اليمنيون.. إرتباط متجذر بالرسول الأعظم..
على صفحاتٍ من نور سجل التاريخ لليمنيين حضورهم المشرف، وأسبقيتهم المباركة في دخول الإسلام ،واعتناق الوهج المبين، والإرتباط الوثيق برسول الله صلوات الله عليه وآله..
فمنذ بزوغ فجر الرسالة المحمدية.. رسالة الإسلام الخالدة دخل اليمنيون في دين الله أفواجاً طواعية وشغفاً ورضاء دون إكراه، إستجابةً لنداء رسول الله، ولنقاء فطرتهم وتوقهم إلى رسالة السماء وقيم الخير والفلاح.. هذه الأرض المباركة التي لم تعبد الأصنام الطينية ولم تسجد لطواغيت الأرض في الوقت الذي سجدت فيه معظم شعوب الأرض للمنحوتات والتماثيل الصنمية، كانت اليمن فطرتها العلوية تبحث عن الرقي والشموخ والطهر والنقاء.. وحينما لم تجد من يرشدها إلى الإله المعبود الحق المتين قبل آلاف السنين لم تتجه الفطرة اليمانية إلى صنع الآلهة الخشبية أو الطينية أو البشرية، بل صارت تبحث في عالم الكواكب السماوية فعبدت الشمس, والّهت القمر.. ولكنها ظلت تبحث عن الحقيقة المطلقة والهدف الأسمى فلم ترضى بعبادة غير الله وهذا ما جعلها تبادر في الإستجابة لدعوة نبي الله سليمان بمجرد وصول الهدهد بالرسالة.
أما حين تحالفت طواغيت قريش على تكذيب النبي صلى الله عليه وآله ووجهوا تجاهه أبشع أساليب الإيذاء والمكائد ليصل بهم المطاف إلى محاولة التصفية الجسدية ولكن الله جعل كيدهم في نحورهم وحفظ رسوله الكريم..كان اليمنيون هم أهل السند والمدد وسرعة التسليم لله ولرسوله لم تخلد فطرتهم إلى الأرض بل تسامت في ملكوت الهدى والإيمان، فما إن وصل الإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه مبعوثاً إلى اليمن حاملاً رسالة النبي الأعظم حتى أسلمت همدان قاطبة في يوم واحد لتتوالى كل قبائل اليمن في إعتناق الرسالة الخالدة.
وهنا يستبشر رسول الله ويسجد شكراً لله ويقول: «السلام على همدان، السلام على همدان، السلام على همدان»، ويحظى اليمنيون بالوسام النبوي الشريف وسام الهوية الإيمانية من رسول الله: «الإيمان يمان والحكمة يمانية».. وأدرك اليمنيون مسؤوليتهم منذ الوهلة الأولى فانطلقوا مع رسول الله مجاهدين وفاتحين وحاملين لواء الحق في مواجهة قوى الإستكبار القريشي ومن حالفهم من طواغيت الكفر والشرك والضلال.. ولمّا قدم النبي صلوات الله عليه وآله إلى المدينة المنورة مهاجراً كان اليمنيون الأنصار هم من تشرفوا باستقباله معبرين عن مدى الفرح الكبير وبشائر السعادة والعزة بنشيد الخلود.. نشيد النور النشيد الذي ما يزال صداه يعطر آفاق الدنيا ويعانق الأرواح والأفئدة :
«طلع البدر علينا من ثنيات الوادع..»
وفي العام الـ35 للهجرة بعد وفاة النبي صلوات الله عليه وآله.. كان اليمنيون في مقدمة المبايعين للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بالخلافة.. وخاضوا معه المعارك ضد المارقين..
ويصدر القرار الرسمي المبارك للإمام علي عليه السلام بتعيين عدد من اليمنيين للعمل في القضاء على الأمصار ومن أولئك الذين نالوا ثقة الإمام علي عليه السلام: قيس بن ساعده، ومالك بن الأشتر النخعي، وعثمان بن حنيف الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وأبو أيوب الأنصاري وغيرهم.
إذن لا غرابة أن نرى الحشود المليونية كل عام تبتهج وتحتفي بالمولد النبوي مجددة قيم الولاء والارتباط برسول الله، فجذور محبتهم لرسول الهدى متجذرة في أعماق الزمن أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء.. وستظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. إن تمسكنا برسول الله هو تعبير عن الإمتنان والشكر لله على نعمة الهداية: «لئن شكرتم لأزيدنكم»..
وهو تجسيد للإيمان.. تجسيد للحب الأسمى حب الله وطاعته: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».. والإحتفاء بهذه الشعيرة المباركة وإحياء هذه الذكرى المقدسة لها ثمارها الوارفة: حصانة من مشاريع الضلال, وهو قوة وتمكين في مواجهة المستكبرين، وتعريف الأمة والأجيال وتهذيبها بمنهج رسول الله ؛لما فيه فلاح الأمة وعزتها وكرامتها في الحياتين الدنيوية والأخروية.