أخرى ثانوية تحتاج إلى المزيد من الدراسات حول هذه التشققات.

الأحواض الرسوبية
ما حجم التشققات في تلك المناطق؟
<< لاحظنا في قسم الجيولوجيا والبيئة ومركز المياه والتغيرات المناخية من خلال المسوحات الميدانية التي قمنا بها منذ العام 2008م وحتى العام الحالي 2024م أن بعض التشققات يصل طولها إلى 4 كم، والعرض بحدود 0,1- 7 أمتار، أما أعماقها فمن المحتمل أن تصل بين 5- 200 متر في أكثر التوقعات حسب أعماق الطبقات الرسوبية، وتظهر أغلب التشققات في القيعان الرسوبية لأنها طبقات فتاتية، يحصل فيها الهبوط والتشققات الأرضية.

نسبة كبيرة
دعنا نتحدث عن الآثار الكارثية لاستنزاف المياه في ري مزارع القات والمخاطر على الموارد المائية والبيئة؟
<< لو نظرنا إلى استخدامات المياه توضح الدراسات والمؤشرات التي قامت بها الهيئة العامة للموارد المائية أن نسبة استخدام المياه في الزراعة تصل إلى 90% بينما مياه الشرب والاستخدام المنزلي تمثل نسبة قليلة بين 10- 15% ويساهم زراعة القات في استنزاف أكبر نسبة في استخدام المياه للزراعة تقدر 70- 90% من الاستخدام الزراعي في بعض المناطق من محافظة ذمار مما يساهم في استنزاف المياه الجوفية، وهنا تكمن الخطورة والتهديد المباشر على استنزاف المياه الجوفية.

تحديد الاحتياج
ما التدابير اللازمة للحد من هذه المشكلة؟
<< بلا شك التخفيف والحد من زراعة القات واستبداله بالزراعات الغذائية من الحبوب والفواكه المتنوعة، سيخفف من استنزاف المياه الجوفية ومن خلال التجربة هناك الكثير من المزارعين انتقلوا خلال المرحلة الراهنة إلى الزراعات الغذائية وقاموا بقلع شجرة القات، لأن القات لا يوجد منه فائدة كبيرة، وهنا لا بد من إجراء دراسات فنية حديثة لتحديد احتياج الزراعة بشكل عام والقات بشكل خاص من المياه.

المرحلة الحرجة
تبرز قضية حوض ذمار المائي من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام بذمار.. حبذا لو تضعنا في الصورة أمام التهديدات الراهنة؟
<< هنا يجب أن نوضح بأن الكثير من الكتاب غير المتخصصين يكتبون عن الحوض المائي وهم لا يدركون ما هو الحوض المائي وتقسيماته وحدوده سواء الجيولوجية أو الجغرافية أو الإدارية وللفائدة تقسم اليمن إلى العديد من الأحواض المائية والمناطق المائية حيث يوجد قرابة 15 حوضاً مائياً رئيسياً في الجمهورية اليمنية، وتقسم هذه الأحواض إلى أحواض فرعية.
وبالنسبة للحوض المائي في محافظة ذمار يوجد فيه عدة أحواض فرعية التي تشكل القيعان وعددها 8 قيعان منها "قاع جهران، قاع شرعة، قاع مخدرة"، وللعلم حوض ذمار المائي لا يغطي جميع مديريات محافظة ذمار لأنها تقع في مستجمعات مائية أخرى حسب الطبوغرافيا والوضع الهيدرولوجي لكل منطقة.
وبالنسبة لحوض ذمار المائي بدأ يدخل المرحلة الحرجة نتيجة الاستنزاف الجائر وحفر الآبار الكثيرة، وهذا ينذر بخطر على المناطق المائية بذمار، لاسيما وأن بعض مديريات المحافظة جبلية مثل عتمة ووصابين وضوران، وغيرها ليست مناطق مائية وإنما مستجمعات مائية صغيرة.

استنزاف كبير
كم عدد الآبار وحجم المياه الاستهلاكية سنوياً بالمقارنة مع مخزون الحوض؟
<< إذا أردنا أن نتحدث بلغة الأرقام نحتاج إلى عمل موازنة مائية للحوض تبين مقدار التغذية وكمية السحب وهذا يحتاج إلى دراسات فنية حديثة من خلال البيانات الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية وبيانات استخدامات المياه.
ولكننا نستطيع القول إن حجم استهلاك المياه كبير جداً مقابل التغذية، حيث تبرز كمية السحب أكثر من كمية الواردات التي تأتي من المصدر الوحيد للتغذية الجوفية عبر مياه الأمطار، حيث تؤكد دراسات سابقة "ليست حديثة" 2008م بأن مقدار السحب السنوي للمياه من الحوض هو 771,51 مليون متر مكعب في السنة بينما مقدار التغذية السنوية للحوض هي 659,36 مليون متر مكعب في السنة، وهذا يعني أن مقدار العجز المائي هو 112,16 مليون متر مكعب في السنة.
وذكرت الدراسة أن معدل الهبوط السنوي للمياه الجوفية يقدر بمتوسط 3 أمتار سنوياً وحصرت الدراسة عدد 5800 بئر في مسح العام 2008م، وبحسب تقديراتنا الآن بأن عدد الآبار ازداد حيث يقدر عددها بين 6000- 10000 بئر في مديريات محافظة ذمار.

مؤشرات خطيرة
هل هناك مؤشرات للخطورة؟
<< طبعاً، اليمن بلد مصنف مناخياً بالجاف وشبه الجاف، ومن البلدان شحيحة المياه نظراً لعدم وجود مياه سطحية مثل الأنهار والبحيرات، ويعتمد بالدرجة الأساس على المياه الجوفية ومياه الأمطار، وللأسف يعد اليمن من أكثر بلدان العالم في حفر آبار المياه واستنزاف المياه الجوفية، وهذه كلها مؤشرات خطيرة، يجب أن يدركها الجميع سواء المواطن أو المجتمع أو الجهات المعنية، وعلينا الاستشعار بالخطر وتحمل المسؤولية جميعاً في وضع خطط واستراتيجيات لإدارة الموارد المائية والحفاظ عليها وتنميتها واستدامتها ولا ننسى بأن اليمن البلد الحضاري والتاريخي أقام حضارات لآلاف السنين كانت تعتمد على حصاد المياه بواسطة السدود والحواجز والخزانات التجميعية في السهول والوديان والجبال.

أمانة ومسؤولية
ما الذي يجب على قيادة السلطة المحلية تجاه حوض ذمار المائي؟
<< لعلي أجدها فرصة حقيقية بكل أمانة ومسؤولية للإشادة بدور السلطة المحلية الداعم والمتناغم مع الهيئة العامة للموارد المائية، ممثلة بالأخ محافظ المحافظة الأستاذ محمد ناصر البخيتي، إلى جانب السلطات الأمنية بالمحافظة الذين أظهروا تعاونهم واهتمامهم في الحفاظ على الموارد المائية بالمحافظة وذلك عبر منع الحفر العشوائي والحد من الاستنزاف للموارد المائية، وكذلك أشيد بدور الهيئة العامة للموارد المائية في السعي نحو تنظيم حفر الآبار وإدارة الموارد المائية ومنع الحفر العشوائي بالرغم من الطلب المتزايد على المياه في مديريات المحافظة باعتبارها محافظة زراعية ويشكل زراعة القات فيها أكبر نسبة من الاستنزاف.

التغيرات المناخية
في نهاية هذا اللقاء.. ما القضية التي تثير مخاوفكم مستقبلاً؟
<< حقيقة هناك الكثير من القضايا، ولكن تبرز قضية الوضع المائي الراهن من المهام التي تتصدر اهتماماتنا وذلك عبر تقييم التدهور الكمي والنوعي للموارد المائية على مستوى الأحواض المائية، ووضع التوصيات في مجال استخدامات المياه للحفاظ على المياه من الاستنزاف والتلوث.. إلى جانب القضية الأخرى الهامة على مستوى اليمن والعالم وهي قضية التغيرات المناخية التي تسبب لنا تلك التقلبات المناخية العجيبة، من الفيضانات والجفاف وشحة المياه.
ومن خلال الدراسات المناخية والنماذج والسيناريوهات المناخية نحن قادمون على تغييرات مناخية مؤثرة على المياه والبيئة، ولذلك من أولوياتنا في المركز تنفيذ العديد من الدراسات الهامة في مجالات المياه والبيئة والتكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف منها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا