إصلاح مؤسسات الدولة هدف لثورة 21سبتمبر
في الـ21 مـن سبتمبـر عام 2014م كان اليمن على موعد مع مرحلة تاريخية جديدة، تحمل في طياتها تطلعات شعب عظيم تواق للعزة والحرية والاستقلال..
عانى كثيراً ولعقود زمنية متتالية من التدخلات الخارجية في الشأن السياسي والاقتصادي، الأمر الذي حال دون استغلال الثروات والمقدرات بالشكل اللازم لبناء اقتصاد اليمن وصناعة نهضته التنموية.
وعلى الرغم من الاستكشافات النفطية والغاز خصوصاً بعد الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م، وزيادة فرص الاتجاه نحو استغلال الثروة السمكية على امتداد السواحل اليمنية الكبيرة التي تبدأ من الحدود البحرية مع السعودية شمالاً إلى الحدود البحرية مع سلطنة عمان شرقاً، بالإضافة إلى مقومات النهضة الزراعية، وفرص الاستثمار في القطاعات الصناعية والتجارية والسياحة، وما قابل ذلك من استقرار سياسي وتوافر المورد البشري المعول عليه، إذا ما تم بناؤه بشكل جيد، إحداث نهضة في مختلف المجالات.. لكن السياسات الإدارية للدولة حينها ظلت تعبث بكل تلك المقدرات والإمكانيات، فظلت نمطية الإدارة المتبعة في كل مؤسسات الدولة تخضع للتصرفات الشخصية والقرارات الارتجالية العشوائية البعيدة عن أساليب ومنهجيات الإدارة الحديثة التي تقوم على التحليل المؤسسي الشامل والتخطيط الاستراتيجي للمدى القريب والمتوسط والبعيد، فضلًا عن غياب مبدأ الثواب والعقاب، وتفشي الفساد المالي والإداري نتيجة عدم وجود آليات واضحة للمتابعة والتقييم والتي عادة ما تكون بحسب المؤشرات التخطيطية ومؤشرات الانجاز.
وقد مثل غياب العمل المؤسسي في أجهزة الدولة ووحدات الخدمة العامة، ارثاً ثقيلاً وكبيراً أمام ثورة 21سبتمبر، التي جاءت في ظروف استثنائية وضعت في طريقها العديد من العوائق والتحديات على المستوى الداخلي والخارجي، وتصدي الثورة بثوارها وجيشها ولجانها الشعبية لتحالف عدوان دولي مستمر منذ ما يقارب ثماني سنوات، عدوان عسكري غاشم وحصار جوي وبحري وبري ظالم.. وهنا تبرز حكمة وحنكة قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد العلم /عبدالملك بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في إدارة المعركة والسير بالثورة نحو تحقيق أهدافها، على أن يكون التصدي للعدوان والدفاع عن استقلال اليمن في مقدمة تلك الأهداف والضامن لتحقيق بقية أهداف البناء والإصلاح والتغيير.
وهنا أتى مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة كثمرةٍ ومنجزٍ من إنجازات ثورة 21سبتمبر، والذي جسّد شعار الشهيد الرئيس صالح الصماد سلام الله عليه " يد تحمي ويد تبني" حيث بدأت مؤسسات الدولة العمل على تحقيقها وفقاً للخطط المرحلية المنبثقة عن الرؤية، والتي اعتمدت منهجية التخطيط الاستراتيجي القومي من أول خطة مرحلية 2019-2020م، فكان لهذا التوجه وأيضاً دعم القيادة الثورية والسياسية، ثماره في التوجه نحو العمل المؤسسي المنظم، والارتقاء بالأداء الحكومي وتطوير الخدمات التي تقدمها الوزارات والمؤسسات والهيئات على المستوى المركزي والمحلي.
هذه الانطلاقة والرغبة في إصلاح مؤسسات الدولة، رافقها برنامج إصلاح إداري شامل للوائح والأنظمة والقوانين والهياكل ومتطلبات بيئة العمل التقنية والربط الشبكي، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لشاغلي مختلف المستويات الوظيفية العليا والوسطى، وهو برنامج مستمر يُعنى به المعهد الوطني للعلوم الإدارية بالدرجة الرئيسية، وبالتعاون والتنسيق مع مراكز بناء القدرات في الجهات المختلفة.
ولأن إصلاح مؤسسات الدولة في ظل الظروف الحالية ليس بالأمر السهل، لشحة الإمكانات المادية لدى أغلب الجهات الحكومية، ناهيكم عن انقطاع مرتبات موظفي الدولة، وتأثير ذلك على الأداء الوظيفي، إضافةً إلى التراكمات السلوكية، وخوف البعض من التغيير والتطوير.. وهذا ما ضاعف من التحديات التي تواجهها الثورة، وجعل عملية البناء المؤسسي تسير بخطوات بطيئة، لكنها وبفعل الإرادة الثورية الداعمة والمحفزة وجدت تفاعلاً كبيراً من كل المؤسسات والوحدات الإدارية، الأمر الذي يؤكد إصرار قيادتنا السياسية وحكومة الإنقاذ الوطني، المضي في عملية البناء بالتوازي مع الانتصارات التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهات العزة والكرامة، والصناعات العسكرية التي شاهدنا جزءاً بسيطاً منها أثناء العرض العسكري المهيب احتفاءً واحتفالاً بالعيد الثامن لثورة الـ21 من سبتمبر الخالدة، للوصول إلى الدولة اليمنية الحديثة التي ينشدها كل أبناء اليمن.