
رسائل اليمن تتجاوز البحر
في ظل استمرار التصعيد الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة تشير تقارير إعلامية متعددة إلى تزايد الإحباط في الأوساط الإسرائيلية والأمريكية جراء فشل الجهود العسكرية في وقف الهجمات الصاروخية القادمة من اليمن،
ففي واحدة من أكثر اللحظات إحراجا للمؤسسة العسكرية الأمريكية منذ بداية تصعيدها في البحر الأحمر أعلنت البحرية الأمريكية عن سقوط مقاتلة F-18 من على متن حاملة الطائرات “ترومان” خلال تحركها في البحر الأحمر، مع تعرضها لهجوم صاروخي وطائرات مسيّرة من قبل القوات المسلحة اليمنية.. فالمعطيات الميدانية تؤكد أن القوات المسلحة اليمنية التي أعلنت عن اعتماد تكتيكات جديدة في عملياتها ضد القطع البحرية الأمريكية نجحت في فرض معادلة ردع غير مسبوقة أرغمت البحرية الأمريكية على اتخاذ وضع دفاعي وربما إعادة تقييم جدوى استمرار حاملة الطائرات ترومان في المنطقة وبينما كان يفترض أن تشكل الحاملة رمزًا للقوة والهيمنة الأمريكية، تحولت في نظر مراقبين إلى هدف سهل ومحاط بعجز استخباراتي وتشغيلي خاصة في ظل تكرار الهجمات التي لم تفلح منظومات الدفاع الأمريكية في صدها بشكل كامل، حيث فشلت واشنطن حتى الآن في تحييد التهديدات اليمنية المتصاعدة.
يأتي ذلك بالتزامن مع تنفيذ القوات المسلحة ثلاث عمليات عسكرية نوعية في عمق الكيان الصهيوني، حيث استهدفت قاعدةَ "رامات ديفيد" الجويةَ بصاروخ فرط صوتي "فلسطين2" وتعتبر هذه القاعدة وكر الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية المتقدمة، ووصول الصاروخ اليمني إلى هذه القاعدة يمثل نهاية حقيقية لكل المنظومات الاعتراضية للعدو الإسرائيلي، خاصة وأن القوات المسلحة نفذت عملية استهداف أخرى بعد ساعات فقط من استهداف ذات المنطقة (حيفا) دون أن تتمكن دفاعات العدو من اعتراض الصاروخ.
دخول هذه القاعدة ضمن بنك أهداف القوات المسلحة اليمنية يمثل قفزة لافتة في مسار العمليات الردعية ضد الكيان الصهيوني، الذي يواصل ارتكاب جرائم الإبادة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، متجاهلاً القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، ومتمادياً في عدوانه الغاشم على قطاع غزة، وتأتي هذه العملية في إطار معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، التي أطلقها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي تزامناً مع معركة "طوفان الأقصى"، ضمن موقف ثابت لنصرة الشعب الفلسطيني، ودعماً مباشراً للمقاومة في غزة، وقد تدرجت العمليات اليمنية من استهداف ميناء "أم الرشراش" في أقصى الجنوب، إلى قصف "يافا" في قلب الكيان، ومطار بن غوريون و"حيفا" المحتلة، وصولاً إلى ما بعد حيفا شمالاً، فوصول الصاروخ إلى مسافة تتجاوز 2300 كيلومتر رسالة واضحة بأن اليمن ماضٍ بكل ثبات في مواجهة العدوان الصهيوني، وأن خياراته مفتوحة ولن يتراجع عن مواقفه المشرفة مهما كانت التحديات، وسيواصل ضرب العمق الصهيوني تأديباً على جرائمه في غزة، فاليوم باتت القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة اليمنية تمثل تهديداً فعلياً للعدو الصهيوني والأمريكي على حد سواء، من خلال ضرب المنشآت الحيوية في الأراضي المحتلة، وملاحقة حاملات الطائرات والبوارج في البحر الأحمر وخليج عدن وسط اعترافات متزايدة من إعلام العدو بقوة الضربات اليمنية.
محللون سياسيون وعسكريون أكدوا أن تطور القدرات اليمنية يعكس فشل رهانات الإدارة الأمريكية خصوصاً إدارة ترامب التي قادت العدوان على اليمن، مشيرين إلى أن اليمن أثبتت صلابة مواقفها، واستقلالية قرارها وقدرتها على توجيه ضربات نوعية كل 48 ساعة تقريباً إلى عمق الكيان.
ختاماً: إن التاريخ اليمني يؤكد بأن اليمن مقبرة الغزاة وأنه لم يُهزم أمام قوى كبرى، فهو يخوض معاركه مستنداً إلى إيمانه بقضايا الأمة، وشدة شكيمة رجاله، وحساسية موقعه الاستراتيجي، وهاهو اليوم يواصل فرض معادلات جديدة في المنطقة، فيما تغرق أمريكا في مستنقع العدوان الذي صنعته و يبدو أن لا مخرج منه سوى ايقاف مجازر الإبادة الجماعية في غزة ورفع الحصار عنها.