كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (54)

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (54)

عندما خفت حدة القتال كانت الحكومة في أيدي الحضرميين علي سالم البيض أمينًا عامًا للحزب الاشتراكي اليمني وصالح منصر السيلي وزيراً للداخلية وحيد أبو بكر العطاس رئيسا

لم يكن العدنيون ممثلين بشكل كبير في هذه الحكومة الجديدة وقيل إن هناك توترات بين الكتيبة الجنوبية بقيادة سالم صالح من يافع والكتيبة الشمالية بقيادة محسن ومن الناحية العملية استمرت السياسات العامة لعلي ناصر ولكن مع الحرص الشديد على تجنب العداء وبمعان الخطاب القديم للحفاظ على مظهر الاستقامة بينما تم عرض صور الشهداء الأربعة في جميع أنحاء الجنوب وهم كل من عبدالفتاح وصالح مصلح وعلي عنتر وعلي شائع وتم إصلاح الأضرار في عدن إلى حد ما وتجديد المظهر العام للمدينة في ساحة التواهي حيث كان تمثال الملكة فيكتوريا يتوهج بالبرونز سابقا فتم استبداله بتمثال عصري للثورة والشهداء من الخرسانة في عام1982م وأظهرت اللوحات جوانب المباني العامة وحقول القمح والحصادات والمصانع الضخمة وأبراج الكهرباء بالطريقة الروسية التي لم يكن أي منها موجودًا وتم تصوير الجماهير الكادحة بالمثل وكانت صور العمال والجنود مزينة بالأعلام والبنادق بمظهر قوي ضخام البنية وذوي شعر أشقر من نوع ربما يكون شائعاً في روسيا أو أوكرانيا ولكن ليس في اليمن وكانت لديهم مناجل أو مفاتيح في مسيرة التقدم وأفاد دبلوماسي ألماني غربي أن السخرية المحبطة للناس كانت تقول بشكل لا لبس فيه أنه حيث كان هناك عشرين سلطانًا في العهد البريطاني يوجد الآن تسعة سلاطين ويقصدون بذلك المكتب السياسي وهذا كل ما حصل من تقدم وانجاز خلال عشرين عامًا لم يكن العدنيون أبداً من أشد المؤيدين للحزب وهذا كان ملحوظا حتى أن النظام ككل قد توقف وأن علي سالم البيض نفسه تحدث عن شلل في الصناعة التي تمثل وارداتها ثلث ميزانية الجنوب وأحد الأسباب هو زيادة عدد الموظفين في الوقت نفسه كانت هناك ما تسمى بالبطالة المقنعة أو الكاذبة حيث فضل الأشخاص الذين لديهم أقارب في الخارج يمكنهم إرسال تحويلات لهم ببساطة عدم العمل سواءً أكان هذا الموضوع مجرد توقع أو حقيقيا فإن عدد العاطلين عن العمل في عدن في نهاية عام 1987م كان يُقدر بـ25000 .
يتحدث الدبلوماسي الألماني عن المنظمات الجماهيرية التي تعمل بلا عقل وتعتمد على الولاء المطلق للشعوب وتغييب العقول لم تختف سياسة النظام الجنوبي الاشتراكية عن بقية الدول الماركسية فقد تم دعم المواد الغذائية والأساسيات مثل مسحوق الغسيل أما الأمن والاستقرار مضمونان والتعليم الأساسي متاح على نطاق واسع ومجاني و بالنسبة للبعض كانت دولة عدن تبدو على الأقل نموذجًا للمساواة والنظام ولكن كانت هنالك أحاديث عن الفوضى في الجنوب وهذا النوع من الفوضى عادة ما ينسب إلى الشماليين كتب القراءة المدرسية التي كانت تظهر العمال والفلاحين وهم يغادرون إلى أعمالهم قبل شروق الشمس بأسلوب معين لم تعد صحيحة ولا تتطابق مع الواقع الحالي بعد ازدياد نسبة البطالة وعزوف الناس عن الأعمال اليدوية وكتب جار الله عمر مذكرة مطولة إلى سكرتير الحزب في ربيع عام 1989م وقال فيها: إن هناك حاجة إلى تغيير في المناهج الدراسية وإضافة بعض الفئات العاملة إليها غير الفلاحين والعمال لكي تنسجم مع الواقع الحالي للبلاد لقد تجمدت البيروقراطية في كل مكان وإذا كان سيتم مناقشة اليمن كبلد مستقل وليس مجرد انعكاس لألمانيا الشرقية على سبيل المثال فيجب أن يعالج التعليم ويراجع التاريخ المحلي ويتم استخدام المصطلحات المحلية ويجب تعريب المصطلحات السياسية وليس مجرد انعكاس للأوضاع في روسيا وسياسة روسيا واقعيا لم تسيطر روسيا على الجنوب قط كان لها بالفعل مصلحة إستراتيجية مهمة في ميناء عدن ومطارها الجوي ولو كانت تلك المصلحة موضع تهديد لربما تم اتخاذ خطوات من قبل روسيا لكن النظام السوفيتي نفسه كان يتغير وجاء خطاب جورباتشوف الشهير أمام مؤتمر الحزب حول الانفتاح والإصلاح (جلاسنوست وبيريسترويكا) بعد ستة أسابيع من قتال عدن ربما كان يعني أي شيء تقريبًا في ذلك الوقت أو لا شيء لم تكن التزامات السوفييت خارجيا كبيرة ولم ترسل جيوشا لدعم حلفائها إلا في مرات معدودة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا