حديث الإثنين: الوحدة اليمنية وجدت لتبقى
ماضيا وحاضرا ومستقبلا وعلى مر العصور ظلت الوحدة اليمنية وستظل المطلب الجماهيري الوحيد المجمع عليه شعبيا ورسميا ومن يشذ عن هذه القاعدة ليس له علاقة باليمن
أو أنه عميل ومرتزق ينفذ أجندات أعداء اليمن ووحدته لا سيما التاريخيين منهم وعليه نقول في خضم احتفالات أبناء الشعب اليمني بمرور اثنين وثلاثين عاماً على استعادة وحدتهم في تاريخهم الحديث وسط ظروف صعبة ومعقدة قابلة للانفراج بإذن الله وفي وقت يستعدون فيه لتصحيح مسار الوحدة من خلال بناء دولة يمنية جديدة يسودها النظام والقانون والمواطنة المتساوية وقهر العدوان أن الوحدة اليمنية قد وجدت لتبقى واياً كانت الصيغة الجديدة التي ستحفظ لليمن وحدته أرضاً وإنساناً فإنها ستؤكد أن اليمنيين قد عاشوا فترة طويلة من الصمود والتصدي لكل المحاولات البائسة بهدف تفكيكها والعودة بعجلة التاريخ إلى الوراء والتي كلها باءت بالفشل الذريع وهو ما يدل على أن الوحدة اليمنية قد تخطت الصعاب وترسّخت جذورها رغم ما شاب مسيرتها من سوء إدارة بفعل أولئك الذين وثق فيهم الشعب اليمني وجعلهم قادة له ولكنهم استغلوا الوحدة وحوّلوها إلى مشروع للمتاجرة به والمزايدة منذ أول يوم تحققت فيه لأن نيتهم كانت في الأصل خاسرة فتسببوا في إيجاد شرخ بين أبناء الشعب اليمني الواحد ، ومع ذلك فقد أثبت اليمنيون فعلاً من خلال دفاعهم وتمسكهم بوحدتهم والمحافظة عليها حتى في ظل العدوان الحالي على اليمن وشعبه العظيم الذي يشنه رباعي الشر المتمثل في امريكا والسعودية واسرائيل والامارات ومن تحالف معهم للعام الثامن على التوالي إنهم رجال قادرون على أن ينتقلوا بالوحدة من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس المتمثل في ترسيخ دولة النظام والقانون ومحاسبة الفاسدين أياً كانوا في السلطة أو المعارضة أو من أصحاب الجاه والنفوذ فالكل أمام القانون سواسية .
إن الوحدة اليمنية وهي تدخل عامها الثالث والثلاثين قد تخطت بنجاح مسيرة الصعاب والعقبات وواجهت التحديات والمؤامرات التي تُحاك ضدها في الداخل والخارج وستظل تلك الشمعة المضيئة الوحيدة في سماء الأمة العربية حتى تأتي شمعة أخرى تنافسها كاتحاد دولتين عربيتين أو أكثر ولكن عندما ننظر إلى الوضع العربي الراهن وكيف حاله ؟ ونعتبر بانفصال جنوب السودان عن شماله بسبب الصراع على كرسي الحكم والتسابق للتطبيع مع الكيان الصهيوني لا نجده إلا انه يسير من سيء إلى أسوء ، وهو ما جعل المواطن العربي يفقد ثقته في الحكام العرب بشكل عام مما يؤكد أن مشكلتنا في العالم العربي ليست مشكلة تتعلق بالموارد وعدم وجود الكفاءات التي تحكم ، وإنما المشكلة تتعلق بحب التسلط والسيطرة ، فأي طرف يصل إلى السلطة بأية طريقة كانت ديمقراطية أو انقلاب عسكري من الصعب عليه أن يفكر بمغادرة السلطة حتى لو ضحّى بشعبه كاملاً ليبقى هو وبطانته ومستعداً أن يسخر كل موارد شعبه وجيشه ونظامه للدفاع عن الكرسي بدلاً من أن يعمل على تحقيق مصالح الشعب ويؤسس لنظام إداري جيد يمكن على أساسه بناء دولة المؤسسات كما هو حاصل في الدول المتقدمة .
ومن هذا المنطلق أو المفهوم عند الحكام العرب ، فإنه من الصعب على أي مواطن عربي تخيل أن تتحد دولتان عربيتان حتى لو في شكل تنسيق المواقف ولذلك ستبقى الوحدة اليمنية تفرض بعدها الإقليمي والقومي والدولي على كل الأقطار العربية بحيث تشكل انموذجاً يُحتذى به كونها وحدة معاصرة تشكل حلقة متفردة وذات أكثر من خصوصية في تاريخ اليمن الراهن وفي تاريخ العرب عموما ولذا فإن مجرد التفكير في فض هذا الإجماع التاريخي والوطني كما يحاول البعض اليوم تنفيذا لإرادة تحالف العدوان على اليمن والنكوص نحو أشكال التفرق والتشرذم والتشطير سيكون خيانة وطنية وتاريخية يدفع ثمنها الجميع عاجلاً أم آجلاً .
إن التفكير في غير الوحدة مهما كان يعد انتكاسة وكارثة لليمن وشعبه لا سمح الله ونصر لأعداء اليمن المتحينين الفرص دائماً حيث يختارون الوقت المناسب ليضربوا ضربتهم من خلال المندسين بين صفوفنا الذين هانت قيمهم وأخلاقهم وكرامتهم أمام مغريات الصفقات المادية المشبوهة كتجار أزمات غير مدركين أن التآمر على الوحدة اليمنية سيلقى نفس مصير التآمر على يمن اليوم الذي رفع شعار تحرير القرار السياسي اليمني من الوصاية الخارجية وتحديدا الأمريكية والسعودية فتحطمت كل معاول هذا التآمر الخبيث على صخرة مقاومة أبناء الشعب اليمني الشرفاء المؤمنين بالثورة والجمهورية والوحدة كقدر ومصير لأكثر من ثلاثين مليون يمني ومن شذ عن هذه القاعدة فليس منا ، بقي أن نقول : إن المستقرئ للتاريخ اليمني في مختلف الحقب والعصور بنوع من الحصافة والعقلانية يدرك أن انفراط عقد المحاولات المتصلة لتوحيد اليمن أرضاً وإنساناً كان ينسحب دائماً وبالاً وكوارث تطال عامة الشعب حكّاماً ومحكومين وهو ما يجب علينا أن نعتبر به في عصرنا الحاضر ونحن نخوض معركة وطنية كبرى متعددة الاتجاهات لبناء اليمن الجديد ودولته الحرة المستقلة.