اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين ?!.. - 61 -
وبحسب عدد من المصادر التاريخية المنصفة , فلم يقتصر تهميش وإقصاء وإيذاء اليمنيين من قبل الدولة الإسلامية المركزية في فترات مختلفة من التاريخ الإسلامي الحافل بالكثير من المآسي على هذا القدر والجانب المحدد والمعلوم
من المظالم والمفاسد والتجاوزات الكثيرة التي تناولتها بعض مصادر التاريخ بشيء من التفصيل والتوضيح والإبانة للغموض واللبس والمغالطات والتناقضات والتباينات في المعلومات و الذي وقعت فيه مصادر أخرى مماثلة .
بل إنه تم تعيين عدد من الولاة الأجلاف ممن كانوا ينظرون لليمنيين بعيون ازدراء وإحتقار على بلاد اليمن وممن أوغلوا وتمادوا بغيا في إيذاء اليمنيين والتضييق عليهم والبطش بهم وتعمد ظلمهم وإهانتهم بلا شفقة ولا رحمة.. وقد عانى أبناء اليمن في عهدي الدولتين الأموية والعباسية الأمرين من قبل الولاة الظلمة والمتعسفين الذين كانوا يعينون ويرسلون من دمشق أو بغداد بعد ذلك لإدارة شؤون اليمن وضبط أمورها .
واشتهر عدد من هؤلاء الولاة المعينين على اليمن آنذاك بالقسوة والشدة والعسف وممارسة هواية التهميش والإقصاء والتضييق على اليمنيين بقصد وتعمد وكأنهم ارسلوا عقابا لهم لاولاة عليهم وما قصة الوالي الظالم معن بن زائدة الشيباني والي العباسيين ببعيدة وغائبة عن أحداث وتاريخ تلك الفترة السوداوية , حيث ارتكب بحق رعاياه اليمنيين حينها مايمكن تسميته ووصفه " بجرائم حرب " ضد الإنسانية في اليمن وقد لقى مصرعه قتلا على يد أحد الثائرين والناقمين عليه من اليمنيين المضطهدين من أبناء حضرموت الذي باغته بعملية اغتيال أثناء قضاء الشيباني الحاجة في أحد الأيام بعد ان ترصده وتابعه ولاحقه لفترة حتى ظفر به وشفى بقتله غليله وغليل كل اليمنيين الأمر الذي أغضب العباسيين في بغداد فأرسلوا حملات عسكرية تأديبية لتضاعف معاناة اليمنيين أكثر في ظل حكمهم .. وقد تعمد كلا من الأمويين والعباسيين على حد سواء في ظلم اليمنيين وتهميشهم وإقصائهم عن عمد والعمل على استخدامهم لفترات وقودا ووسائلا مسخرة لهم في صراعاتهم وحروبهم العبثية الطويلة على الحكم والولاية .
ومثلما فعل بنو العباس باليمنيين الأفاعيل - ظلما وتعسفا وتهميشا - فعل بنو أمية بهم نفس الشيء وأسوأ وأفظع .
وهناك من المؤرخين المنصفين من يشير إلى حقيقة تاريخية مغيبة عن الكثيرين تفيد , أن ماذاقه أبناء اليمن من مرارارت الظلم والتعسف والإضطهاد من قبل الأمويين والعباسيين وولاتهم لفترات من التاريخ والزمن يعود سببه إلى ميل اليمنيين وتشيعهم ومناصرتهم وإنحيازهم للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ووقوفهم ومساندتهم له ولمن أعقبوه من الطالبيين من آل البيت الذين تعرضوا على أيدي الأمويين والعباسيين لأقسى عمليات التنكيل والإضطهاد والملاحقة والتضييق بدون شفقة ولا رحمة منكرين أحقيتهم في الولاية تماما , وظلوا على هذا الموقف العدائي ولمن ناصرهم من اليمنيين حتى وقت قريب !.
ولعل الأمويين والعباسيين الذين أغتصبوا الحكم وولاية المسلمين اغتصابا عن طريق القوة والسيف وسيول الدماء التي أجروها وعبر سلسلة طويلة ممتدة من المؤمرات والدسائس المحبكة واغتيال وتصفية الخصوم السياسيين لهم بالقتل والتصفيات الجسدية , كما فعلوا مع الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه وشقيقه الإمام الحسن وأعقابهما من ذرية الإمام علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة الزهراء ابنة الرسول الكريم .
حيث كانت عمليات التصفية والإغتيال من قبل فرق الموت أموية وعباسية لهؤلاء الطالبيين ومن ناصرهم من أبناء اليمن والقوميات والشعوب الأخرى لهم بالمرصاد , في الوقت الذي ألقي فيه بالعشرات بل بالمئات منهم في غياهب السجون ومات من مات منهم خلف القضبان إما كمدا وقهرا أو متأثرا بجراحه او اثر عمليات التعذيب الممنهجة لهم , وهكذا هو تاريخ العرب الأسود ولا يزال كذلك للأسف وعلى نفس المنوال والقتامة والسوداوية والظلامية الفاجرة والمفرطة !.
حتى عندما تقدم أحد الأنصار اليمنيين في وقت سابق لظهور ملك بني أمية والعباسيين , وهو سعد بن عباده لترشيح نفسه لخلافة الرسول الكريم بعد انتقاله للرفيق الأعلى في وقت انشغال الإمام علي ومجموعة من آل بيته بغسله وتكفينه تمهيدا لدفنه , سارع زعماء قريش ورموزها من المسلمين على رأسهم عمر بن الخطاب إلى عقد " مؤتمر سقيفة بني الطارىء بالمدينة المنورة واعلنوا فيه رفضهم المطلق والشديد لتنصيب خليفة من المسلمين من الأنصار اليمنيين واستدلوا وتحججوا بحديث مروي عن الرسول الكريم يقول نصه : " الأئمة من قريش" .. مما يعني أنه لايحق لكم أيها الأنصار التطلع لما ليس لكم بحق وكادت الفتنة والخلاف بين المسلمين يدب حول ذلك حتى استقر رأي واجماع المشاركين في مؤتمر السقيفة على اختيار القرشي أبو بكر الصديق خليفة للمسلمين وسحب الأنصار لمرشحهم للخلافة وولاية الأمر على مضض وقبولهم بمبايعة الصديق , لتنتصر بذلك رؤية قريش وتنحصر فيها الولاية وفقا لمقررات قمة السقيفة .
وفي لحظات احتضاره إثر تعرضه لعملية اغتيال بعد ان طعنه أبو لؤلؤة المجوسي مولى المغيرة بن شعبة أصر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على حصر تقرير مصير الولاية في قريش والقرشيين فقط دون أن يشرك في هذا الأمر اليمنيين حيث اعلن قبل وفاته تشكيل مجلس شورى من كبار الصحابة كلهم من المهاجرين من قريش وليس فيهم يمنيا واحدا لإختيار من سيخلفه في الحكم من قريش , وكانوا قد قرروا سلفا اختيار عثمان بن عفان رضي الله عنه خليفة جديدا للمسلمين وهو قرشي أموي خلفا لإبن الخطاب القرشي أيضا, وفي ذلك مايؤكد نزعة قريش التسلطية حتى بعد الإسلام وحرص من يمثلها من المسلمين على ابعاد اليمنيين وتعمد إقصائهم عن الأمر رغم ماقدموه للإسلام والمسلمين من خدمات جليلة في مختلف العهود والمراحل في الوقت الذي كان فيه غيرهم من بيوتات قريش وبقية العرب منشغلين بالصراعات فيما بينهم على الجاه والنفوذ والسلطة والمال كما هو ثابت ومعلوم في كتب التاريخ وحقائقه الكثيرة مهما حاول بعض كتبة التاريخ ومزوريه تمييعها وتغييبها لأسباب يطول شرحها !..
...... يتبع ......