مبادرة أمريكية أم مخاتلة جيوسياسية..؟!
ما زالت الأجواء قاتمة.. والمعارك فاصلة.. والمتاجرون بقضايا الوطن والشعب يدفعون الثمن باهظاً، تحت شعارات زائفة..
وادعاءات باطلة بينما هم في الحقيقة أدوات ودمى بيد المحتل الغازي لتنفيذ سيناريوهات ومخططات أسيادهم على حساب اليمن أرضاً وإنساناً ووحدة وهوية..
وفي ظل تشابك الخيوط إقليمياً ودولياً تتعدد رؤى المصالح وتتشعب مسارات السلام وتختلط الأوراق؛ لأن هناك خيوطاً متداخلة ومعقدة تربك الشأن اليمني منها دخول أياد ملوثة بالعمالة والارتزاق وفصائل تعمل مع جهات ومنظمات إرهابية.. ومؤسسات مدعومة إقليمياً ودولياً تحت غطاء مساعدات إنسانية وما يدور الآن في جنوب الوطن خير دليل وشاهد على ذلك.. شرعية مهترئة.. وصراع مع المجلس الانتقالي المطالب بالإدارة الذاتية وطرد حكومة ما يسمى بالشرعية من عدن واصفاً إياها بالمحتل لجنوب الوطن..
من هنا ندرك خطورة التدخلات الإقليمية والدولية، ومدى نتائجها الكارثية على أرض الواقع طالما هناك احتلال سعودي- إماراتي- إسرائيلي على جزر وسواحل اليمن.
وهذا لم ولن يتم إلا بوقف العمليات العسكرية أولاً بمعنى أوضح وقف الحرب العدوانية على اليمن، ورفع الحصار الشامل عن كافة الموانئ البحرية والمنافذ البرية والجوية وطرد المحتل الغازي ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التفاوض والجلوس على طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة إثباتاً لحسن النية، كل هذا لابد أن يتم تحت توفير ضمانات أممية ودولية تكون راعية لبرنامج الحوار ومساراته ونتائجه وتنفيذ مخرجاته.. دون ذلك سيكون كريشة في مهب الريح.. وكرة ثلج متدحرجة نحو الهاوية.
هناك معطيات جديدة ورؤى متباينة لابد أن تراعى من كلا الطرفين خدمة لمصلحة الوطن العليا.
لا نبالغ إذا قلنا إن هذه اللحظة التاريخية تمثل فرصة لا تعوض لمسار المصالحة الوطنية ورأب الصدع بين اليمنيين، ونشر قيم التسامح والاعتدال والوسطية، وترسيخ الثقافة المجتمعية المناهضة للتطرف والعنف وسياسة القمع والبطش وفتح باب الحوار العقلاني بعيداً عن التعصبات الفكرية والمذهبية والطائفية.. والغلو الديني.
علماً أن اليمنيين لا يكتفون في محاكمتهم للخارج فحسب، بل باستضافته سياسياً.. إنهم كثيراً ما يثقون فيه ويقومون بتحكيمه في نزاعات وقضايا داخلية.. أما المحاولة الأخيرة التي قامت بها الإدارة الأمريكية تجاه الحرب العدوانية على اليمن فلم تكن موفقة لأنها كانت ضبابية الرؤى والمحتوى والمضمون.. فأمسكت العصا من الأعلى وتركت الوسط.. فسرعان ما خرت مغشياً عليها فلا من إجراءات عملية تلامس الواقع.
سلفاً ندرك أن تدويل الأزمة اليمنية أصبح جزءاً لا يتجزأ من إدارة الأزمات والصراعات الدولية, كما أن العالم اليوم يعيش في عصر"الفزاعات".. وإعادة صناعة العدو,إلا أن الواضح أن للقوى الإقليمية والدولية مصالحها وأجنداتها ومقاصدها الماورائية.. وتناسينا أننا نعيش في عصر القرية الكونية الواحدة.. رغم تباين الظروف والمناخات الثقافية والفكرية والعقائدية والحضارية.. فوق كل هذا فاليمن حاضرة على كافة المستويات عربياً وإقليمياً ودولياً عبر وجودها الجغرافي المهم- والجيوسياسي، والاستراتيجي الأهم, نؤكد أن المؤثر الإقليمي والدولي لا ينفصل عن المعطيات الداخلية، وما يدور في دول المنطقة.. لذا فإن عملية الحل الشامل في اليمن ليست بالأمر السهل بل تحتاج إلى وقت ومراحل، وتواصل عن طريق الحوار الفكري المستمر بين المكونات السياسية والنخب الفكرية والحزبية لإزالة الحواجز، وتعديل الصورة النمطية القديمة التي تراكمت عبر التاريخ.
من هنا ندرك أن عملية الحل الشامل والجذري ينبغي أن تنطلق من رؤية استراتيجية شاملة للسلام وإلا ستكون اليمن في مرمى الحروب الأهلية.. والتدخلات الخارجية إلى أجل غير مسمى.
كلمات مضيئة:
هناك أطماع ومصالح دولية، وكل ما يثير قلق وتوجس الأمريكيين أن دول الجوار لليمن ترقد على مخزون هائل من نفط العالم، والنفط سلعة استراتيجية، ومهمة تجاه الاضطرابات السياسية.. والصراعات العسكرية وبالتالي يصبح خطر النفط كسلعة من نطاق السيطرة الدولية شديد الحضور.. الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية خطيرة قد تشمل العالم اجمع.