تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (47)
كانت نتيجة الحوار على المستويات العليا هو الوعد بالعمل بميثاق وطني تم استخدام هذه العبارة من قبل أولئك الذين أطاحوا بالإمام يحيى عام 1948م وجبهة التحرير الوطني عام 1965م
وبالفعل كانت الخطة تستند على العمل على نطاق أكبر و كان من المقرر التوصل إلى الميثاق بالتشاور على نطاق واسع من خلال عقد المؤتمر الشعبي العام مرة أخرى و هو عبارة شبه معيارية استخدمها الحضارمة في الستينيات وكان الحمدي يستخدمها في عصره.
المسودة الأولى للوثيقة ظهرت إلى النور في فبراير 1980م وكانت هذه الوثيقة تتألف من العموميات ولا يوجد تخصيص أو نقاط محددة واستمرت عملية النقاش إلى ما بعد عقد الهدنة في شمال العاصمة وكذلك في الجنوب ومع ذلك تم الاتفاق مع شيوخ مثل عبده حبيش من بني سفيان وأبو نشطان من أرحب من أجل دعم الرئيس في صنعاء في ذلك الوقت لم تكن فرص علي عبد الله صالح في البقاء كرئيس عندما تولى منصبه لأول مرة مرتفعة خصوصا مع وجود قبائل معارضة له جنوب وشمال العاصمة ولم يكن يُعتقد أن فرصه في البقاء كرئيس عالية, لكن قدرته على تكوين صداقات مع الأعداء الجدد أثارت إعجاب مجموعة واسعة من اليمنيين المزيد منهم مع مرور الوقت و بناءً على السلام الجديد في اليمن السفلي انعقد المؤتمر الشعبي العام في أغسطس 1982م مع 700 مندوب منتخب و300 مرشح من قبل الرئيس ثبت أنها مؤسسة دائمة من أجل دعم الرئيس وضمان استمراره في الحكم, تم إنشاء مراكز قوى وأجهزة سرية من أجل الحفاظ على مكتسبات الميثاق الوطني وعُقدت ندوات استوعبت طاقات المثقفين وعُقدت القراءات الإجبارية في المكاتب الحكومية كطقوس للدولة خلال الثمانينيات..
كل هذه الإجراءات المشددة جعلت من الصعب انتقاد الميثاق ويذكر الميثاق ضمنيا ما نصه (لم تكن ثورة 26 سبتمبر 1962م ثورة ضد حكومة تعسفية وفاسدة أو استعمار مستورد بل كانت ثورة بشرية ضد ركود الحياة على أراضي اليمن هذه الثورة نقلت الشعب اليمني كله من العصور المظلمة إلى حياة القرن العشرين وأكدت تحرره الفكري من عالم الظلام والخداع السياسي إلى عالم من نور وحقيقة متغير كل الحياة نحو الأفضل) واحتوى النص على الكثير من الاقتباسات الكتابية التي يمكن أن يختلف معها قليلاً والعديد من المقاطع التي يكون معناها الدقيق غير محدد و لا يمكن لأي شخص الاعتراض أو مناقشة هذه الفقرات المذكورة..
كان القسم الخاص بالإدارة واضحًا مع ذلك وكانت الخطوة الأولى المنشودة هي بناء دولة مركزية مستنيرة وقوية وديمقراطية وهذا ظاهريا فقط والغرض الأساسي بناء دولة بوليسية ذات اتجاه ورأي واحد بدون معارضة وجاء تحقيق مبدأ المشاركة على المستوى المحلي في المرتبة الثانية وقد هيمن على الثمانينيات في الشمال تقاطع هذه الرغبة في التمركز مع التغييرات في اقتصاد العالم.
بعد ارتفاع أسعار النفط في عامي 1973م و1974م سيطرت دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أمريكا الشمالية واليابان وأوروبا الغربية على إعادة تدوير إيرادات أوبك حيث انتقل الميزان التجاري لأوبك من 67 مليار دولار إلى عجز قدره 2 مليار دولار في أربع سنوات واليمن جزء هامشي من هذا الانهيار وشكلت شاحنات البيك أب تويوتا وداتسون التي اشتراها اليمنيون بأموال حصلوا عليها مقابل تصدير النفط أحد مظاهر الظاهرة العالمية, محطات الطاقة وأنظمة الصرف الصحي وشبكات الهاتف التي بنتها شركات أجنبية في اليمن خلال السبعينيات كانت جزء من إعادة تدوير النفط بنفس القدر كانت أسعار النفط مرتفعة في بداية الثمانينيات وبسبب هذا جزئيًا دخلت دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في ركود كان له تأثيره على اليمن واستقرت التحويلات من الدول النفطية نفسها وشهدت الحكومة التي تعتمد على القروض والضرائب غير المباشرة نقص شديد في العملات الأجنبية والودائع وكانت لدى الدولة في الشمال التزامات لم تتنازل عنها ويقدر ما يقرب من 6 مليارات ريال تم إنفاقها من قبل الحكومة في عام 1983م ذهب أكثر من نصفهم إلى الجيش والشرطة وهذا أمر شائع جداً في حكومات دول العالم الثالث التي تحاول تثبيت وجودها بدعم من الجيش والشرطة على الرغم من أن الكثيرين من عناصر الجيش ممن حصلوا على رواتب نادرًا ما كانوا فعلا يعملون في الجيش.
في خمر على سبيل المثال حصل أحد الأشخاص ممن لديه معارف في الحكومة على راتب من لواء المشاة القديم الذي تعود جذوره إلى الحرب الأهلية وراتب أخر من الحرس الجمهوري وثالث من إدارة الشؤون القبلية بينما كان يعمل طوال الوقت في بقالة في نيويورك ولم يكن يسكن في اليمن وكان الفساد الإداري والمالي ينخر أجهزة الدولة وكان الكثير يحصلون على ما لا يستحقون.
لقد وسعت المصالحة مع قوات الدفاع الوطني هذه الأمور جنوب صنعاء وكذلك في شمالها وكان أسلوب الرئيس دائمًا يشجع على الولاء من خلال المحسوبية في الوظائف والأجور ويفترض المرء أن جوانب الإنفاق استمرت في الارتفاع في المجالات التي تضمن الولاء للرئيس.