
خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 36)
بعد عام 1982م وهو العام الذي تم فيه اتفاقية إحلال السلام في المناطق الوسطى بين السلطة والجبهة الوطنية الديمقراطية توقفت الحملات العسكرية والقبلية لكن في بداية عام 1983م بدأت حملات من نوع آخر
حملات اغتيالات طالت المئات من أعضاء الجبهة الوطنية ومواطنين أبرياء من أقارب أعضاء الجبهة الوطنية ومواطنين آخرين مشكوك بهم بأنهم من أنصار الجبهة مجرد شك واغتالتهم السلطة بيد أذيالها في المناطق الوسطى حيث وصل عدد الضحايا من عام 1983م إلى مطلع عام 1990م 206 شهداء شباب ورجال ونسوان وشيبات- راجع صحيفة الثوري بتاريخ 16/12/2004م والتي أوردت كشف بأسماء الشهداء وظروف وأماكن اغتيالهم 197 شهيدا من أصل 206 شهداء ومن نفس العام 1983م إلى عام 1985م شهد شطرا الوطن حرب خفية لم يلمسها احد تلك هي حرب الجواسيس بين الشطرين، رفاقنا في الاشتراكي أو الجبهة الوطنية كانوا يسمون الجاسوس من رفاقنا مندوبا ومن شمال الوطن جاسوسا أو عنصر الطابور الخامس الرجعي وكانت الغلبة غالباً لمندوبينا كون الجيش والأمن في جنوب الوطن من كل مناطق اليمن وكان معنا دائرة مخابراتية في الجيش تسمى دائرة الاستطلاع السياسي وهي تتكون من عناصر منتقاة مدربين تدريباً عالياً أمنياً وعسكرياً وسياسياً وهي تتبع وزارة أمن الدولة وفي الجهة المقابلة في الشمال عناصر من الأمن الوطني أغلبهم كان ينكشف أمرهم بسهولة والسبب الرئيسي عامل اللهجة أما من وبينا فلم ينكشف أمرهم إلا ما ندر كونهم من أبناء المنطقة المستهدفة المستقرين فيها بشكل دائم أو من أبناء المنطقة المستهدفة وهم موظفون في جنوب الوطن وغير أعضاء في الجبهة الوطنية أو في الحزب الاشتراكي حتى لا يلفتوا الانتباه وطبعاً يأتوا إلى مناطقهم يقضوا فيها الإجازة السنوية عدة لمدة شهر حتى لا يلفتوا الانتباه.
وإجمالا اتضح لمندوبينا من عناصر الاستطلاع السياسي ومن مخابرات الجبهة الوطنية والمتعاونين معها أن السلطة الرجعية في شمال الوطن خلال عامي 1983م و1984م تبحث عن أعداء لها تريد أن توجد أعداء لها من عدمهم حسب تعبيرهم- من اجل أن تحسس السعودية بان السلطة باهرة وشغالة ضد من أسمتهم شيوعيين حتى الاغتيالات المنفذه ضد المواطنين الأبرياء كانت السلطة الرجعية في صنعاء تحسبهم قياديين شيوعيين.
ملاحظة:
في مواد سابقة من هذا البحث وبحث سابق كررت القول أن السلطة الرجعية في صنعاء كانت قبل عام 1983م توجه الحملات العسكرية إلى المناطق الوسطى ومن بداية عام 1983م إلى عام 1990م استبدلت السلطة الحملات العسكرية بحملة اغتيالات لرفاقنا أعضاء الجبهة والمواطنين الأبرياء وفي هذه المادة أجدد التأكيد عن تلك الاغتيالات التي كانت ظالمة والتي لم تقتصر على رفاقنا ومواطنينا بل طالت عناصر قيادية وقاعدية أنضمت إلى السلطة وساهمت في تأسيس المؤتمر الشعبي.. اسألوا القيادي اللواء محمد صالح الحدي- عضو مجلس الشورى الذي تعرض إلى عشر محاولات اغتيال واسألوا شاهد عيان المساعد طاهر أحمد عبدالله الحدي الذي تصدى لتلك المحاولات وغيرهم وغيرهم أنها أمور عجيبة وغريبة.
عودة إلى الموضوع: عمل مندوبينا بهدوء وأريحية وحماية كمان وعلى نغمات الكمان دخلوا أروقة مكاتب الأمن والمخابرات في العاصمة صنعاء واستطاعوا الاستيلاء على أصول تقارير كلها مخطوطة جملتها 169 صفحة تخص الحالات الأمنية والسياسية في محافظات مأرب وذمار وصنعاء المحافظة وتعز والبيضاء واب وصعدة وقد أرسل رفاقنا مندوبين إلى المحافظات السبع المذكورة أعلاه وبدورهم رفعوا تقارير مفادها: أن تقارير الأمن الوطني معظمها مجرد وهم وقد علق احد رفاقنا القياديين ينتمي جغرافياً إلى محافظة تعز قائلاً:
هؤلاء الجواسيس قالوا أن إحنا "شغمة*" "أونا*" في تعز ونحن في الواقع عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني وأضاف: هؤلاء تلاميذ محمد خميس يدوروا التهم "اللي ما هلوش"**
يتبع العدد القادم
الهوامش:
*شغمة: بلهجة أهالي محافظة تعز معناها حفنة.
*أونا: بلجهة أهالي محافظة تعز معناها هنا.
***محمد خميس: هو الرئيس السابق لجهاز الأمن الوطني في الجمهورية العربية اليمنية ووزير الداخلية السابق.
**** اللي ماهلوش: بلهجة أهالي محافظتي تعز وعدن معناها الذي غير موجود أو الذي هو غائب.