كتابات | آراء

ولكم في القصاص حياة

ولكم في القصاص حياة

القضاء العادل حياة للأمة، وصمام أمان لأمنها واستقرارها ورقيها وازدهارها، فيه تُصان الحقوق، ويسود الأمن والأمان بين أبناء الوطن الواحد، وفيه يعُطى كل ذي حق حقه، والعكس خلاف ذلك عندما تستأسد قوى الباطل والمتنفذون،

وأصحاب الصدور المنتفخة على الحق، وترتع ذئاب الفساد والمُفسدين في الأرض، ويعلو صوتها ويتضاءل صوت الحق في زخم أصوات الباطل، ويسود بين الناس الهرج والمرج وتطل الفتن الشعواء برأسها معلنة موت صوت الحق.
القضاء العادل لا يعرف الطبقية بين البشر، الكل عنده سواء لا تمايز ولا تفاضل، ولا عنصرية ولا عشائرية، فكل الأنوف الشامخة والصدور المنتفخة والألقاب الصائتة أمام القضاء سواء لا قيمة ولا وزن لها في ميزان عدالة الإسلام وشريعته الغراء إلا بالتقوى والعمل الصالح، مصداقاً لقوله عز وجل ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات (13).. لا أفضلية لأحد على أحد لا بنسب ولا حسب، ولا عشائرية ولا قبلية ولا مذهبية، ولا جاه ولا سلطان إلا بالتقوى والعمل الصالح، فالإسلام أول من نادى بالعدل والمساواة بين البشر، وشدد على ضرورة حماية حقوق الإنسان وعرضه وكرامته، وأن يكون العدل أساس الحكم وغيرها من القضايا التي تهم كل الناس بغض النظر عن مشاربهم العقائدية أو المذهبية أو العشائرية، مصداقاً لقوله تبارك وتعالى( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل النساء) (58) وجاء في رسالة وجهها أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه= لقاضيه على الكوفة يقول فيها " آس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك" فالعدل بين الناس حصن حصين، ودرع واقِ، وركن ركين للدولة لما فيه من صون للدماء والأعراض وحفظ الحقوق والأمانات وفيه عزة الملك وشرف الحكم كما جاء في قوله عز وجل(يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) ص (26) فالقضاء العادل ركن ركين يلجأ إليه الضعفاء، ويعتصم به الفقراء والمساكين وذوي الحاجة، وكما جاء في الحديث النبوي الشريف: " السلطان ظِل الرحمن في الأرض يأوي إليه كل مظلوم من عباده) من هنا ندرك أهمية القضاء العادل فيه تُعمر البلاد، وتُصان الحقوق والأعراض والأنفس، وبه يسعد الناس، وينُصف المظلوم ويرتدع الظالم ودون ذلك تشيع الفوضى والجرائم، وتُسفك الدماء، ويختلط الحابل بالنابل، وتضيع هيبة القضاء والقضاة.

• صفوة القول
ليعلم القاصي والداني أن عاقبة الظلم أليمة وخيمة ومدمرة، فإنها تٌهلك الحرث والنسل، وتزيل البركة، وتخرب الديار والبيوت، ويتبدل فيها حال الظالمين المفسدين في الأرض من هناء وسعادة ورفاهية إلى تعاسة وشقاء وعناء، فاتقوا الله إذا حكمتم بين الناس، فإن الظلم ظلمات في الدنيا والآخرة، فالظلم يطفئ نور الإيمان في القلوب، ويزيل النعم والبركة، ويجلب النقم والأسقام والأدواء، كما جاء في الحديث القدسي" وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره ولم يفعل"..
فلنتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب كما جاء في الحديث النبوي الشريف.

• كلمات مضيئة
ليعلم القائمون على شؤون الناس أن عاقبة الظلم قاصمةٌ وساحقةٌ، عاجلاً أم آجلاً، ولابدّ من الرحيل شئنا أم أبينا، وهناك، وما أدراك ما هناك فالحكم العادل فيه يُخذل الظالمون، وينتصر عليهم المظلومون مصداقاً لقوله عز وجل ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون) الأنعام ( 93)
فاعدلوا بين الناس بالحق وإعطاء الحقوق إلى أصحابها لتسعدوا في دنياكم وآخرتكم وأعلموا أن العذاب عندما ينزل يعم الصالح والطالح والمؤمن والفاجر " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا