كلك نظر: الدولة والقبيلة في التاريخ اليمني(3-5)
لو أعطيت لموضوع العنوان القدر الكافي من المعلومات العامة والمعلومات الرقمية فسأضطر إلى البحث عن المراجع الخاصة به وهي كثيرة وتحتاج إلى عدة صفحات من هذه الصحيفة الغراء.
كما أنني لست متخصصاً بتاريخ اليمن القديم والوسيط والحديث والمعاصر ولكنني أعرف قدراً لا بأس به عن تاريخ بلادنا اليمن لذلك فضلت الاكتفاء بما تختزنه ذاكرتي في هذا الحيز المتاح لـخمس حلقات وابتعدت عن التطويل الممل والإيجاز المخل.
الحزب الاشتراكي اليمني هو أول حزب يساري في اليمن كله وشبه الجزيرة والذي حكم دولة جنوب اليمن مدة 22عاماً.. ودولة الشطر الجنوبي من الوطن التي كانت تسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هي الدولة العصرية الحديثة أول دولة مؤسسات دولة نظام وقانون على مستوى اليمن إلى اليوم.. كانت دولة بعيدة عن تأثيرات القبيلة أو مراكز القوى العسكرية.. وأدلل قولي هذا بالسطور أدناه المكونة من ثمانية بنود وهي على النحو التالي:
• من عام 1967م إلى 1981م تم استبعاد التسميات القبلية واستبدلت بارقام على سبيل المثال:
• محافظة عدن سميت المحافظة الأولى.
• محافظة لحج سميت المحافظة الثانية.
• محافظة أبين سميت المحافظة الثالثة.
• محافظة شبوة سميت المحافظة الرابعة.
• محافظة حضرموت سميت المحافظة الخامسة.
• محافظة المهرة سميت المحافظة السادسة.
• تكونت لجان الدفاع الشعبي كجزء من مكونات الدولة في المدن والأرياف ومهمتها تعريف المواطنين لدى الجهات المختصة بإصدار البطائق الشخصية إلى جانب مهامها في حل النزاعات البسيطة بين المواطنين بدلاً عن المشائخ أو عقال الحارات.. ومرتبات أعضاء لجان الدفاع الشعبي من الدولة ويحرم أو يجرم أخذ أي مبالغ من المواطنين مقابل عملهم.
• إنشاء مدارس داخلية لأبناء البدو الرحل وتوظيف شباب ورجال فئة البدو الرحل في وظائف عسكرية ومدنية وإدماج تلك الفئة في التجمعات السكنية الحضرية.
• بناء مؤسستي الجيش والأمن وحرص الدولة أن يكون منتسبها من شطري الوطن وتطبيق المواطنة المتساوية.
• مجانية التطبيب ومجانية التعليم وانتشار المكتبات العامة والمراكز الثقافية.
• حق العمل مكفول لكل مواطن دستورياً.
• دعم السلع الغذائية الأساسية وصل إلى 75% كحد أقصى أو 50% كحد أدنى.
• كانت دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية دولة مهابة حقاً لا يحق لأحد فيها حمل السلاح غير الجيش والأمن.
القبيلة والدولة في شمال اليمن خلال الفترة 1800-1918م
ملاحظة: لقد كررت في هذه المادة والمادتين التي قبلها وستتكرر في المادة القادمة عبارات شمال اليمن، جنوب اليمن، شرق اليمن وقصدي ليس شطرياً بل قصدي اتجاه جغرافي ليس إلا.. وهناك حقيقتان تاريخيتان أود إيرادها هنا وهما:
الحقيقة الأولى: اليمن وحدة تاريخية وكلا لا يتجزأ.. الذين شطروه الاستعمار الأجنبي.. البريطانيون إلى حيث وصلوا قالوا هذا الشطر الجنوبي من اليمن.. والاستعمار العثماني حيث وصل قال هذه دولة شمال اليمن.
الحقيقة الثانية: الثورة اليمنية واحدة فالذين ساهموا في قيام ثورة 26سبتمبر عام 1962م هم من شمال اليمن وجنوبه والذين ساهموا في قيام ثورة 14أكتوبر من عام 1963م هم من الجنوب والشمال وهذا يدل على واحدية الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً.
عودة إلى الموضوع: خلال الفترة من عام 1800إلى 1918م شهد الشطر الشمالي من اليمن اضطرابات عدة من أبرزها تنازع الإمامة الزيدية على الحكم بين فترة وأخرى يظهر إمام ويعلن نفسه حاكماً على اليمن من بينهم الأمام علي مقلى إضافة إلى الاضطرابات خلال فترة الاستعمار العثماني لشمال اليمن كل ذلك أدى إلى تنامي القبيلة في الشطر الشمالي من الوطن خلال الفترة المذكورة.
في المادة السابقة ذكرت أن عام 1846م كان عام بداية ذوبان القبيلة في جنوب اليمن في إطار المكونات الاستعمارية ثم ذوبانها في إطار المكونات الثورية في أوقات لاحقة.
أما القبيلة في الشطر الشمالي من الوطن من عام 1846م إلى عام 1918م وهو العام الذي رحل فيه الاستعمار العثماني من اليمن بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى فقد حافظت على استقلالية كياناتها بل ونمت وتوسع نفوذها ولم يستطع الاستعمار العثماني استمالتها إلى صفه أو تأييد تواجده إلا في حالات نادرة.. كما حافظت على مميزات العرف القبلي الايجابي مثل الشهامة، الكرم، النخوة، نصرة المظلوم الخ.. وللأسف في الوقت الحاضر اختفى الكثير من المفردات الإيجابية للأعراف القبلية لأسباب كثيرة سأتطرق إليها في المادة القادمة إن شاء الله تعالى.. وينطبق حال القبيلة اليمنية على الغراب الذي حاول تقليد مشي الحمامة فعجز ونسي مشيته السابقة الأصلية..
الدولة والقبيلة في اليمن 1918-1962م
خلال الفترة من 1918م إلى 1962م – أي 44عاماً- هو عمر المملكة المتوكلية اليمنية.. حكمت أسرة آل حميد الدين الشطر الشمالي من الوطن باسم الدين.. خلال فترة حكم الإمام يحيى من 1918م إلى 1948م- أي 30عاماً- أوجد هيبة دولة لا تخلو من الظلم والانغلاق لكنه فرمل نفوذ القبيلة وابقاها في نطاق محدود.. وعندما قتل الإمام يحيى عام 1948م وحل مكانه الإمام عبدالله الوزير بنظام المملكة الدستورية.. قام الإمام أحمد بتجييش القبائل من حجة وطوق صنعاء وأباح لهم نهب العاصمة صنعاء ولم يقل أحد من مشائخ القبائل لا يا إمام أحمد النهب حرام.. ولم يقل أحد لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق بل هرعت جحافل من القبائل ودخلت العاصمة صنعاء ونهبت من المنازل والمحال التجارية كل ما خف وزنه وغلى ثمنه..
وذاك النهب الذي مر عليه أكثر من 74عاماً كان وما زال وسيظل وصمة عار في جبين القبيلة اليمنية.
يتبع في العدد القادم.