البيوغرافيا.. وصناع التاريخ..!!
بادئ ذي بدء علينا أن ندرك أن الموروث التاريخي المتجذر في عقول الأجيال له علاقة وثيقة بالبيوغرافيا والإبداع الأدبي وفي تكوين ثقافة الشعوب والمجتمعات..
فاليمن عاش ماضياً وحاضراً ظروفاً متباينة على كافة الصعد.. ومازال اليمن يعيش سيناريوهات متداخلة ومعقدة بالرغم من مرور عقود طوال إلا أن هناك عقولاً مأفونة تؤمن بفك الارتباط، وتنادي بالانفصال، وإرجاع الوطن الى ما قبل عام 90م، وتناست في زخم الأحداث والمستجدات بأن اليمن واحد- تاريخاً وحضارةً، وهويةً، أرضاً وإنساناً- وهذه من أبجديات المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان.. كل شعوب العالم النامي تعيش أوضاعاً وظروفاً اقتصادية واجتماعية وسياسية غايةً في التردي والتقهقر بسبب الخلافات والصراعات الفكرية والأيديولوجية والمذهبية.. وهذا ما أدى الى التدخل والاختراق الخارجي، والإقليمي والدولي والأممي في شأن الكثير من دول المنطقة ودول العالم..
وكل هذه التراكمات الماضوية منها التاريخي، والثقافي والأنثروبولوجي، والثروقراطي هي التي أوصلت تلك الدول الى ما هو عليه الآن..
لذا لابد من العودة الى وحدة الأرض والإنسان فهي صمام أمن وأمان الحكم الرشيد، والدولة العادلة، ولم ولن تترسخ أركان الدولة العادلة إلا بوحدة الأرض والإنسان والهوية.. وصون الحقوق الاجتماعية، وكفالة الحريات، وتوفير الخدمات العامة، وإعطاء كل ذي حقٍ حقه.. فالدولة العادلة إن لم تساند شعبياً وجماهيرياً تصبح مبتورة الجناح..
من هنا ندرك أن الشعوب لا تهتم بما يدور في حلقات الصراع والخلافات، بقدر ما تهتم بواقع الحقوق الاجتماعية والإنسانية، وصون الحريات العامة.. فإنما المهم الأهم لدى الشعوب هي إيجاد الحلول والمعالجات، وأن يسود الأمن والاستقرار ربوع البلاد..
فالتحديات تظل قائمةً طالما هناك انشقاقات وخلافات داخلية، فلابد من وضع حلول عاجلة، ومعالجات ناجعة حتى لا يتسع الرتق على الراتق..
لذا لابد من ترشيد للموارد.. وتحديث وتطوير مؤسسات الدولة المختلفة.. ووضع برامج مزمنة مواكبة للأحداث، والصد لكل المخالفات والإجراءات غير القانونية حتى لا تتغلغل وتتراكم القضايا في مفاصل مؤسسات الدولة، ويصبح الفساد سيد الموقف.. وهذا لم ولن يكون إلا بإصلاح منظومة الإدارة الشاملة المتكاملة مالياً وإدارياً.. ومكافحة الفساد بشتى صوره وأشكاله.. فالفساد وليد الأوضاع المتردية، اجتماعياً واقتصادياً ومعيشياً.. فالبيوغرافيا عانت منذ عقود خلت كثيراً من التهميش، والإقصاء، والعبث ما جعلها كريشةٍ في مهب الرياح العاصفة..
خلاصة الخلاصة:
علينا أن ندرك أن البيوغرافيا جنس متعدد.. فالأفراد هم صناع التاريخ.. فالقراءات الروتينية ذات الخطاب التمجيدي أو التعظيمي الموجه.. أصبح مملاً وغثاً.. لذا فلتعاد كتابة التاريخ بصياغة حيادية ومصداقية شفافة بعيداً عن المؤثرات السياسية والفكرية والمذهبية والأيديولوجية التي أساءت كثيراً لتاريخ ومنجزات الشعوب والأمم..!.
كلمات مضيئة:
لابد من دور فاعل وهام للأجهزة الرقابية، والمؤسسات القضائية، بوضع منظومة رقابية فاعلة، ورسم برامج إصلاحية شاملة ونافذة، لمحاسبة كل المفسدين والفاسدين والمتلاعبين بالمال العام أياً كان منصبه أو درجته الوظيفية طالما هو فاسد.. والبدء بإصدار القوانين الصارمة، وتفعيل القضاء والمحاكم المستعجلة لمحاسبة كل المفسدين والمتلاعبين بالمال العام.. مع تزويد المواطن بالمعلومات والمهارات اللازمة، والتوعية الوطنية، والحس الوطني الإيجابي.. وبالآثار السلبية ومخاطر الفساد المالي والإداري على حياة الأمة والمجتمعات والدولة..
لذا لابد من إجراء عملية إصلاح مالي وإداري شامل على كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، وربطها بمنظومة رقابية مركزية متكاملة، ومزودة بالخبرات والمهارات.. فالحكم الرشيد، والدولة المدنية الحديثة إن لم يساندها الشعب، ورموزه الوطنية، وصفوات نخبه الأكاديمية والمثقفة يصبح مشلولاً، وغير قادر على مكافحة الفساد.. فالمشاركة الموسعة والفاعلة في شؤون الحكم، والإدارة الرشيدة النزيهة هي مفتاح التقدم والرقي للدول والشعوب..
لابد أن تنطلق الدول المدنية من مبدأ العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، وعلى أساس المواطنة المتساوية، والوطنية الواحدة.. لأنها هي المعيار الأساس لبناء دولة النظام والقانون.. دون ذلك نظل ندور في حلقات الصراع الدموي الى ما لا نهاية..
علينا أن ندرك أن رسالة الإسلام رسالة عالمية لكل البشر أبيضهم وأسودهم.. رسالة إنسانية لا تفاضل.. ولا تمايز بين الناس إلا بالتقوى، والعمل الصالح، فالسعادة العالمية، والسلام العالمي، لن يتحققا إلا بتفاهم عالمي تلعب فيه الشعوب الإسلامية دورها الفاعل والمؤثر الذي لعبه أجدادهم.. وهذا لم ولن يتم إلا بالتحرر من ربقة الاستعمار والوصاية، وأدران التفرقة والعنصرية وشرور الإقليمية والطائفية والعرقية..!!.