ويبقى الأمل
" لم أشعر بالخوف من الموت.." عبارة مثلت ميلاد حياة جديدة جلها أمل وإبداع للاستاذة/ قوته أحمد عبدالله سنان، إحدى الناجيات من سرطان الثدي..
مدرسة تسكن مع أسرتها في العاصمة صنعاء، بعد انتقالهم من منطقة العدين بإب.
كانت تجهل تماماً كغيرها من النساء اليمنيات الأعراض المبكرة لسرطان الثدي.. تحرجت"قوته" كثيراً، لم تفكر في الذهاب لمركز أو دكتور لإجراء الكشف.. تتألم بصمت.. الشحوب أصبح واضحاً على ملامح وجهها.. أنين الألم انتصر على صمتها، لتجد نفسها بإحدى العيادات.. الكشف يقول: "قوته" مصابة بسرطان الثدي.. هنا الصدمة المؤلمة حقا، لكنها الحقيقة المجردة التي كان على "قوته" أن تواجهها.
غياب الوعي
أسقطت "قوته" المعلومة المغلوطة والتهويل الناتج عن عدم الوعي بأن مرض السرطان لا شفاء منه.. أي جرعات كيماوية مقدمة للموت.. أفكار مغلوطة تتبادر لمخيلة المريض في الوهلة الأولى.. يراها واثق القرشي الذي يرأس مؤسسة الشفقة لرعاية مرضى السرطان والفشل الكلوي، سبباً في استسلام المريض وفقدانه الأمل، ورفضه لجلسات العلاج، ناهيكم عن نفور من حوله من الأهل والأقارب وتخليهم عنه.
طاقة إيجابية
"قوته" تقول: " كان عندي سرطان الثدي وعرفت أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، اكتشفت حب الآخرين من حولي".. حكايات كثيرة يرويها مسؤولو المراكز والمؤسسات التي ترعى مرضى السرطان وتقدم الخدمات العلاجية والإيوائية، عن تخلي البعض عن مرضاهم..
" قوته" على النقيض من ذلك، زوجها، والدها، أخوها، أفراد أسرتها.. كانوا جميعاً أكثر قرباً وحميمة.. طاقة إيجابية من الصبر والمثابرة والتحمل أحاطت ب"قوته" أثناء رحلة معاناة وألم كان عليها أن تجتازها وصولاً إلى التماثل للشفاء.
الصيب النافع
"قوته" واصلت جلسات علاجها الإشعاعي بعد استئصال الثدي الأيسر، متنقلة بين مستشفى أزال ومركز الأورام بالمستشفى الجمهوري، الذي يستقبل بحسب إفادة مدير المركز الدكتور عبدالله ثوابه، يومياً 120 مريضاً وسنوياً 6 آلاف مريض، فيما استقبل منذ إنشائه وفق الإحصاءات 76 ألف مريض.
"قوته" حظيت بنصائح ورعاية الدكتورة "أماني بعيصي" التي تعد ضمن 23 استشارياً متخصصاً في الأورام السرطانية يعملون في المركز دون كلل.. بدأت "قوته" ترسم ملامح حياتها الجديدة التي سخرتها لخدمة المجتمع خصوصاً مرضى السرطان، أنشأت مجموعة تفاعلية اجتماعية على " وتس أب" تقدم لعدد كبير من النساء المعلومات والنصائح العلاجية والوقائية من سرطان الثدي.. خطوة أخرى أقدمت عليها وهي لا تزال تتلقى العلاج، عزمت بتشجيع من دكتورتها "أماني" على جمع كم كبير من المعلومات الطبية عن مرض السرطان.. تجربتها معاناتها.. في كتاب أسمته" الأورام السرطانية.. شفاء محقق" قال عنه رئيس مؤسسة الشفقة التي طبعت الكتاب:" صيباً نافعاً، وسفراً مليئاً بالمعلومات والمعرفة النافعة والمفيد في مجال التعاطي مع الأورام السرطانية والوقاية منها".
من الألم إلى الأمل
حالات الشفاء من أمراض السرطان، ليست مستحيلة خصوصاً عند التشخيص المبكر، ومواصلة جلسات العلاج الإشعاعي، والأدوية المصاحبة.. خدمات تقدم مجاناً للمرضى رغم زيادة أعدادهم في الآونة الأخيرة بشكل ملفت.. هنا يؤكد الدكتور ثوابه أن الخدمات العلاجية والجراحية تحسنت في الآونة الأخيرة مع إنشاء صندوق مكافحة السرطان، فيما نسبة الشفاء تتجاوز 25%..
"قوته" بفضل الله ثم بجهود ملائكة الرحمة ودعوات الأهل ، شفيت تماماً من سرطان الثدي، ونذرت نفسها للتوعية بهذا الخبيث والوقاية منه بين أوساط النساء.. هي اليوم نموذج تجاوز الألم فصنع الأمل.