تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (56)
قدّر إحصاء عام 1981م أن نصف سكان شمال اليمن كانوا أقل من خمسة عشر عامًا مما يجعل كفة الفئات السكانية تميل أكثر إلى الأعمار الشابة وإلى أن تصبح أصغر سناً مع وصول مجموعاتهم إلى سن الزواج
لكن التأثير والواقع على الأرض يتجاوز الإحصائيات مثلا في عام 1986م تشير الأرقام التقديرية للسكان لجميع اليمن إلى أن 62% كانوا دون سن العشرين وبالتالي فإن الأغلبية من السكان لم تشهد فترة الحروب التي مرت على اليمن حتى فترة الحروب في الستينيات من القرن الماضي ناهيك عن وقوع الأحداث التكوينية للثورة، أصبح موضوع الإمام في اليمن وطرد البريطانيين من عدن مجرد فقرات في الكتب المدرسية لم يشهدها معظم سكان اليمن وبعيدًا جدًا عن أولئك الذين يدرسون وكثير منهم ليسوا يمنيين، ارتفعت أعداد الملتحقين بالمدارس في الشمال في بداية العقد من567,000 ألف طالب إلى مليون طالب في عام 1986/1985م ومن ثم ارتفع العدد مرة أخرى في عام 1987/1986م إلى 1,300,000 شخص ومن بين 46 ألف شخص وصلوا إلى المرحلة الثانوية في آخر تلك السنوات كان أقل من العُشر منهم من الفتيات كان الفصل بين الجنسين من الأمور التي روج لها الإسلاميون كثيرًا وفي جامعة صنعاء جرت محاولة عدم حظر اللباس الإسلامي كما في عدن بل تم فرضه بنسبة كبيرة وكان الزي التقليدي باللون الأسود ويتكون من قطعتين لكن سرعان ما سيطر النشطاء على جميع اتحادات الطلاب كان للحركات الطلابية أوجه تشابه في بعض وحدات الجيش وقد شجع بعض أقارب الرئيس الدعاة الراديكاليين ولم يعارضهم الرئيس نفسه بينما سُمح للإسلاميين المرتبطين بالإخوان المسلمين بإطلاق صحيفة مميزة اسمها (الصحوة) حيث كان محمد اليدومي وهو محرر الجريدة كان يعتقد على نطاق واسع أنه يعمل مع الأمن القومي وبشكل أعم كان بروز الحركة يعتمد على التداخل بين الإسلاميين والدولة وليس على التحالفات الرسمية وفي عام 1986م حمود العودي وهو كاتب في التنمية والثقافة الشعبية تم طرده من جامعة صنعاء لإنكاره عصمة النبي حيث لم يكن هنالك أي تسامح في مناقشة الأمور الدينية في الانتخابات الاستشارية عام 1988م.
اجتاح المرشحون الإسلاميون صنعاء وفازوا بستة من أصل سبع دوائر انتخابية حزب الرئيس المؤتمر الشعبي العام الأكثر اهتماما بسياسة الأعيان الإخوان أخذ على حين غرة ولم يكن يتوقع هذا الفوز وفي أماكن أخرى من البلد نادرا ما كان المنتخبون أعضاء في الجمعية القديمة التي حل المجلس محلها بالكاد أكثر من اثني عشر عضوا من بين 128عضوا وكان من الواضح حتى في الظروف المشوشة لعدم وجود أحزاب أو برامج حزبية صريحة وأعداد كبيرة من المرشحين أن الناس يرغبون في التغيير في صنعاء بدا الإسلاميون يروجون لهذا التغيير ويختلف المؤلفون حول مدى سرعة نمو العاصمة ولكن من حوالي 200,000 ألف شخص في نهاية عقد1970م وقد تضاعف عدد سكان صنعاء بحلول عام 1986م أعلن التعداد في ذلك العام عدد السكان 427,000 ألف واستمر في النمو إلى 780,000 ألف بحلول نهاية العقد ما كان حتى قبل عشر سنوات من مدينة زيدية أصبحت مدينه متعددة الأعراق أفارقة وأوروبيين وعربا من أماكن أخرى كانوا جميعا في هذه المدينة ويمكن مشاهدتهم يوميا وانتقل أصحاب المتاجر وسائقي سيارات الأجرة وعمال المياومة من كل من اليمن العلوي والسفلي بأعداد هائلة إلى صنعاء أعطت الأضواء الساطعة وحركة المرور وواجهات المتاجر الحديثة انطباعا عن الطاقة غير العادية من ناحية أخرى، كانت أملاك الدولة بارزة في العاصمة صنعاء حيث استكمل القصر الجمهوري الذي تم الاستيلاء عليه من أملاك الإمام في بداية الثورة وأصبح يضاف إلى القصور الرئاسية، في صنعاء تضاعفت السيارات الحكومية وازدادت هيبة الدولة وقوات الأمن والشرطة التي يتم ملاحظتها في الشوارع بصورة قد تكون مبالغ بها أحيانا لكي تعطي انطباعا عن شكل الدولة البوليسية الجديدة التي لا تختلف كثيرا عن دول الجوار ولم يعد لليمن أي خصوصية كبلد له تاريخ عظيم.