عُرسُ أسودِ فلسطين
خرج الأسود من العرين ويدهم على الزّناد، وعلى وجوهم ترتسم ملامح الانتصارات القادمة بعزمهم وثباتهم. خرج أسود العرين مزمجرين وخلفهم خرجت جماهير الغضب المقدّس
في الضّفّة التي تحوّلت إلى كابوسٍ يؤرق الاحتلال الاسرائيليّ. خرج الأسود من العرين، في عرس فلسطين وأعراس الشّهداء من وديع الحوح إلى من ينتظر والأرض تهتزّ تحت أقدامهم والرّعب يلمع في بنادقهم وراياتهم التي عجز الاحتلال عن تنكيسها. خرج أسود العرين لميادين فلسطين في استعراضٍ عسكريٍّ في مدينة نابلس في الضّفة الغربيّة ملقياً الرّعبَ في قلوب قطعان المستوطنينَ ومُحدثاً صدمةً كبيرةً للعدوّ الصّهيوني. صدمة قطعتِ الشّكّ باليقين أنّ كلّ ما قامت به قوّات الاحتلال من عمليّات اغتيالٍ وقتلٍ واعتقالٍ ذهبت هباء الريح وأنّ عمليّات الاستهداف التي شنّتها الوحدات الخاصّة من جيش الاحتلال لم تزد قوّات عرين الأسود إلّا ثباتاً وصبراً وإصراراً على مواجهة الاحتلال مهما كان الثّمن.
هذا العرض العسكريّ لعرين الأسود جاء في توقيتٍ مفاجئٍ للعدوّ وعلى عكس العرض الماضي حيث تميّز بحضورٍ جماهيريٍّ حاشدٍ ولافتٍ كان الناس خلاله يلوّحون برايات العرين ويعتصبون بوشاحه في موقفٍ يؤكّد تبني الناس وإصرارها على خيار المقاومة لا سيّما بعد سلسلةٍ من الاغتيالات والاعتقالات في جنين ونابلس وفي ظلّ استمرار المواجهات وتصعيد المقاومة عمليّاتها ضدّ جيش الاحتلال في مناطق الضّفة الغربيّة المحتلّة وتوسيع رقعة الاشتباك من خلال فتح مناطق تماسٍ جديدةٍ لإشغال العدوّ واستنزاف قدراته العسكريّة. الخروج المفاجئ لعرين الأسود في تأبين احد قادة العرين الشّهيد وديع الحوح ورفاقه الذي استهدفه الاحتلال بمنزله في حوش العطعوط في البلدة القديمة قبل أربعين يوماً يحمل دلالاتٍ كثيرةً ورسائلَ كبيرةً للعدوّ وهي كالآتي:
1 – التّأكيد على تبنّي خيار مقاومة الاحتلال وعدم التراجع تحت أيّ ظرفٍ من الظّروف.
2 – دقّة تنظيم العرض العسكريّ وتوحيد اللّباس والشّعارات ونوعية الأسلحة تؤشّر إلى تطوّر وتقدّم العمل المقاوم في الضّفة عمليّاً وإداريّاً.
3- فشل الكيان الصّهيوني بمنظوماته الأمنيّة والاستخباراتيّة والعسكريّة في القضاء على عرين الأسود أو على الحدّ من عمليّاتها.
4 – رسالة العرض العسكريّ الأهمّ تقول للاحتلال الاسرائيليّ إنّ الأيّام القادمة تنتظركم المفاجآت والمزيد من العمليّات.
العرض العسكريّ تخلّله بيان لعرين الأسود تلاه أحد مقاتليه وممّا جاء فيه:
البيان: إنّ العرين هو ابن الكلّ الفلسطيني، ويؤمن بوحدة الدّم والنّضال وأنّ بوصلته القدس وفلسطين، وأنّ الانتماء لله والوطن. وإنّ عرين الأسود يعمل بكلّ جدٍّ وجهدٍ على تطوير أساليب المواجهة عسكريّاً وفقا لاستراتيجيات المقاومة وتكتيكاتها ووفقاً لما تقتضيه مصلحة الشّعب الفلسطينيّ محذّراً معتبراً أنّ كلّ فلسطين هي ساحة مواجهة مع الاحتلال ومؤكّداً أنّ الاحتلال أوهم نفسه بأنّه يستطيع إنهاء المقاومة وإيهام شعبه بأمنٍ كاذبٍ مشدّداً على أنّ ما يمارسه الاحتلال من إجرامٍ بحقّ الشّعب الفلسطينيّ سيرتد عليه وسيدفع ثمن إجرامه. وأكّد البيان على أنّ العرين لا زال صامداً بالرّغم من الجراح والخذلان ولا زال يقاوم ويتصدّى للاحتلال بأساليبَ متطوّرةٍ وضمن استراتيجيّاتٍ وتكتيكاتٍ تقتضيها ساحات المواجهات مؤكّداً أنّهم سيفاجئون العدوّ في ساحات المعارك.
وفي مراقبةٍ مكثّفةٍ ودقيقةٍ لإعلام العدوّ للعرض العسكريّ لعرين الأسود وقراءة أبعاده، علّق موقع (مفزاكي راعام) الصّهيوني بأنّ من يعتقد أنّ مجموعة عرين الأسود انهارت واختفت عليه أن يفكّر مرّة أخرى.
أمّا (القناة 12) العبريّة فاعتبرت أنّ مجموعة عرين الأسود بنابلس لم تنتهِ فيما قال يوني بن مناحيم المحلّل العسكريّ والأمنيّ الصّهيوني أنّ مجموعات عرين الأسود المسلّحة تتعافى وتعيد ترتيب صفوفها وتعيد تنفيذ عمليات إطلاق نار ضدّ (الجيش الاسرائيلي) وفقاً لقوله.
وتحدّثت بعض وسائل الإعلام العبري عن عرض العرين العسكريّ مشيرة إلى أنّ المقاتل الفلسطيني أصبح في الضّفة يمتلك بنادقَ متطوّرةً جدّاً من خلال ما أظهره العرض العسكريّ لعرين الأسود لافتاً إلى أنّ الإشتباكات التي كانت في يوم من الأيّام بمثابة رشقٍ بالحجارة أصبحت الآن معاركَ بالأسلحة النّاريّة.
إذاً العرض العسكريّ لعرين الأسود تخطّى حدود الضّفة ونابلس لتتردّد أصداء رعبه في أعماق الكيان الصّهيوني. هو عرضٌ عسكريٌّ تجاوز الزّمن (الاسرائيليّ) وقواعده وكسر معادلات العدوّ ورفع راية تحرير فلسطين كلّ فلسطين مُنبئاً بالآتي من الويلات لقطعان المستوطين وما ينتظر جنود الاحتلال وضبّاطه من مفاجآتٍ عند كلّ مفترق ليرسيَ قاعدة قالها العرينُ في بيانه لكلّ الواهمين: من يظنّ أنّ العرينَ قد انتهى إنّكم واهمونَ، فالعرين ما زال صامداً رغم الجراح وسيبقى حتّى تحرير كلّ فلسطين.
#كاتب وإعلامي لبناني