كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد(42)

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد(42)

في اليمن السفلي ، دخلت الحرب بين الحكومة وقوات الدفاع الوطني في حلقات مفرغة ومتكررة حاول معظم الناس ببساطة تجنبها هناك

وفي اليمن العلوي يسمع المرء على نحو متزايد عن  الناصريين والذين كان يقصد بهم في المقام الأول الناس الغاضبون من مقتل الحمدي  بعضهم كان ذات يوم من أنصار السلال  والبعض الآخر كانوا من مناطق كانت ذات يوم ملكية بالأساس وآخرون لا يزالون جيلًا أصغر سناً محبوسين في مثال الوحدة العربية،  في اليمن السفلي  ظل ملاك الأراضي ووسطاء السلطة من أقصى الشمال بارزين ويمتلكون سطوة كبيرة ونفوذ أيضاً في الدولة  كما لو أن القليل قد تغير مُنذ عهد الإمام أحمد وعلى صعيد آخر في اليمن أعلنت قبائل مثل أرحب وعيال يزيد وسفيان تعاطفها مع الجبهة الوطنية الديمقراطية وعدن.
 خارج المدن الكبرى كانت الحكومة في الشمال قليلة التأثير أو السيطرة وجاءت الثروة إما عن طريق التحويلات المالية أو الإعانات السياسية من قبل الدول الأخرى كانت رواتب السعودية للشيوخ في اليمن كبيرة  في بعض الأحيان  وصلت الأموال والأسلحة إلى منافسيهم من مصادر جنوبية  خارج الطريق الدائري المحيط بالعاصمة كانت الخلافات يتم احتواءها وإدارتها بالكامل تقريبًا عن طريق الوساطات القبلية خارج سلطة الدولة أو تدخلها، بدت المنافسة على السلطة داخل صنعاء مسألة دلالة شخصية أما في عدن بدت مسألة فصائل أكثر مما تكون مسألة شخوص محددين إحداها مكونة من شماليين مثل عبد الفتاح و محسن والأخير يشكل روابط مع قوى سياسية  في يافع من ناحية أخرى قيل في كثير من الأحيان إن علي ناصر محمد رئيس الوزراء من عام 1971 م متحالف مع الجيران من العولقيين.
 شعر آخرون بأنهم مستبعدون وببساطة ضحايا في معارك بين الفصائل فقدت كل أسرة جنوبية فردًا واحدًا على الأقل أو أفرادها  لا سيما إذا كانوا من عدن ولكن لم نسمع عن عائلة شمالية فقدت أحد أفرادها بمن فيهم الأبناء في الواقع  ما ظهر في السياسة الجنوبية كان عبارة عن تجمعات تذكرنا بالخوفوست في روسيا الستالينية  والتي كان يُنظر إلى قادتها منذ البداية على أنهم رعاة متنافسين عدن كانت مركز الأحداث والثروة في المقابل لم ينتج الريف شيئًا تقريبًا ولم يقدم شيئا إلى واردات الدولة من ناحية أخرى كان نهج عدم التدخل في الشمال الذي ابتدعه البريطانيون في الثلاثينيات  كان سيعني منطقة بلا دولة وخارج السيطرة بالنسبة للبريطانيين لذلك كان تركيزهم على الجنوب أكثر بمواردها وموانئها الإستراتيجية وبالتالي يجب أن تدار الدولة في الجنوب إما بإحكام أو لا تدار على الإطلاق، المواطن في اليمن الجنوبي يعيش تحت مراقبة الشرطة طوال اليوم  من لحظة خروجه من المنزل حتى عودته وتحت مراقبة عدة هيئات منها أجهزة أمن الدولة رئاسة الجمهورية وحدات الجيش عصابات من التنظيم السياسي المرتبطة مباشرة برئيس الحزب الحاكم واللجان المحلية وغيرها وبينما كان الشمال يتسم بالفوضى المعتدلة ولكن المستوطنة فإن نظام الجنوب كان ممزقاً بفعل موجات العنف في المركز وما تبعها من مشاكل متوطنة وعلى الرغم من تحالف الجنوب مع روسيا عاش كلا الجانبان من اليمن في ظل الدولة السعودية العديد من الجنوبيين وإن كان بعضهم يحمل جواز سفراً شماليًا عملوا في المملكة وسرعان ما توقف السعوديون أنفسهم عن التعامل بجدية مع مطالبات الجنوب بالثورة والاستقلال بالتوازي مع محاولة إدارة  السياسة الشمالية في عهد الحمدي ثم تمويل الغشمي بسخاء (تم تقديم 570مليون دولار كمساعدة فورية) خفض السعوديون مُنذ منتصف السبعينيات دعمهم لمجموعات المنفى الجنوبية وقبلوا بحذر مبادرات من سالمين في عدن  وتعقدت الأمور بعدها بسبب الخلافات حول الحرب بين الصومال وإثيوبيا وبسبب تردد السعوديين المعتاد في الأمور الكبرى كان سالمين يسعى للحصول على قوة كبيرة ونفوذ في الجنوب على حساب عبد الفتاح وعلي ناصر وفي يونيو 1978م وصلت الأمور إلى ذروتها ربما في أكثر المؤامرات الجنوبية تعقيدا تم تفجير الرئيس الشمالي الغشمي بقنبلة زرعت في حقيبة أرسلت في يد مبعوث ووقع اغتياله عندما كان يلتقي بمبعوث أرسله رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سالم ربيع علي وقيل أن الحقيبة تحتوي على رسالة سرية مما أسفر عن مقتل الغشمي والمبعوث  ولم يعرف بشكل قاطع من الذي تسبب في الانفجار.
كان القات مرفوضا رسميا في الجنوب في ذلك الوقت على الرغم من أنه لم يتم حظره بالكامل ومن المفترض أن الرئيس الجنوبي تلقى شحنة من القات من نظيره الشمالي وتم دفع ثمن هذه الشحنة من خلال مبعوث  خاص وتم الكشف عن أموال هذه الشحنة من خلال تفتيش المبعوث القادم للقاء الرئيس مما وضعه في حالة من الحرج مما دعا الغشمي لإصدار أوامره بعدم تفتيش المبعوثين القادمين من الجنوب متوقعا حقيبة مملوءة بالنقود ولكنها كانت مليئة بالمتفجرات مزقته إلى أشلاء سالمين اغتيل بعدها بعد أن تآمر عليه مجموعة من رفاقه في الحزب من الذين خططوا واغتالوا الغشمي.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا