تاريخ اليمن الحديث بول دريش جامعة أكسفورد(15)
في أوائل القرن العشرين نشب خلاف حول امتيازات السيد الشريف وهو من أحفاد النبي محمد داخل المجتمع الحضرمي في حضرموت حيث كان لأفراد العلويين عشيرة السيد الشريف
مكانة اجتماعية عالية لكن داخل المجتمع الحضرمي في الجنوب ظهرت مجموعة تتنصل من الوضع الخاص للعلويين أو السيد الشريف عمومًا باعتباره انتهاكًا لمفهوم المساواة بين جميع المسلمين وقد أسسوا منظمة تسمى إرشاد في باتافيا عام 1914 واستمر الصراع بين العلويين والإرشاديين حتى الثلاثينيات.
اعتبرت الأدبيات السابقة أن الخلاف يتعلق بالهيمنة في المجتمع الحضرمي وعرضته فقط على أنه يُنظر إليه في السياق المحلي لم تتم مناقشة أدوار المسلمين غير الحضرميين في النضال والجدل حول امتيازات السيد الشريف أنفسه ووجد البريطانيون أنفسهم في خضم دعم بناء الدولة 1936 وما بعده يدعمون بالأساس عائلات معينة من السيد الذين كانوا هم أنفسهم في ذلك الوقت متحالفين على نطاق واسع مع حاكم القعيط ضد عدد كبير من الجماعات التي ادعى البعض منها المثل والقيم الإرشادية والبعض الآخر مجرد مجموعات مستقلة أما الدولة الكثيريه فكانت متمركزة في الوادي بالقرب من سيئون وبدون مدن ساحلية وبالتالي لا توجد رسوم جمركية يتم تحويلها إلى البنوك وفي الواقع كان الانفاق الأكبر من قبل السيد ابو بكر الكاف الذي كان إنفاقه الشخصي على الأعمال الخيرية ضخمًا ومن المعروف إن ثروته جاءت من سنغافورة حيث قدرت ثروته بـ 25 مليون جنيه إسترليني .
ولد السيد أبوبكر بن شيخ الكاف في سنغافورة عام 1890م لأسرة من عائلات سادة تريم جمعت أسرة آل الكاف ثروة ضخمة من التجارة وامتلاك العقارات في سنغافورة وغيرها من الدول وفي تريم لاحقا ظهرت حركة تدعو لالغاء سلطنة الكثيري والقعيطي لتجنب الازدواج الضريبي ودفع الضرائب مرتين وكان السيد حامد المحضار وزير التنمية في المكلا التابعة للقعيطية يتبنى هذه الحركة المطالبة بالغاء الازدواج الضريبي وكان أيضا من المعارضين للإمام ثم تحول الى معارضة سياسة القعيطي الداخلية ولكنه وقع في خطأ كبير في النهاية وخسر كل شيء بسبب عدم حكمته في إدارة الأمور السياسية خصوصا مع ظهور عائلة العطاس على الساحة السياسية و شروط اتفاقية انجرام للسلام وفي أواخر عام 1936 انسلخت حضرموت من نفوذ الامام يحيى كليا وأصبح السلطان صالح بن غالب القعيطي هو الحاكم لحضرموت خلفا لوالده غالب القعيطي وتظهر خرائط اليمن محورين من الأرض المرتفعة الأول هو الجبال من الشمال إلى الجنوب التي تتمثل فيها قوة الإمام يحيى والثاني هو جبال الكاور والجول التي تمتد من الغرب إلى الشرق عبر حضرموت وبينهما تقع زاوية شبه صحراوية تسمى الشرق أو المشرق .
يربط علم الأنساب المشترك عائلات الشريف واللذين هم أحفاد النبي في مأرب وحريب والجوف وبيحان و قد يدعي البعض أيضا وجود علاقة مع أجزاء من ذي الحسين في بارات وتصل روابط ذي الحسين الخاصة إلى الشرق الأقصى و في عام 1936 قطع جون فيلبي وهو مساعد كاهن إنجليزي لابن سعود الزاوية الشبه صحراوية التي تفصل جبال الشرق والغرب من خلال قيادة السيارات عبر الصحراء من نجران إلى شبوة ثم المكلا من اجل كسب التأييد للحكم الوهابي ولابن سعود شخصيا ثم في عام 1938 واجه الإمام يحيى بريطانيا في تحدي جديد وذلك بإرسال علي ناصر القردعي لاتخاذ شبوة نقطة وصل بين الشرق والغرب والتي أصبحت بسبب سياسات بريطانيا وتدخلات ابن سعود مناطق منفصلة سياسيا .
كان القردعي شيخ مشايخ قبيلة مراد في مأرب وكان عدد من مشايخ قبائل مأرب قد بايعوا الإمام في عام 1926 ولكن الاتصال الحقيقي حدث في عام 1930 بين الإمام وشيوخ مأرب وبدأت الأمور تتخذ منحى رسمي بين الطرفين بعقود وأوراق رسمية وخلال هذه السنوات كان علي القردعي محتجزا في صنعاء ثم تم تعيينه كحاكم لمديرية حريب وثم سجنه مرة اخرى وبعدها هرب وأصبح متمردا على حكم الإمام في جبال الشرق اليمني ثم عقد الإمام صلحا معه وأرسله الى شبوة لتخليصها من الحكم المسيحي الانجليزي وقد استطاع البريطانيون بمساعدة رجال القبائل المتحالفة معهم من إخراج القردعي من شبوة وأيضا بمساعدة الطائرات البريطانية التي كانت تقصف شبوة بصورة مستمرة وزعم البريطانيون إن شبوة هي جزء من حضرموت وليست تابعة لليمن وان علي القردعي ينتمي لليمن ولاينتمي الى شبوة وحضرموت وان الخط الأنجلو-تركي من 1905 إلى 1914 قسم اليمن الى بلدين مختلفين وتفاعل اليمنيون مع تصريح البريطانيين بصورة متوقعة وظهر الرفض الشعبي لكلام الضابط البريطاني ونشرت الصحيفة الرسمية في ذلك الوقت خطابا للإمام يقول أمر الله ألا تكون حدود اليمن الطبيعية غامضة ومبهمة ، اليمن محاط بالبحر من الغرب والجنوب والشرق وكل ما يدخل ضمن هذه الحدود حتى طرف جَنُوب الحجاز هو مهد اليمن وحضرموت ليست جزيرة في المحيط الهندي حتى تعتبر شبوة جزءًا من حضرموت وليست من اليمن .