كتابات | آراء

كيف نجعل المستحيل ممكنا ..؟

كيف نجعل المستحيل ممكنا ..؟

من الظواهر التي أصبحت تلازم الصراع السياسي هو ما وصل إليه عبد الله البردوني حيث قال : "إن معاوية أسترجع أمسه كأساس ليومه وبهذا حقق الثبوت في التاريخ السياسي العربي ,

في حين حقق الامام علي رضي الله عنه الجانب التحولي في التاريخ السياسي العربي , لذلك فقد توالت بعد( معاوية )الخلافة الوراثية ماضوية الشكل والروح, وكانت تلك الخلافة أعجز عن استعادة الامس ودخول الغد , إلا انها كانت تتحرك في جانب ضيق .....  والثورة التحولية تتحرك في جانب الشعب وبالشعب لأن الأئمة العلويين ومثقفي اليمن أشعلوا ديمومة الثورة الفكرية.
ومن الثبوت الخلافي (السلطوي) والفكر الثوري تكوّن تأريخنا ,وهو ممتد في كل التجارب وبنفس النسق الذي كان عليه ,وما يحدث اليوم من صراع يحمل ذات السمات , فالماضي يناوش بثبوته , و المستقبل يحاول تحقيق وجودة ,فالثبوت والتحول تلاقيا من جديد , فتحرك جانب بين آتٍ لا يأتي لقلة وسائل صنعه, وبين ماضٍ لا يرجع لانعدام الحياة فيه ,وإن دلّتْ عليه أصوات وأصداء  الغد.., فالعملان مجرد حركة هزيلة في فراغ , لأن الماضي لا يرجع , والآتي لم تتهيأ مُهود ميلاده , فالجانب الثبوتي يعجز عن إرجاع الامس , ذلك أن إعادة أي موروث تقتضي وجود كل ظروفه, وكل ملابساته , وكل المناخات التي غذته , كما أن دخول الغد يستدعي جِدّة نفوس الداخلين فيه وقدرة تجديده ,وتجديد نفوسهم معه, حتى لا يصبح ماضياً , ومن هنا تدل الظواهر والاعمال على أن مجتمعنا  إلى الآن يتحرك بين زمن مستحيل الرجوع, وبين آتٍ غير ممكن الإتيان إلى الآن, هذا ما تنبئ عنه دلائل اليوم - وإن كان لكل يوم دلالة - إلا ان الآتي ممكن الميلاد, كما أن الماضي  مستحيل الانبعاث, لأن لكل زمن عمل..., وحيوية كل عمل أن تدفعه أفكار حياتية وتقوده أفكار حياتية , ويولي اهتماماً مضاعفاً بالقدرات الذهنية والإبداعية والابتكارية لأنها هي من تصنع الافكار الحياتية وتقودها , فالهوية الثقافية اليمنية محرومة من الفلسفة , وإن كانت  قامت على اصول مختلفة من الفكر, إلا أنها في ملامحها العامة تشكلت من النزوع الديني والحس الوطني , ومحاولة المزج بين ما كان وبين ما جدّ على العصر,.. والملاحظ أن غموض المرحلة زاد من غموض الفكرة , غير أن مكوناتها الاولى تصلح أساساً لأنها بذرة حيه قابله للنمو, ولأن نشأتها واكبت الشكل الاجتماعي البطئ الحركة.
ونحن ندرك اليوم أن العالم أصبح قرية صغيرة لابد أن نتلقى أفكاراً ونعطي أفكاراً , لان من يعرف يحب المعرفة في غيره, والمهم حسن الاختيار, وبعد حسن الاختيار حسن الاستخدام , والمهم أن نكتشف على ضوء الفكر مكامن قوتنا ومواطن ضعفنا, وبمعرفتنا نفوسنا نعرف من أين نبدأ وكيف؟ فالواقع يتحرك من حولنا ومن تحتنا, ولا نقدر على تسييره إلا بالفكر المثقف والاستزادة من التثقف والتفكير , لأن الواقع لا يبدوا في أحلامنا وإنما يتحرك من خارجنا ويمتد منه إلينا .
ولعل الواقع أخصب مادة للفكر, لأن للفكر موارد كما له منابع, و ليست المعرفة الفكرية مقصورة على الكتب ومناهج الدراسة وإنما كل قضية وكل شيء يعطي فكرةً ويلهم رأياً .
ومن يحب لأن يعرف نفسه يعرفها من تجارب غيره ومن وقائع تجربته, فوراءنا طريق طويل من التجارب المعاصرة , فإذا كان الماضي من العصر قد هجم علينا قبل الاستعداد له , فإن علينا أن نواجه الحاضر بنفس روح العصر وآلاته , فطول إحتمائنا بالماضي أو حفاظنا على الحاضر لا يدفعان عنا هجوم الغد , ولكي لا يهاجمنا الغد كالأمس علينا أن نهاجم الغد من اوسع أبوابه, لان امسنا من صنع غيرنا أما الغد فهو من صنعنا .
قد يتخلص الحقد من الموروث بالمولود فالفكرة الأجد تجب ما قبلها ولنا في الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام أسوة في ذلك , فالثورة حين نتحدث عنها نتحدث عنها كتعبير جماعي للشعب وندع  غايتها كموضوع نقاش في ضوء من المرجعيات والمبادئ , ولابد أن ندرك أن طبيعة أي اتفاق تؤدي إلى الاختلاف , وأن طبيعة القبائل عسكرية بالوراثة قد يقاومون العدوان اليوم بحماس من القيم , لكن عوامل النزاع ستخف بتمكن عنصر الاقتناع , ولذلك فالقبول بالحلول الوسط على سوئها أفضل من الاختلافات المتباينة ,  و في التاريخ عبر وعظات, , فالقتال عند أهل اليمن أذهب للغيض كما قيل , فليس بعده إلا التصافي عن صدق ,والتآخي عن صحه إدراك, فالأحقاد ستلفظ مرارتها, لأن الأفهام ستعرف إلى أين يفترض الى أين تتجه فوهات البنادق ,
إذن فالأمور- كما هي طبيعتها - تأتي من نقائضها, فالسلام يأتي من الحرب, والحرب تأتي من السلام, والمهم ليس وقوع الحدث وإنما الأهم نتائجه , فالعمل ليس ضرورة فحسب يقتضيها إثبات وجود أو حماية وجود ... وإنما هو حركة تدفعها أفكار وتقودها أفكار, فالعمل الذي لا يصدر عن فلسفة وتنيره فلسفه يبدو كلأ عمل مهما تعددت مواقعه واتجاهاته , والعمل الذي تسيره الفلسفة يتحرك في حيوية الحياة ويمتلك سر الفاعلية والتأثير.
وتحرك الجماهير دليل على رفضها للواقع ورغبتها في الأفضل الذي يحظى فيه الانسان اليمني بإنسانيته ليعيش الحياة لا ليكابدها , واليوم وقد رفض واقعا وحل محله واقع أجدّ نسبيا , فمن الممكن إبداله بواقع أكثر جدة ,وأكثر نظافة وأكثر إمكانا لتجديد كل واقع , فالسلطة مدينة بوجودها للمواطن العادي الذي ينكر كل سلطة سيئة, ويبحث عن سلطة أفضل لأن كل زعامة سياسية أو قيادة عسكرية لابد أن تكون وليدة ظروف , لكن هذه الظروف من خلق المواطنين العاديين لكثرتهم وحرارة تجاربهم مع محترق السياسة , والتأريخ يتحدث أن الذين ترفعهم احداث تسقطهم أحداث, والذين تخلقهم فرص تعدمهم فرص أخرى ,والوسيلة الوحيدة لبقاء أي زعامة هو النزول عند رأي الشعب مفجر الأحداث وصانع الحدث .
كما دلت التجارب أن الصالح العام هو أضمن الوسائل وأنجحها للكل من أجل الكل , والمهم أن الاستحالة والامكانية تتفاوت بتفاوت شعوب وأفراد , إلا أن تجارب البشر للبشر كضوء الشمس للجميع , فيبدو أن المستحيل يصبح غير مستحيل بتوالي التجارب وفهم النجاح والفشل .
ولان الزمان حركة فهو تبدل , ولأن التبدل تطور وزيادة فمفروض على الخلف التفوق على السلف , لأنه يملك تجارب من قبله وخصائصه الذاتية .
# جل الافكار في هذا المقال للرائي اليمني عبد الله البردوني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا