حديث الإثنين: أزمتنا إدارية بامتياز ..!
في كل بلاد العالم الأزمات لها مناشئها ولها اسبابها الا عندنا في يمن الايمان والحكمة.. الأزمات لها أكثر من لون وأحيانا تأتي دون سبب مقنع والذاتية هي من تحكمها وهو ما بات معروفا للجميع
ان أزمتنا في اليمن التي نعيشها منذ عدة عقود ليست أزمة سياسية ولا أزمة اقتصادية ولا أزمة أمنية وإنما هي أزمة إدارة وأزمة أخلاق بامتياز .. وهو ما يؤكد ان الإدارة الوطنية الكفؤة والمخلصة إذا ما توافرت فإن مشاكلنا وقضايانا مهما كانت معقدة ستجد طريقها إلى الحل ..ومما يزيد الطين بلة أننا لا نتناول قضايانا ومشاكلنا من منظور وطني بعيدا عن حساباتنا الضيقة التي تنطلق او تعبر عن الخلافات الحزبية والمذهبية والشخصية وما الذي يمنعنا من ذلك لاسيما وأن امورنا قد اصبحت واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار .
قد تعجز كل مراكز الدراسات المتخصصة عن تحليل مضامين أزماتنا وقراءة مسبباتها.. بمعنى اننا غارقون الى تحت الذقون في متاهات لا حدود لها .. أي اننا لو توافرت لنا اسباب المعالجات لقضايانا ومشاكلنا لكان حالنا افضل الف مرة .. وإن كانت مشكلتنا الكبرى تتمثل في أننا نتعامل مع نقد الأخطاء بطريقة غير بناءة لا تؤدي إلى تصحيحها ويكون تعاملنا في الغالب معها بوعي قاصر يرافقه حقد وغل ضد من أرتكبها أو تسبب في وجودها فينتج عن هذا التعامل عداوة وبغضاء يباعد المسافات فيما بيننا في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التعاضد والتكاتف والالتقاء من خلال إيجاد قيادة مشتركة لعمل جماعي يوصلنا إلى تحقيق ما نتطلع إليه ويسهل لنا اختصار الطريق الطويل وصولاً إلى الهدف والغاية عبر وسائل ميسرة تبصرنا بدربنا الصحيح وتتيح لنا فرصة عبوره إلى النهاية ولا نتوقف في منتصفه حتى لا تبقى قضايانا معلقة بدون حل .. ومن الأخطاء التي نرتكبها أيضاً في حق أنفسنا ووطننا أننا لا نحاول مواصلة البناء من حيث أنتهى من سبق في الحكم حتى لو كان الأساس هشا وإنما نعمل على تقويض ما هو قائم لنرجع إلى نقطة الصفر وهنا تتعثر خطانا وتعود بنا إلى الخلف بدل الانطلاق بها إلى الأمام .
والسبب كما هو معروف ان كل طرف سياسي يأتي منتقماً ممن سبقه بهدف تصفية الحسابات معه وهذا عيب كبير يرافق تصرفاتنا غير الوطنية لا يعبر عن حكمة في التعامل ولا عن الخلق الرفيع الذي يجب ان نتحلى به ويكون مصاحبا لأفعالنا وأقوالنا في حياتنا اليومية .
ان الوضع الذي نعيشه اليوم قد ضاق به اليمنيون ذرعاً ولم يعد لديهم القدرة الكافية لتحمل أكثر مما تحملوا خلال العقود الماضية من ظلم واستبداد ونهب لثرواتهم .. ولذلك فإن السواد الأعظم من الناس وخاصة الأكثر تضرراً من هذا الوضع السيء لم يعد يهمهم الهوية الحزبية للتيار السياسي الذي سيضطلع بمهمة التغيير وإخراجهم من هذا الوضع المعقد حيث أصبحوا يدعمون بكل قوة ويلتفون حول من يتبنى قضايا الشعب والوطن بإخلاص ولم تعد لديهم حساسية ضد أي تيار يقوم بهذه المهمة ايا كان انتماؤه السياسي .
وهو الأمر الذي جعل مكون انصار الله يلتقط اللحظة يوم 21 سبتمر عام 2014م ويتعامل معها بذكاء حيث رمى الكرة إلى شباك الشعب اليمني الذي هو الآخر استطاع إخراجها والقذف بها في وجوه رموز الفساد فتساقطوا مثل أوراق الشجر وسط ذهول وحيرة المراقبين والمحللين السياسيين الذين عجزوا حتى اليوم عن إيجاد تفسير معقول لما حدث من وجهة نظرهم وجعل الكثير في الداخل والخارج في حالة صدمة شديدة لم يفيقوا منها بعد رغم مرور اكثر من ستة اعوام على تغير الأوضاع وأعقب ذلك شن العدوان الظالم على اليمن وقد علق على ذلك السيد جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن الذي كان حاضراً المشهد بقوله : ان الذي حدث في اليمن خارق للعادة .. بينما الحقيقة التي لا تقبل الجدل ويحاول البعض تجاهلها نتيجة لحساباته الخاصة فإنما حدث في اليمن أمراً طبيعياً لا يحتاج إلى تفسير .
ومن يتأمل في المقدمات ويقف أمام الأسباب على الأقل كما يقف أمام النتائج وكيف كانت تدار الأمور من قبل المشاركين في الحكومات السابقة سيصل إلى قناعة تامة بأن ما حدث لا يخرج عن المألوف ويكاد يكون حدثاً عادياً جداً أفرزته الظروف وجملة من العوامل كانت تنبئ بحدوثه لاسيما وان الشعب اليمني كان اللاعب الرئيس في المشهد الجديد الذي يتشكل حالياً.. وما مكون انصار الله إلا وسيلة قادت إلى تحقيق غاية الشعب اليمني الذي كان يتوق إلى تحقيقها منذ فترة طويلة .. لكن الحساسية المفرطة لدى البعض من ان هذا التغيير قد جاء على أيدي مكون انصار الله غير المرضي عنه من قبل المتضررين في الداخل والخارج فقد حملوه فوق طاقته في محاولة لإفشاله وتحميله المسؤولية وفسروا الأوضاع القائمة بما يتناسب مع مواقفهم السياسية وما كانوا يخططون له بهدف فرضه على الشعب اليمني حيث كان هدفهم ان يظل اليمنيون عالة عليهم ورهن قرارهم وممنوعين من بناء دولتهم المركزية التي افتقدوها طويلا ً.
وكم هو مؤسف ان نجد البعض يعتقدون ان فرض هيبة الدولة ومحاربة الفساد والحد من الفوضى وتطبيق النظام والقانون هو خدمة للعدوان بهدف تزييف وعي الأخرين ..!