
خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية ( الحلقة الثالثة)
وللتعامل بالمثل حاول البريطانيون استقطاب متطوعين من أبناء جنوب اليمن إلى صفوف قواتهم المقاتلة لكنهم فشلوا والكل قالوا "لا يمكن أن يوجه بندق مسلم إلى مسلم" كما حاول الانجليز استرضاء الإمام بإعادة المتطوعين في صفوف العثمانيين إلى منازلهم دون جدوى.
قبل انتهاء العام الأول من الحرب رفع قائد القوات البريطانية المحتلة في جنوب اليمن الميجر جون اندرياس تقرير إلى قيادته في لندن حكى التقرير عن تقرير الموقف والحالة العامة ومن ضمن ما قال "عندكم حرب عالمية وعندنا في اليمن حرب دينية" وبعد أقل من شهر قام نفس الميجر بزيارة سرية إلى منزل الإمام يحيى وقال: يا حضره الإمام أنت قلت في بداية الحرب أنك ستكون محايداً والآن أنت لست كذلك "واستمر النقاش بين الاثنين وحاول الميجر إقناع الإمام يحيى بإعادة المتطوعين في صفوف القوات العثمانية إلى بيوتهم لكن دون جدوى واستمر النقاش بحدة أكثر وكان لا يخلو من التقريع المتبادل وآخر كلام قاله الميجر "يا حضره الإمام ستدفع ثمن غلطتكم مادياً ومعنوياً في أوقات قادمة" رد عليه الإمام يحيى قائلاً بحدة"، نحن لا نخاف منكم أو من غيركم نخاف من الله وحده"، انصرف الميجر ووجهه متجهم من كثر التقريع من قبل الإمام يحيى واستمر القتال بين الطرفين وكان القتال سجالاً بين قوتين في غير بلدهم، في أواخر أيام الحرب تقدمت القوات العثمانية بمعاونة المتطوعين من تعز ومن الضالع والتقوا في مناطق دكين والعند والشقعة بقيادة الرائد العثماني كمال أزال وكان يلقب "الشيباني" واستطاعت تلك القوات احتلال مدينة الحوطة حالياً عاصمة محافظة لحج لكن القوات البريطانية أوقفت تقدمها وبعد أيام أعلنت الدولة العثمانية عن استسلامها واعترفت بهزيمتها عام 1918م فما كان من قوة الشيباني العثماني إلا الاستسلام وتسليم السلاح للقوات البريطانية.
بعد هزيمة الدولة العثمانية عام 1918م أسمتها الدول الكبرى الرجل المريض.. أما القوات البريطانية في جنوب اليمن فقد شعرت بالاطمئنان بأن أحد لن ينافسها في مناطق مستعمراتها الأهم في الشرق الأوسط خاصة أن ميناء عدن يعتبر ثاني أهم ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك الأمريكي خلال الفترة من عام 1918م إلى عام 1922م طور البريطانيين البنية التحتية في محافظة عدن كما طوروا السدود وقنوات الري في وادي تبن منطقة لحج ووادي بناء في منطقة أبين وفي الجوانب السلبية وكما هي عادة المستعمرين عملوا بمبدأ "فرق تسد" لذلك لم تتوقف العمليات الفدائية ضد الاستعمار البريطاني في كل مناطق تواجده وبالذات في جغرافية اليمن ومقاومة المستعمر لم تتوقف قط والذين كانوا يقومون بذلك هم أبناء الوطن اليمني الواحد شمالاً وجنوباً إن العمليات الفدائية المنفذة ضد الاستعمار البريطاني من بداية شهر يوليو من 1918م إلى نهاية شهر ديسمبر عام 1922م- 56 عملية قتل من البريطانيين 169 شخصاً من نفس القتلى 19 ضابطاً البقية جنود وصف وضباط موظفين مدنيين واستشهد من الثوار المناضلين اليمنيين 42.
المرجع للمعلومات الرقمية أرشيف اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني عام 1987م.
الهوامش
وادي تبن: من أكبر وأخصب المناطق الزراعية في الجمهورية يقع جغرافياً في محافظة لحج من روافده سائلة بله ومرتفعات كرش.
وادي بنا: من أكبر وأخصب المناطق الزراعية في الجمهورية اليمنية يتبع من منطقة السدة م/ إب ويصب في البحر العربي يقع جغرافياً الجزء الشمالي منه في جنوب محافظة إب ووسط في شمال وشرق محافظة الضالع وجنوب في محافظة أبين.