ومضات متناثرة: أبواق المرجفين.. والشائعات..!!
إن التاريخ الإسلامي حافل بالدروس والعظات والعبر.. خاصةً في مجال الحرب النفسية، لأنها سلاح خطير قد يٌغيّر مجرى المعارك والحروب..
ويلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الأسرار العسكرية ومدى تأثيرها على سير المعارك في الحرب والسلم، فالتاريخ الإسلامي منذ الفتوحات الإسلامية مارس الحرب النفسية في شتى ميادين الحياة، وخاصةً أثناء نشر الدعوة في بدايتها الأولى وربط الحرب النفسية بالإعداد القتالي.. مصداقاً لقوله تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل تٌرهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم).. فالترهيب والتهديد والوعيد من أسلحة الحرب النفسية والهدف منه فرض إرادتنا على العدو والمرجفين والمأزومين بهدف التحكم والاطلاع على اسرارهم وافشالهم.. وقد يتخفى العملاء والمرتزقة وراء مسميات مختلفة وشعارات براقة، مرةً باسم الدين أو المنظمات الإنسانية أو غيرها، أما الذين يروجون أن تشيع الفتن والشحناء والبغضاء بين الأمة فقد توعدهم الله في قوله تعالى: (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد) وقد حثنا رسولنا الأعظم- صلى الله عليه وآله وسلم- إذ يقول لمعاذ بن جبل- رضي الله عنه- في حديث طويل: أخذ رسول الله- عليه الصلاة والسلام- بلسانه وقال: "كٌف عليك هذا" قلت يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟، قال: (ثكلتك أمك يا معاذ: وهل يكبُ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم".. فاللسان والشائعات حبل في يد الأعداء، والانسان مخبوء تحت لسانه، فإذا تحدث بان حاله وانكشف سره.. وقال عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه- والله الذي لا اله إلا هو، ما على وجه الأرض شيء أحوج الى طول سجنٍ من لسان، فجوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة والقوامة والاعوجاج.. لذا علينا أن نتقي آفات اللسان فمن كٌثر سقطه، كثرت عيوبه وتعرت مثالبه وزلاته..
فالحرب النفسية ليست قاصرةً على زمن الحرب أو الأزمات أو الطوارئ، ولكنها سلاح يستخدم في الحرب والسلم معاً.. فهي جزء لا يتجزأ من الحرب الشاملة.. ومن أهم أهدافها تحطيم معنويات العدو، وقهر المناوئين وأصحاب الأبواق النشاز والأصوات المأزومة.. لهذا وذاك ينبغي على جهات الاختصاص والمسؤولين على وسائل الاعلام المختلفة اصدار بيانات الشجب والاستنكار لمواجهة تلك الحملات المغرضة، والشائعات المضللة..
لذا علينا أن ندرك أن معظم القوانين والمواثيق الدولية والأممية تُجرّم الشائعات المضللة والدعايات المغرضة في حق الدين أو الشعب أو الدول.. لأنها تستهدف المعنويات، وتُمزق شمل الأمة والشعوب.. فالذين يهرفون بما لا يعرفون عليهم أن يكفوا عن اطلاق الشائعات المضللة التي لا تخدم سوى الأعداء في الداخل والخارج، وعلى دول تحالف العدوان أن تدرك أن شعبنا متمسك بهويته الإيمانية، وثوابته الوطنية مهما كلفه ذلك من تضحيات ودماء..
صفوة القول:
أما الذين في قلوبهم مرض، عليهم أن يعوا أن بروج الشائعات مهما علت، لابد لها من سقوط مروع.. وأن بث الشائعات عمرها قصير.. فلا داعي لإيقاظ الفتن النائمة.. فلئن لم ينته المرجفون والمأزومون والذين في قلوبهم مرض، فسيدفعون الثمن مضاعفاً.. وصدق المولى القدير القائل: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).. فالإسلام حذرنا من القيل والقال، وخطورة الشائعة، والذين في كل وادٍ يهيمون.. وصدق رسولنا الأعظم- صلى الله عليه وآله وسلم- القائل: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع".. وعلينا أن نقف صفاً واحداً في وجه قوى الباطل والضلال أياً كان في الداخل أو الخارج، وأن نعي دورنا في حفظ الأمن العام والوعي الوطني، وأن ندرك خطورة تلك الشائعات التي يُروّج لها الأعداء وأذنابهم بعران الخليج والمأزومين من المرتزقة والعملاء في الداخل.. وفي الخارج..
خلاصة الخلاصة:
اعلموا أيها المرجفون إنكم راحلون.. وسوف تسألون عن كل وشاية وفرية أشعلت حرباً أو فتنة.. كلنا في قطار واحد.. تبصروا في أيامكم قبل فوات الأوان.. واغتنموا الأعمال الصالحة في حياتكم ودنياكم قبل أن تقولوا ياليتنا كنا معهم فنفوز فوزاً عظيماً.. ٍٍ فطوبى للذين اغتنموا حياتهم بما يقربهم الى الله، وانشغلوا بالطاعات والقربات.. واتعظوا بالعظات والمواعظ وكيفما زرعتم ستحصدون ورداً أم شوكاً..!!.
وصدق المولى القدير القائل: (كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية) الحاقة 24.