اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين?!.. «59»
ولم تشفع لليمنيين خدماتهم الجليلة لدولة الإسلام وحضارته العظيمة , واسهاماتهم الفاعلة في إقامتها وتشييد صروحهما الشامخة منذ صدر الإسلام الأول في المدينة المنورة , حيث قوبل ماقاموا به في هذا الجانب بالجحود والنكران وتم مجازاتهم " جزاء سنمار " !.
وبالرغم من لعب اليمنيين أعظم الأدوار المؤثرة والحيوية في إقامة وإنشاء دولة الإسلام وحضارته العريقة وجهودهم المتميزة والمخلصة في نشر الدعوة الإسلامية واضطلاعهم بالفتوحات مشرقا ومغربا أكثر من غيرهم إلا أنهم لم يعطوا حقهم نظير ماقاموا به وجرى بتعمد هضم حقهم من الفضل وحسن الذكر والثناء من قبل الكثير من المؤرخين والإخباريين الذين تناقلوا أخبارهم بنوع من التهميش والإغفال وركزوا تناولاتهم واطروحاتهم التاريخية في كتبهم على مافعله غيرهم وأعطونه أهمية لايستحقها على الإطلاق.
وبالرجوع إلى بعض المصادر والمدونات التاريخية التي تناولت وتناقلت أخبار اليمنيين وما قاموا به من جهود ولعبوا من ادوار في خدمة الإسلام والمسلمين منذ مآزرتهم للرسول الكريم من قبل الأنصار وإحتضانهم له ومبايعته بعد اشتداد أذى مشركي قريش وهجرته إلى يثرب معقل الأوس والخزرج , فسنجد في تلك المصادر بعض مايثبت الصفات لرجال اليمن الذين كانوا الأساس لقيام دولة الإسلام وحضارته التي سادت العالم.
وتأكيدا لحقيقة هضم حق اليمنيين في السبق والفضل في خدمة الإسلام والمسلمين واسهاماتهم المتميزة في ترسيخ أركانه ومبادئه وانتصار قضية الدعوة وانتشارها في آفاق الدنيا , يقال وعلى سبيل المثال أن أبناء اليمن الذين كان لهم الفضل الأول في القضاء على خطر الردة عن الإسلام الذي واجهه أبو بكر الصديق في الأيام الأولى لتوليه خلافة الرسول الكريم , حيث أعلن الكثيرون من أعراب الجزيرة العربية ارتدادهم عن الإسلام واعلان الحرب عليه وظهور أدعياء للنبوة أخطرهم وأشدهم عداء للإسلام مسيلمة الكذاب من بني حنيفة والذي ألتف حوله الآلاف من الأعراب المرتدين واعلنوا حربهم على الإسلام.وامتناعهم عن دفع الزكاة واسقاط بعض الفروض الدينية , وخروجهم عن حكم الخليفة الراشد الصديق في المدينة المنورة الذي وجد نفسه أمام خطر عظيم لايستهان.به فما كان منه إلا أن وجه خالد بن الوليد بتجريد جيش عرمرم لمواجهة المرتدين وقتالهم حتى استئصال شأفتهم , وكان قوام هذا الجيش معظمه من اليمنيين الذين لم يترددوا في تلبية نداء الصديق لهم بالتوجه لقتال المرتدين بزعامة مسيلمة الكذاب وطليحة الأسدي ومدعية النبوة الساحرة سجاح.
وقد خاض أوس اليمن وخزرجهم من الأنصار معارك مهيلة مع المرتدين اشهرها معركة اليمامة بقيادة خالد بن الوليد بن المغيرة , وتمكن جيش اليمانية الذي كان عددهم سبعة آلاف رجل بالإضافة إلى ثلاثة الاف مقاتل آخرين من بقية العرب , تمكنوا من هزيمة مسيلمة وجيشه والقضاء عليهم قضاء مبرما .
وتشير بعض المصادر إلى مقتل مسيلمة الكذاب مدعي النبوة ومعه اكثر من سبعة آلاف من اتباعه وأنصاره في مذبحة البستان الذي تحصن به باليمامة (جنوبي الرياض حاليا) .
ولولا اليمنيون لأنتشرت الردة في كل الأنحاء ولما قامت للإسلام قائمة بعد ذلك , إلا انهم برغم هذا السبق والفضل لهم في القضاء على خطر الردة وجدوا حكومة المدينة ممثلة بخلافة الصديق ترسل لليمن بعض الولاة ممن ينتمون لبيوتات عنصرية في قريش , وقد افرط هؤلاء في إهانة اليمنيين وظلمهم ولم يهتموا إلا بالجباية والتضييق على اليمنيين وممارسة العسف بحقهم مما جعلهم ينتفضون ثائرين على هؤلاء الولاة وجورهم بقيادة الأسود العنسي الذي اتهم بالخروج.عن الإسلام وادعاء النبوة وهي تهمة لم تثبت أو تتأكد صحتها من مصدر موثوق ومحايد.
فقد رأى العنسي هذا وهو من زعماء مذحج البارزين ان تخصص ايرادات اليمن لصالح اليمنيين في بلادهم بدل ارسالها لعاصمة الخلافة وهو ماأغضب الولاة الجباة عليه وجعلهم يتهمونه بالردة وادعاء النبوة لشرعنة وتبرير قتاله ومن معه من احرار اليمن الذين رفضوا النوم.على ضيم والخضوع للولاة الظلمة من سفهاء قريش حديثي العهد بالإسلام !.
...... يتبع ......