تاريخ اليمن الحديث بول دريش جامعة أكسفورد(9)
عندما زار ادوارد جلاسر وهو مستشرق وعالم آثار ومستكشف نمساوي تركزت أعماله في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية زار اليمن واستقر في مأرب
في وقت متأخر من القرن التاسع عشر وظل كذلك حتى قرب زماننا وجد ان فقط الشيوخ هناك هم من لديهم التبغ وقهوة القشر (مشروب مصنوع من قشور القهوة المتبل) ويمكنهم حتى تقديم لحم الضأن للضيف لكن العنصر الأساسي هو الخبز وهذه الأمور لم تكن متاحة لعامة الناس ومصابيح الزيت من أكثر الأنواع بدائية توفر الضوء وفقط المشايخ الأفضل لديهم شمعدان كبير لكن قديم جدًا به شمعتان كانت النوافذ صغيرة يمكن للمرء أن يعيش في شبه ظلام بصرف النظر عن الحشرات والبراغيث ومن السهل تخيل قذارة الحياة وكان نصف الأطفال يموتون عند الولادة أو في سن الرضاعة.
كان على النساء أن يكدحن لساعات لجلب المياه من صهاريج غالبًا ما تكون قذرة ونصف جافة ويصور جلاسر عالماً بين الرجال المستمر مليء بالمشاكل والعنف المسلح وكانت البيوت بمثابة حصون ضد الجيران، نادرًا ما كان لدى الناس ما يكفيهم من الطعام وما قاله السير جيرالد ترفا سكس المندوب السامي البريطاني في عدن لاحقًا عن الجنوب يمكن أن يقال عن معظم المناطق القبلية بما في ذلك الشمال، في أماكن أخرى كانت الزراعة أكثر ثراء، في عام 1903م التقيت بمحمد الأكوع وهو من مواليد قرية الذاري التي تبعد ساعات جنوب ذمار ونشأ فيها وهي من المناطق الغنية بالزراعة والطيور وكانت الأشجار والأودية مليئة بالمحاصيل أكثر مما يراه المرء عادة في العولقي أو شمال صنعاء كان والد محمد الاكوع قاضيا دقيق البنية وقصيرا وكان مستواه أعلى من الفلاحين في المنطقة حتى انه اشترى القات الخاص به من مكان آخر كما اشترى الطعام للضيوف المهمين، والدة محمد خبزت الخبز وجهزت السمن البلدي المصفى والزبدة ذات الرائحة الزكية وكان هنالك أيضا عسل ابيض وبيض والخبز واللحم، الناس الأفقر لم يتغذوا بشكل جيد حتى أسرة القاضي عاشوا دائما في ظل الموت والأكوع يعرف تاريخ ميلاده لأن والده كان قد سجل أسرته في سجل عائلي في وقت كاد أن يموت محمد الاكوع هو نفسه من الحمى وتوفت والدته أثناء ولادته كما ذكر والده الموضوع بحزن شديد ،علي هامش القانون الزيدي والذي يشبه القانون الأمريكي في موضوع تسجيل الوفيات بصورة منتظمة حتى اجتاح الجدري البلاد وتوقف تسجيل الوفيات في كتب العائلة أصاب الجدري العديد من الناس ولم تكن هنالك اي وسائل لمكافحة هذا المرض الخطير كان الناس يتركون في أماكن مفتوحة على الأرض المتربة ويتم ربط أيديهم لمنعهم من لمس عيونهم حيث يسبب هذا المرض العمى ويتم تبخيرهم بدخان الروث المحترق ثم تركهم لمصيرهم، من ذكريات الاكوع التي ذكرها لي هي موسم صيد الجراد حيص كان الجراد يشوى ويحمص وتكون وليمة كبيرة للجميع ،كان الخوف من اجتياح الجراد الوادي حيث المحاصيل كان الناس يندفعون نحو الوادي صغارا وكبارا ويصرخون ويولولون كما لو كانوا في جنازة كانوا يهرعون من منازلهم نحو الوادي بسرعة دون التفكير بأي شيء آخر يحملون عصي القصب وقد ربطوا الملابس عليهم وكانوا يندفعون عبر الأراضي الزراعية وهم يصرخون في فوق أصواتهم يا جراد الله فليعتني بك الله أبتعد ولا تعود، في كثير من الأحيان يأكل الجراد كل شيء يمكن أن يضيع محصول بالكامل ولم تساعد الفوضى السياسية الوضع الاقتصادي للناس كان الأتراك والقبائل الزيدية يتقاتلون حول يريم وكان الناس يفرون إلى الكهوف، تم استخدام تسميات شيخ و رجل قبيلة (قبلي، قبايل) على نطاق واسع في المناطق الريفية ولكن في مناطق كثيرة رجال القبائل كما يُطلق عليهم، لا ينتمون حقًا إلى قبائل كانت العلاقة مع شيوخهم المحليين إلى حد كبير علاقة الفلاحين بملاك الأراضي الاقطاعيين في المناطق الأكثر ثراءً بيئيًا في الجبال الغربية من رازح عبر المحويت وريمة إلى وصاب كان هذا شائعًا مما في اليمن السفلي .
في المناطق الجافة من أعلى اليمن كانت تهيمن عليها اكبر القبائل المسماة حاشد وبكيل كانت طريقة التعامل مختلفة يشبه وضع قبائل العولقي أو اليافعي في الجنوب هنا كانت الانقسامات القبلية واضحة لم يكن الشيوخ في العادة يسيطرون على أراضي رجال القبائل بل كانوا يمتلكون أحيانًا أراضٍ شاسعة في مكان آخر مثل شيوخ حاشد وبكيل يمتلكون أراضي غرب أو جنوب مناطقهم وهي أراضي أكثر خصوبه وإنتاج يعمل بها رجال غير قبليين بينما كان رجال القبائل يمتلكون أراضي أقل خصوبة ويعملون بها بأنفسهم كان هذا شائعًا في الجنوب أيضا وكانت القبائل الحقيقية حسب التقديرات المحلية تعيش في مناطق تنتج القليل من الفائض الاقتصادي أما المناطق الأكثر إنتاجية فكانت لها هياكل اجتماعية يصفها الجيل اللاحق على أنها إقطاعية وكان السكان الذين تحدثنا عنهم قبل ذلك بوقت طويل يصفونها على انها ريع يمكننا القول بإنصاف كان الفلاحين مختلفين تماما عن رجال القبائل . يتبع ..