كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث:  بول دريش جامعة أكسفورد(8)

تاريخ اليمن الحديث: بول دريش جامعة أكسفورد(8)

في شمال وغرب اليمن كان يوجد حاكم حديث العهد يدعى محمد إدريس  والذي ينحدر من عائلة  السنوسي في المغرب العربي أتت عائلة السنوسي في الأصل من المغرب

وأصبحوا ملوك ليبيا بعد الحرب العالمية الثانية استقر الفرع الثاني من عائلة السنوسي في منطقة عسير لغرض الدراسة والإقامة في مكة  أشتهر أحمد الإدريسي 1837م بأنه رجل مقدس وصاحب كرامات حسب بعض الروايات غير المؤكدة وحفيده محمد الإدريسي رفض هدنة الإمام يحيى مع العثمانيين لكن المنطقة التي سيطر عليها كانت جزءًا كبيرًا من التاريخ الزيدي للمخلاف السليماني والتي تسمى عسير حاليا كانت الإمارة تقع في المنطقة الجغرافية لعسير وجيزان فيما يعرف الآن بجنوب غرب المملكة العربية السعودية  وتمتد إلى الحديدة شمال غرب اليمن  يعتبر محمد الإدريسي  أول خريج أزهري يؤسس إمارة في الجزيرة العربية ، تعلم العلوم الشرعية والفقهية على يد كبار المشايخ والعلماء من الأزهر الشريف بالعليا بمصر وليبيا حيث كان الإمام السنوسي  واستقطب كثير من زعماء القبائل في منطقة المخلاف السليماني واليمن ومكة المكرمة وتمكن من خلالهم من مواجهة جيش الإمام يحيى والي اليمن  وقام باختيار منطقة صبيا كعاصمة لدولة الأدارسة في تهامة  لمدة أربعة عشر عامًا تقريبًا  حيث كان يساعده البريطانيين والإيطاليون وذلك لرغبتهم في القضاء على الإمبراطورية العثمانية التي كانت في ذلك الوقت تهيمن على معظم أنحاء المنطقة.
كان العوالقة متورطين ليس في لحج واليمن فقط بل حتى في الهند كمرتزقة وخصوصا في حيدر أباد  مثل عوائل أخرى القعيطي والكثيري في حضرموت وعوائل اليافعي في الغرب الأقصى في تعز وعدن، انتشروا في حضرموت كجنود بغض النظر عن صلاتهم بالهند وخلال هذه الفترة سيطر فصيلان مسلحان من يافع على ميناء الشحر والمكلا وفي منتصف عام 1800 بدأ عمر عواد القعيبي وهو من سلالة ثرية من المرتزقة اليافعيين ببناء دولة في حضرموت مع معارضة شديدة من غالب محسن الكثيري فنشبت حرب واسعة النطاق مع تحول التحالفات فيما بين قعيط وكثير وعولق ومجموعات مختلفة من اليافعي مع إمداد بالسلاح والمال والمرتزقة من الهند ولم تخلو هذه المعارك من تدخلات بريطانية وتركية خصوصا مع أهمية هذه المناطق وتأثيرها على طرق الشحن البحري والموانىء.
بحلول نهاية القرن التاسع عشر سيطر السلطان القعيطي على كل الساحل تقريباً مع ولاية كثير الداخلية وكان لكل منها امتداد وادي حضرموت بينما كانت المهرة في شرقها تملأ معظم هامش ما كان يعرف باليمن تقليديًا اسميًا كان هذا مرتبطًا بسلطان سقطرى وهي جزيرة في المحيط الهندي، ولكن لم تكن هناك إدارة في المهرة ولا هياكل للتعليم الرسمي.
إن ما نقله الأدب الغربي عن اليمن سابقا وربطها بالممالك المحرمة التي لايسود فيها اي نظام او قانون كان مغالطا ومجافيا للواقع وخصوصا في جانب التجارة والعلم لطالما تم ربط اليمن مع أنماط أوسع في الإسلام  لكن الانفتاح والانخراط مع العالم غير هذه النظرة لليمن خصوصا مع توافد البريطانيين الى اليمن وانتشار الأسلحة الحديثة في جنوب اليمن وعندما دخلت البلاد لأول مرة منذ اثني عشر عامًا 1896م تعرفت على كل بندقية عن طريق النظر من المسدس القديم إلى البنادق  لم تكن هناك مراحل وسيطة ولا كانت هناك قفزة مباشرة الى البنادق القصيرة والبنادق من إنتاج شنا يدر ولي غراس، بعد ذلك  وخلال الستينيات  رأى البريطانيون أن وجود هذه الأسلحة قد تعزز النزاعات والمشاجرات القبلية وتخرجها عن السيطرة، في الشمال استطاع الإمام يحيى احتواء مشكله السلاح وسيطر على هذا الموضوع تماما لكن لم يكن في الشمال أي شكل من أشكال الدولة الحديثة حتى الحكومة التركية لم تكن بتلك القوة في شمال اليمن وكانت مقراتها متناثرة في أماكن عدة متباعدة، خدم كثير من اليمنيين في الدرك التركي أو ما يسمى الجندرمة وكانت نموذج من الانضباط والنظام والأقسام الإدارية واغلب الأمور الإدارية التي أنشأها العثمانيون في كثير من الأحيان استمرت حتى يومنا هذا حتى الحرب العالمية الثانية وكانت دولة الإمام نفسها تحتفظ بنظام تركي معتدل النكهة لقد كان يطلب من الزوار الأجانب على سبيل المثال ارتداء قبعات عثمانية أو قبعات من صوف الحملان كملابس محكمة حتى الآن  لا تزال الكلمات التركية باقية في مفردات اليمن وكان يعتبر التلغراف من أهم الاختراعات في تلك الحقبة وغير من أشكال السياسة حيث استطاع ربط صنعاء ببقية المدن والأقاليم وجعل انتقال الأخبار أسرع، على سبيل المثال في وقت كان الناس لا يزالون يستخدمون الجمال والحمير والخيول وكانت المسافة بين تعز وصنعاء تُعرف بثمانية أيام وفجأة اختصر التلغراف ذلك إلى لحظات كان لنظام التلغراف البدائي والذي يعود إلى القرن التاسع عشر دور سياسي في شمال اليمن حتى ستينيات القرن الماضي ولكن خارج المدن الكبرى لم تحرز آمال الأتراك في الإصلاح تقدمًا يذكر كانت المناطق القبلية شمال صنعاء متجهمة وغير منصاعة لرغبات ومطامع الأتراك.
.... يتبع...

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا