اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين ؟!..- 107 -
وبعد سبع سنوات من الحرب الضروس التي تشنها مملكة آل سعود, وحلفائها على اليمن, تبدو هذه المملكة المتهاوية في موقف حرج لا تُحسد عليه,
وتُشبه بوضعها الهش هذا إلى حدٍ بعيد ذلك العاجز المشلول الذي يبحث له عن حل ومخرج من الشرك الذي وقع فيه.
وهذا ما تؤكده تقارير استخبارية وصحفية غربيه, تشير صراحةً إلى أن السعوديّة تبدو اليوم عاجزةٌ عن إيجاد مخرج لها من مستنقع اليمن الذي أوقعت نفسها فيه, وتبحث عن من يساعدها على الخروج منه بقليل من الأمان وبعض ماء الوجه.. يأتي ذلك بالتزامن مع تعاظُمِ انتصارات قوات صنعاء وزيادة قوة الموقف السياسي لها، في مقابل تضخُّمِ خسائر وانكسارات وعجز التحالف، حيث أصبحت هزيمةُ المملكة والدول المتحالفة معها في العدوان على اليمن أمرًا واضحًا لجميع المراقبين.. وقد انعكس ذلك وبكل وضوح في تناولات العديد من وسائل الإعلام الأجنبية للملف اليمني خلال الفترة الماضية، والتي أكدت جميعها وبشكل متكرّر على أن النظام السعوديّ يواجه خسارة مدوية لم يعد بإمْكَانه الهروب منها أَو التغطية عليها.. وفي هذا السياق، عنونت مجلة (ذا إيكونومست) الأمريكية تقريرَها الأخيرَ عن المِلف اليمني بعبارة: “السعوديّة عاجزة عن إيجاد مخرج من اليمن”.
وتطرق تقرير المجلة إلى معركة مأرب المُستمرّة حالياً.. مؤكّـداً أن سيطرةَ قوات صنعاء على ما تبقى من مأرب سيكون انتصاراً استراتيجياً كَبيراً.
وأشَارت المجلة الأمريكية في تقريرها الذي نشرته قبل أيام إلى أن صنعاء تمتلك ما وصفته بـ“اليد العليا” في هذه المعركة بصورة مُستمرّة.
وقال التقرير: "إن النظام السعوديّ يزدادُ “يأساً بشكل مُستمرّ، وهو يحاول الوصول إلى نهاية تحقّق له مصالحه".
وَأَضَـافَ التقرير أن: “الصراعَ الذي سوّقته السعوديّة للجمهور في عام 2015 م كنُزهة سريعة أصبح مستنقعًا، كلف المملكة مليارات من الدولارات لا حصر لها وألحق الضرر بالعلاقات مع الشركاء الرئيسيين”.. ولفت إلى أن مساعيَ الرياض للحصول على المزيد من الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية تأتي كمحاولة لتفادي المزيد من تقدم قوات الجيش اليمني واللجان الشعبيّة لاسيما في معركة مأرب.
كما تطرق تقرير. المجلة الأمريكية إلى محاولة النظام السعوديّ استغلال المفاوضات الجارية بينه وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية للخروج من مأزق اليمن.. مُشيراً إلى إنه “حتى لو أرادت إيرانُ المساعدة” فَـإنَّها لا تمتلكُ “سيطرةً” على قرار صنعاء.. وخلص التقرير إلى القول: "إن السعوديّة تبدو حريصةً على تقليل خسائرها، لكنها عاجزةٌ عن إيجاد طريقة لفعل ذلك، في محاولة منها لتخليص المأزق الذي تعيشه المملكة في اليمن".. وما من شك أن مضمون هذا التقرير. الأمريكي عما يحدث في اليمن يؤكد وبمنتهى الوضوح أن صنعاءَ قد استطاعت فرضَ معادلاتها عسكريًّا وسياسيًّا، وأن “المخرج” الوحيد المتاح أمام النظام السعوديّ هو التعاطي الجدي والعملي مع محدّدات السلام التي أعلنتها صنعاءُ والمتمثلة بإنهاء العدوان والحصار والاحتلال ودفع التعويضات، وأن كُـلَّ محاولات الالتفاف على هذه المحدّدات محكوم عليها بالفشل الذريع.
وخلال الفترة القصيرة الماضية سلطت العديدُ من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية الضوءَ على حتمية الهزيمة السعوديّة في اليمن، بعد الانتصارات الكبيرة التي حقّقتها قواتُ صنعاء في محافظة مأرب والتي تستمر بالتصاعد وسط ترقُّبٍ واسعٍ لاكتمال تحرير ما تبقى من هذه المحافظة واستعادة ثرواتها النفطية والغازية.
وأشارت إلى أن هذه الانتصارات التي حققتها قوات صنعاء في هذه المعركة أثبتت عدمَ جدوى الضغوط الدولية التي عوَّلت عليها الرياض بشكل كبير، فيما لا زالت قوات صنعاء تثبت بشكل متواصل فشلَ كُـلّ وسائل “الحماية” الأمريكية أَيْـضاً من خلال الضربات الصاروخية والجوية العابرة للحدود.
وبحسب محللين سياسيين مهتمين بمراقبة تطورات الوضع في اليمن عن كثب, ففي الوقت الذي تبحث فيه السعودية عما وصفوه بالحل السحري الذي يبعد عنها خسارتها المحتمة في معركة مأرب الحالية التي شارفت على نهايتها لصالح قوات صنعاء, جاءت "عملية توازن الردع الثامنة" من خلال استهداف عمقها الإستراتيجي بأربع عشرة مُسيرة يمنية من أنواع صماد 2 وصماد 3, وقاصف -2ك -, والتي توزعت بين قاعدة الملك خالد, وشركة أرامكو في الرياض, ومطار الملك عبدالعزيز في جدة, ومطار أبها في الجنوب, لتضعها أمام استحقاق آخر لا يقل أهمية وخطورة عما تعانيه من فشل أصاب مسار عدوانها المستمر على اليمن منذ ما يقارب سبعة أعوام.
وفي مقال تحليلي نشر أواخر نوفمبر المنصرم. يتساءل الكاتب والمحلل اللبناني شارل أبي نادر, هل تختار السعودية البقاء في مستنقع الضياع واللا توازن في حرب غريبة أرادتها خاطفة, أو نزهة قصيرة, لتجد نفسها تعيش في دوامة قاتلة, قد تمتد لأجيال طويلة لو بقيت تعيش حالة الإنكار وعدم الإعتراف بالفشل وبالهزيمة وبإتخاذ القرار الخاطئ ؟.".
ويستطرد الكاتب والمحلل اللبناني أبي نادر في مقاله قائلاً: "في مأرب بشكل خاص, وفي كامل الجغرافيا التي أرادتها (السعودية) مسرحاً لحربها على اليمن بشكل عام, تعيش الرياض حالة إنكار وضياع,, فالميدان داخل اليمن الذي حاولت الإمساك به والسيطرة عليه, أقفل بوجهها بشكل مُحكم وطبيعة الإنتشار والجاهزية لوحدات الجيش اليمني واللجان الشعبية تثبت بما لايقبل الجدل أن الأمر أنتهى, وأن أكبر مايمكن أن تكسبه السعودية في الحرب, هو فقط إطالة الوقت قليلاً, وربما إسقاط عدد أكبر من الشهداء اليمنيين بين المدنيين, أو المقاتلين, وإحداث مراوحة أوسع من التدمير, وذلك ليس بفضل قدراتها أو قدرات المُرتزقة والمُرتهنين لها, بل فقط بفضل القصف الجوي غير المسبوق الذي تنفذه قاذفاتها المدعومة مباشرة من الأمريكيين, وبشكل لايمكن لأحد أن ينكره أو ينفيه, أو يخفيه رغم الإدعاءات الكاذبة بوقف السلاح الأمريكي الهجومي لها, إلا إذا أعتبروا أن قاذفات أف 16, وأف 15, وربما أف 35 مع صواريخها الموجهة من مئات الكيلو مترات, ومع النماذج المتطورة من قنابلها الذكية, هي أسلحة دفاعية, وليست هجومية".
وحول علاقات السعودية مع حليفتها, واشنطن التي يسودها المصلحة ويغلب عليها الابتزاز الأمريكي للمملكة, يقول الكاتب اللبناني شارل أبي نادر: "تعيش الرياض حالة إنكار بسبب ما تمارسه معها واشنطن من ابتزاز مالي ومعنوي على المكشوف من خلال ما تخلقه الإدارة الأمريكية من فرص ذهبية لتوقيع المزيد من عقود التسليح الضخمة معها بمليارات الدولارات يتكلمون اليوم عن صفقة ضخمة لعشرات البطاريات من منظومة الدفاع الجوي الأمريكية " ثاد " الأغلى عالمياً, تُضاف إلى صفقة مماثلة سبقتها, من الصواريخ جو - جو (إيه أي أم 120 سي), وطوافات القتال القانصة, والمؤسف أن ذلك يترافق مع حملة مُغطاة بغشاء من الخداع بعنوان " معارضة وهمية من الكونغرس لهذه الصفقات " والتي تعود لتسلك بسهولة في النهاية في وقتها المطلوب, ولتدخل هذه المنظومات في دائرة الفشل في منع وصول الصواريخ والمسيرات اليمنية إلى العمق السعودي, حيث المنشآت الحيوية والمطارات الحساسة".
وللموضوع بقية لابد من استكمالها والوقوف عند جملة من النقاط المتعلقة, لإثراء هذا الموضوع المتشابك والمعقد, الذي له ما قبله, وما بعده !.
....... يتبع......