الساحل الغربي ملتقى الأطماع الاستعمارية « الحلقة 56 »
تطورت السياسة الايطالية فيما بعد من عقد اتفاقات التنازل والبيع والشراء الى عقد اتفاقيات الحماية ,ففي 20 سبتمبر 1880م تمكن سابيتو من عقد معاهدة حماية مع برهان بن محمد سلطان راحيتا .
ولقد نصت المعاهدة على ان السلطان برهان قد توصل تلقائياً الى الأتي :
اولاً : ان يطلب الحماية من صاحب الجلالة اومبرتو الاول ,ملك ايطاليا ,مع بقائة متمتعا بسلطاته كافة ,كسلطان ,دون ان يدفع اية جزية .
ثانياً: ان يتعهد بعدم السماح بقيام تجارة الرقيق , وبعدم التغاضي عنها على انتداب سلطنته , مع الاحتفاظ بحق عقد اتفاقيات جديدة في هذا الشأن مع الحكومة الايطالية.
ثالثاً: ان يتعهد بإعطاء شركة روباتينو ,وجميع الايطاليين رعايا صاحب الجلالة ملك إيطاليا اوسع الفرص للإقامة في كل اراضي سلطنته ,والمرور فيها بحرية ,لأسباب تجارية او غيرها, بدون ان يترتب من جراء ذلك دفع رسوم مرور او إقامة الى السلطان نفسه ,او الى اتباعه.
رابعاً: ان يتعهد بالدفاع ,بجميع الوسائل التي يملكها عن الممتلكات الايطالية في خليج عصب ,وعن الساحل كله , الذي اشترته شركة روباتينو, وعن الشركات الايطالية , والقوافل المقيمة, او العابرة ,في اراضي السلطنة .
خامساً: ان يتعهد بتقديم المساعدة الفعلية للمستعمرة الايطالية في تنفيذ البرامج التي لديها , لفتح أنسب الطرق ,لربط عصب مباشرةً بالحبشة ,وأوسا, وكواليما ,او بغيرها .
سادساً: ان يتعهد بعدم بيع ,او نقل اي جزء من املاكه واراضيه دون موافقة الحكومة الايطالية .
سابعاً و اخيراً : ان يتعهد بعدم محاربة اعداء خارجيين ,وسائر القبال العدال , والدناكل ,بدون إعلام السلطة الايطالية مسبقاً بنياته ,وبان يكون لهذه السلطات في أي حال من الاحوال الحكم على المشاكل الخارجية والداخلية للتوفيق بين القبائل المتصارعة بالطرق السلمية .
ولقد أفادت الوثيقة المذكورة سابقاً أن السلطان برهان قد أقسم على القرآن لتأكيد حسن نياته بأن يضع موضع التنفيذ جميع الالتزامات الواردة في العقد كما أقسم جوزيف سابيتو ممثل شركة روباتينو من جهته على الإنجيل بأن يعمل ما هو مترتب عليه حتى يجعل الحكومة الإيطالية الملكية توافق على هذا العقد والالتزامات الإيطالية هي أن يتقاضى السلطان برهان معاشاَ سنوياً ثابتاً تحدده حكومة صاحب الجلالة ملك إيطاليا بطريقة تتناسب مع مركز السلطان والخدمات التي ينوي تقديمها للمواطنين الإيطاليين .
أما المادة المتعلقة بالحماية فقد نصت على أن يتعهد سابيتو نيابة عن حكومته بالدفاع عن أراضي ( راحيتا ) ضد أي عدوان خارجي .
ونحن إذا حاولنا إمعان النظر في بنود هذه المعاهدة نجد أنها لم تكفل لهذا السلطان , أو بلاده أي حقوق أو مصالح فالسلطان هو سلطان على بلاده قبل عقد هذه المعاهدة , ولم يكن في حاجة إلى تأكيد ذلك بعقد هذا الاتفاق بالإضافة إلى أن هذه المعاهدة قد وضعته تحت رحمة إيطاليا لكن هذا ديدن الدول الاستعمارية واساليبها الملتوية الخبيثة وكيف استغلت إيطاليا جهل هذا الشيخ وامثاله من الشيوخ لما تنضوي عليه مثل هذه الاتفاقيات من إهدار لحقوقهم الوطنية . ونلاحظ كيف أن شيخ القبيلة أو زعيمها في كل الاحيان وفي مختلف العصور يضع مصلحته واحتفاظه بزعامته فوق كل شيء دون التفكير بما دون ذلك من الاعتبارات المهم أن يبقى زعيم ويضمن لنفسه البقاء.
أما فيما يتعلق بحقوق السيادة العثمانية في الإدارة المصرية فكما هو واضح من بنود المعاهدة تصرفت إيطاليا بشكل ينكر وجود شيء من هذا القبيل وهذا يعني أن إيطاليا تعترف بشيوخ وسلاطين المنطقة على أنهم مستقلون لا يخضعون لأحد إلى أنفسهم .
ويبدو أن عقد الاتفاقيات المبدئية مع الحكام المحليين الذين ما تلبث أن تتحول إلى اتفاقيات أو معاهدات حماية أصبح تقليداً استعمارياً منذ أن ابتكرته السياسة البريطانية في مستعمراتها في المنطقة سواء كان في الساحل الشرقي للبحر الأحمر, أوسواحله الغربية , حيث قامت كل من فرنسا وإيطاليا باتباع نفس المنهج .