كتابات | آراء

اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين؟!.. (104)

اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين؟!.. (104)

وتأكيداً على ما تناولناه في مقالات سابقة ,  وما سبق الإشارة إليه من قبل , غير مرة بأن الحرب على اليمن بالنسبة للمعتدين على هذا البلد العربي ,

مُبرراتها ودوافعها وأسبابها الرئيسة إقتصادية صرفة , ولا يمكن أن تخرج تلك العدوانية عن هذا الإطار والتصنيف والتوصيف لأكثر من سبب وإعتبار ودافع , وهذا ما حدا بأحد الباحثين الأمريكيين , إلى تسليط الضوء على ذلك الجانب المُغفل من الحرب الحالية على اليمن التي تشنها دول تحالف العدوان بقيادة السعودية وبدعم وإسناد أمريكي لا محدود لها.
وقد ركز. هذا الباحث الأمريكي في مقال له أفرده لذلك الجانب الخفي من الحرب الحالية على اليمن والذي وصفه بالجانب المغفل من الحرب والدافع السعودي الأساسي من ورائها .. وتوضيحاً لذلك الجانب الذي يبدو غامضاً ومُلتبساً بالنسبة للكثيرين , فيما يتعلق بهذا الشأن والأمر الحيوي الهام والخطير جداً , استعرض الباحث المختص بشؤون اليمن في معهد وينستون الأمريكي " آشر أوركابي" في مقاله الذي نشر على موقع مجلة فورين افيرز الشهيرة , قبل فترة وجيزة لا تتعدى أيام ما وصفه بالحرب الأخرى التي تخوضها السعودية في اليمن منذ عقود، في إشارة منه إلى الحرب الاقتصادية.. وقال الباحث الأمريكي أوركابي :"  إن السعودية تشن الحرب على الاقتصاد اليمني منذ أكثر من ثلاثة عقود " .. وبين أوركابي أنه منذ إنشاء الدولة السعودية الحديثة خلال ثلاثينيات القرن الماضي ، خشي الملوك المتعاقبون على الحكم في المملكة التهديد الذي قد يشكله اليمن الموحد والمزدهر والديمقراطي على حكمهم ، خاصة بعد توحيد شمال وجنوب اليمن في عام 1990م.. وأشار الباحث الأمريكي إلى أن ملوك السعودية عملوا على إثارة الانقسامات الداخلية وإضعاف الاقتصاد اليمني ، لا سيما من خلال سحب تصاريح العمال اليمنيين وإلغاء المساعدات الخارجية التي تعتمد عليها البلاد.. ولفت إلى أن تاريخ الحرب السعودية على اليمن تاريخ طويل ومتشابك حيث وصلت مخاوف السعوديين من النموذج الذي يمكن أن تضربه اليمن للمنطقة إلى ذروتها مع توحيد البلاد في عام 1990 م .
وقال :" كانت السعودية قلقه من أن تصبح جارتها الجنوبية ملاذاً لجماعات المعارضة. ولذلك ، سعى السعوديون إلى إضعاف الدولة اليمنية الوليدة من خلال إعاقتها إقتصادياً "..  وأضاف أوركابي :" لقد استغلت السعودية  تصويت اليمن في مجلس الأمن عام 1990 ضد الغزو الأمريكي للعراق حيث ألغت ،السعودية ودول مجاورة الوضع الخاص الممنوح للعمال من المغتربين اليمنيين ، وطردت فعليًا 880 ألف عامل يمني , على الرغم من أن الطرد كان بمثابة رد فعل على موقف اليمن المؤيد لصدام حسين حين غزا الكويت ، إلا أنه كان أيضًا تتويجًا للانتقال السعودي التدريجي بعيدًا عن القوى العاملة اليمنية " .. وأكد أن السعودية ظلت تكرر باستمرار سياستها مع العمال اليمنيين كما عززت الانقسام في اليمن وشنت حربا لمنع ظهور اليمن كمنافس إقليمي.
وذكر أن السعودية ستظل تطاردها عدة مخاوف تطغى عليها وتؤثر على سياستها المنتهجة تجاه اليمن , من أبرزها الشعور بالخوف من أن تتهيأ فرصة لليمن ليصبح دولة متقدمة وقوية إقتصادياً وسياسياً لاسيما ولديه الإمكانيات المتاحة لذلك , ويكون له دوره الإقليمي والدولي المؤثر , الذي قد تجد المملكة نفسها بعده على الهامش وتصبح أقل شأناً من اليمن في كل شيء .. ومثل هذا الطرح الأمريكي الجريئ والشفاف , يأتي مُنسجماً ومُتسقاً هُنا مع ما تضمنته تقارير أممية واستخبارية عالمية مُتطابقة , وتصريحات مسؤولين غربيين على أعلى المستويات بشأن التآمر والتدخلات السعودية المتكررة والمستمرة في شؤون اليمن ..  وبحسب تلك المصادر , فإن السعودية تقف في كل الأحوال حجر عثرة للحيلولة دون استخراج اليمن واستغلاله لثرواته النفطية والمعدنية , وتمنع تفرغ أبنائه وتجردهم لبناء وطنهم والنهوض به في كافة المجالات والنجاح في بناء إقتصاد وطني قوي.
وأشارت إلى مساعي السعودية الحثيثة منذ قيامها وحتى اليوم  , للعمل على اختلاق المشاكل والإضطرابات والقلاقل في اليمن , إلى جانب إصرارها في ذات الوقت على التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه , وكأن السعودية تريده أن يبقى بلداً فقيراً , ضعيفاً , مُفككاً , تسودهُ الفوضى والإضطرابات , ويفتقد إلى الأمن والاستقرار .
وتعمل السعودية ما تعمله باليمن من منطلق إدراكها أن هذا البلد العربي يمتلك الكثير من الثروات والمؤهلات والإمكانيات التي تجعله في حالة استغلالها من أغنى بلدان العالم وأكثرها نماءً وازدهارا  , وهذا ما يجعلها تشعر بالخطر وتعمد للحيلولة بينه وبين تحقيق ذلك من خلال اختلاق المشاكل فيه والتآمر عليه بين فترة وأخرى لإحباطه وإلهائه وإشغاله وإقلاقه بالمشاكل التي تختلقها وتشجعها .. على أننا لو عدنا إلى ما تضمنهُ تاريخ مملكة آل سعود الحديث والمعاصر , منذ مرحلة التأسيس والنشأة على يد الملك عبد العزيز آل سعود في ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي , لوجدنا تاريخ هذه الدولة التي أنشئت وقامت في أرض الحجاز ونجد بمساعدة ورعاية غربية , تاريخاً حافلاً بالدسائس والمؤامرات على اليمن وعلى القضايا العربية والإسلامية بأساليب وأشكال مختلفة , ولا تزال هذه الدولة تقوم بدورها الذي رسمه لها الاستعمار الغربي في التآمر على الآخرين من الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها اليمن , وتنتهج سياسة تخدم المصالح الغربية والصهيونية في المنطقة وتنفق الأموال الطائلة من عائدات النفط لمنع أي مشروع تقدمي ونهضوي عربي في المنطقة والتكفل بمحاربته حتى الإجهاز عليه .. وما تقوم به حالياً في اليمن وفي سوريا ولبنان والعراق وليبيا وغيرها من رعاية للإضطرابات في هذه البلدان جزء من المخطط والدور الذي كلفت بالقيام به من قبل أسيادها في الغرب .. ولن يقر لمملكة " قرن الشيطان " هذه قرار , أو تهدأ أو تكل حتى تحقق غاياتها وأهدافها التي رسمت لها ومنها ما ذكرناه أنفاً , وهو ما يتطلب من الدول المستهدفة بتأمراتها من التعاون والتآزر لكبح جماحها ووقفها عند حدها وإفشال كل مخططاتها ومشاريعها ذات الصلة وعدم السماح لها بأن تنجح في ذلك .
ولعل اليمن وما حدث للمملكة فيه من فشل وتورط كبير مثل يؤكد أن المملكة أضعف من أن تستمر وتواصل السعي لغاياتها المشبوهة في إقلاق المنطقة وإغراقها بالمشاكل إلى أبعد مدى , واليمن كان وسيظل درساً قاسياً يجدر بالأغبياء السعوديين أن يستوعبوه جيداً ويفهمونه رغماً عن أنوفهم , وسواء فهموا , أم لم يفهموا هم الخاسرين أولاً وأخيراً , ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله , والعاقبة للمتقين !. ..
.... يتبع

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا