ذكرى الاستقلال.. مرحلة استثنائية ومحطة تاريخية هامة
مهما دارت عجلة التاريخ تظل أطماع الاستعمار- قديماً وحديثاً- رهين المحبسين، ويظل الوطن دوماً مستهدفاً من قبل الأعداء والعملاء، ومهما كثرت المخططات والمؤامرات عليه،
فالمسيرة الثورية متوهجة والنضالية مستمرة ما دامت إرادة الصمود الشعبي والثبات الأسطوري وقوة البأس والرفض للخضوع والتبعية والوصاية الخارجية تؤمن بعدالة القضية، وترفض سياسة الاستسلام والاحتلال.
هنا يكون الوطن هو الأغلى، والأسمى من كل شيء، بل هو الحاضن الحقيقي في قلوب ووجدان الشرفاء الميامين ورجاله الأوفياء من أبناء الوطن الذين قدموا، ويقدمون أغلى وأنفس ما يملكون فداءً وتضحية للوطن الأم وطن يسوده العدل والإنصاف والمساواة والمواطنة المتساوية في ظل هوية واحدة وانتماء واحد وولاء واحد..
إن احتفاءنا بالذكرى الـ54للاستقلال المجيد فيها الكثير من الوقفات والدروس والعبر والمحطات التاريخية الحافلة بالتجارب والخبرات، ومنها يستلهم شعبنا اليمني العظيم دروس التسلح بالإرادة الحرة والعزيمة القوية المعززة والدافعة لمسيرة الاستمرار في مسيرة الثورة والكفاح والنضال ضد كل محتلٍ وغاز..
لا شك أن اليمن اليوم يواجه قوى عدوانية استكبارية كبرى بدعم أممي ودولي، ومن أزلامه الأعراب من آل سعود وآل زايد، لكن شعبنا العظيم ورجاله الشرفاء الأبطال الميامين لهم بالمرصاد في حلهم وترحالهم، وعليهم أن يدركوا جيداً أن يمن اليوم ليس يمن الأمس وإن مفردات الإنسان اليمني ستظل راسخة ومتجذرة في جغرافيتها وهويتها وثقافتها وحضارتها مدى الزمن لا تغيرها رياح الأعداء ولا عواصف الأهواء بل تظل محفورةً في ذاكرة الأجيال جيلاً بعد جيل.
يأتي احتفاؤنا بذكرى الاستقلال المجيد وفاءً وتقديراً وإجلالاً وتعظيماً لتضحيات شهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم ودماءهم فداءً لوطنهم، لأنهم يقودون معركة الشرف والكرامة ضد الغزاة والمحتلين.. ورجالنا الأشاوس اليوم يواصلون مسيرة الكفاح والنضال ضد قوات العدوان الجائر بكل صمودٍ وثبات وعزيمة واستبسال.
في ظل المعطيات الراهنة تحاول قوى العدوان وحلفاؤه وبدعم صهيوأمريكي وبريطاني تغيير بوصلة السيناريوهات تجاه أهداف جيوسياسية وإستراتيجية أكان في شمال اليمن أو جنوبه لأنهم يدركون أن اليمن يسبح على بحيرة نفطية وغازية هائلة وهذا ما تخشاه جارة السوء وينقلب السحر على الساحر.
وهناك سيناريوهات ماورائية غير معلنة على جنوب البحر الأحمر وباب المندب والجزر اليمنية والكل يهرول على حصته وأخذ نصيبه من الكعكة اليمنية، ولكن هيهات لهم ثم هيهات أن يحققوا ذلك، فالصراع على جنوب البحر الأحمر يظل بؤرة بركان نشط ويشكل رقماً صعباً ومؤثراً لكل القوى الإقليمية والدولية، وقد بدأ يلوح في الأفق عندما بيعت جزيرتا "تيران، وصنافير" وهذه هي القشة التي ستقصم ظهور الأعراب ودول الخليج قاطبة..
كل المؤشرات والقراءات الجيوسياسية تشير إلى أهمية البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب والمحيط الأطلسي وبأنها قضية دولية، وبأن أمن الملاحة الدولية والتجارة العالمية في البحر الأحمر تهم كل الدول، وهناك دعوات أممية ودولية تحاول تدويل أزمة الحرب اليمنية لمصالح وأجندة ذاتية وآنية، وهذا ما سيؤدي إلى تنافس دولي وحروب باردة بين العمالقة: والنمور الآسيوية والأوروبية..
فالأيام القادمة حُبلى بالكثير من المفاجآت والإرهاصات والسيناريوهات المتشابكة..
لهذا وذاك على كافة القوى الوطنية والمكونات الحزبية والفكرية والشرفاء الأوفياء من أبناء هذا الوطن أن يعوا الدرس جيداً، ويكونوا في حجم مستوى المسؤولية والحدث قبل فوات الأوان.
علينا أن ندرك أن العدوان المدعوم أمريكياً وصهيونياً وبريطانياً على اليمن هو أحد أشكال الاحتلال والاستعمار القديم الجديد، بل هو امتداد طبيعي لمرحلة تاريخية مفصلية مهمة، سيغير موازين القوى الكبرى، والتحالفات الإقليمية والدولية بين الدول النامية وحلفائها، وخير مثال على ذلك ما يحدث الآن في بعض الدول العربية من تجريف لهويتها وتشويه لعقيدتها وطمس لتاريخها وتراثها وثقافتها، لكن التاريخ لن يرحم، وسيدون كل شاردة وواردة، وما فعله المحتلون القدامى الذين كانت نهايتهم مأساوية، ومصيرهم كارثي.. وعلى البادي تدور الدوائر وصدق من قال:"خذوا الحكمة من أفواه المجانين"..
• كلمات مضيئة:
الحرب البحرية قادمة شئنا أم أبينا.. فموقع اليمن البحري مهم وحساس وخطير.. جنوب البحر الأحمر، فيه أهم الموانئ والمضائق والخلجان التي تمر من خلالها طرق الملاحة الدولية والتجارة العالمية من أعالي البحار مضيق البوسفور وخليج هرمز وخليج عدن وباب المندب إضافة إلى الجزر اليمنية المطلة على البحر الأحمر وبحر العرب.
في هذا السياق تؤكد الأحداث والمستجدات أن تزامن العدوان على اليمن تم بتنسيق صهيوأمريكي فيما يسمى بـ"صفقة القرن" للسيطرة على طرق الملاحة العالمية في البحر الأحمر.. هناك سيناريوهات تُدار وراء الكواليس بين الفرقاء والشركاء، بين أباطرة الحروب.. وأمراء البترودولار..
ويبقى السؤال الحاضر الغائب.. وثمة أخطار جيوسياسية، وجيواستراتيجية وعسكرية عن الوصاية غير المعلنة على مضيق باب المندب والجزر اليمنية وقيام دول العدوان من آل سعود وآل زايد ببناء قواعد عسكرية واحتلال مباشر لجزيرتي ميون وسقطرى.. وهذا ما تؤكده لنا الأحداث الراهنة، بأن الأطماع السعودية والإماراتية في اليمن هي من أشعلت فتيل الحرب وأدخلت المنطقة في بؤر الصراعات المذهبية والفكرية والطائفية لتنفيذ أجندتها الماورائية، وهذا ليس بجديد على النظام السعوإماراتي المدنس بالارتهان والتبعية للكيان الصهيوني..
وقادم الأيام سيكشف لنا الكثير عن النوايا الأعرابية الخبيثة المبيتة تجاه اليمن أرضاً وإنساناً ووحدة وهوية..!!