اليمن: كابوس إسرائيل القادم
يبدو بأنّ إسرائيل لن تتخلص من كوابيس المقاومة إلى حين اقتلاعها من الجغرافية الفلسطينية إلى الأبد. ها هو العميد اليمني يحيى سريع يتحول إلى أبو عبيدة أخر ترتجف إسرائيل من رؤيته على شاشات التلفاز وتنظر خطاباته كي تصدر بياناتها “التكذيبية” الكاذبة.
في الأمس استهزأ من شنوا حرباً شعواء غير عادلة على الشعب اليمني لمدة حوالي تسع سنوات، من قدرة صواريخ أنصار الله التدميرية وقالوا بأنها لن تصل إلى الأراضي المحتلة. لقد كانت حكومة أنصار الله في اليمن هي الحكومة العربية الرسمية الوحيدة التي أعلنت الحرب على إسرائيل وتحولت هجماتها إلى هجمات يومية تساند المقاومين الفلسطينيين في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بينما عجز العرب جميعهم بأموالهم وجيوشهم الجرارة التي استنفذت طاقات الشعوب عن فتح أي جبهة ضد إسرائيل وبينما لم تجد “جهودهم المصطنعة في فتح ممرات جوية لمساعدات أبناء غزة وبينما لم تنفع مساعيهم لفتح معبر رفح، في ظل كل هذا سارت صواريخ أنصار الله والشعب اليمني العربي الأصيل باتجاه إسرائيل لتجعل ليله نهاراً. لم تقم الحكومة اليمنية بالمراوغة والاحتيال فهي ليست كبعض الدول العربية التي تسعى إلى اسكات شعوبها المعترضة على القتل الجماعي للشعب الفلسطيني عبر إرسال المساعدات الإنسانية أو فتح مشافي ميدانية في معبر رفح، لم تمارس الحكومة اليمنية الخداع عبر رفع مستوى المساعدات من 20 مليون دولار إلى 50 مليون دولار كما فعلت بعض الدول المطبعة، بل كان موقفها واضحاً وضوح الشمس. لقد قالها الشعب والجيش اليمني بكل صراحة نحن نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ونفتح جبهة جديدة في المواجهة.
نعم عزيزي القارئ، هي صواريخ موجهة بشكل دقيق تعبر أكثر من 1600 كيلومتر وتتفادى المجال السعودي والمجال الجوي المصري وتعبر مكاناً ضيقاً جدا في خليج العقبة كي لا يتم إسقاطها من قبل الدول العربية لتختم مسيرها في الأراضي المحتلة نصرة للشعب الفلسطيني. لم تكن خطوات وهجمات الجيش اليمني الباسل مجرّد رسائل رمزية كما ادعى البعض في أوائل التدخل بل هو تهديد جدي وخطير بدأت إسرائيل والولايات المتحدة تحسب له ألف حساب.
في الأمس دوّت صافرات الإنذار في “إيلات” حيث حدثت انفجارات عنيفة في هذه المنطقة بعد هجمات يمنية بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية. لم تنجح منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي في التصدي لهذه المسيرات ويعتقد بأنّ طائرة مسيرة مهاجمة أحدثت أضراراً بالغة في إسرائيل. ويبدو بأن نفي إسرائيل تعرضها لخسائر فادحة في الأرواح والأموال يعود إلى عدم رغبتها في فتح جبهة جديدة في اليمن هذه الجبهة التي من الممكن أن تكلف إسرائيل غالياً.
يبدو بأنّ الولايات المتحدة كذلك حاولت اختبار جهوزية الجيش اليمني للدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة ويبدو بأنهم فهموا جيداً ماذا يعني فتحة جبهة اليمن، إذ قامت قوات الجيش اليمني بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة من نوع “MQ9” المتطورة في الأجواء اليمنية في تطور وصفه الجيش اليمني بأنه أعمال عدائية فوق الأجواء اليمنية يأتي ضمن الدعم العسكري الأمريكي للكيان الإسرائيلي.
وكعادتهم فقد نفى الأمريكيون إسقاط الطائرة لحفظ ماء وجههم في هذه المعركة ولكن الإعلام الحربي للقوات المسلحة اليمنية كان أذكى من الجميع فقد قام بنشر فيديو للحظة استهداف الطائرة وإسقاطها مما استدعى اعترافاً أمريكياً عاجلاً بهذه الواقعة.
بعد أكثر من 35 يوماً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لقد أصبح الأمر واضحاً لإسرائيل والولايات المتحدة بأن الجيش اليمني على أهبة الاستعداد وهو يشن هجمات يومية ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية، ويبدو كذلك بأن امتناع كليهما عن الرد يأتي في سبيل تجنب فتح جبهة مواجهة مفتوحة للغاية ستتحول إلى كابوس إسرائيل القادم.
* باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية - كاتب فلسطيني – «رأي اليوم»