"الصراري".. كربلاء لا تُنسى
في جريمة حرب يندى لها جبين الإنسانية، وعملية تطهير عسكري بربري تضاف إلى الرصيد الهائل من الجرائم التي ارتكبها مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي في محافظة تعز خصوصاً واليمن عموماً،
هذه الجريمة بدأت حين اقتحم المئات من مرتزقة العدوان، فجر الثلاثاء، 27/7/2016م قرى "الصراري" وهي واحدة من المناطق التي وقعت تحت نيران العدوان السعودي، منطقة الصراري هي منطقة تزخر بالعلماء والمفكرين والعاملين في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، كذلك هي منطقة ذات طابع ديني، خرّجت من مدارسها المتنوعة طاقاتٍ ومبدعين، جلهم من أبناء محافظة تعز.
الحديث عن "الصراري" يبدأ منذ العام 2016م، وتحديداً مع الحصار الذي دام جاثماً على صدر هذه المنطقة عاماً كاملاً، ليسحب من أهلها اعترافاً بالتكفيريين إلا أنها أبت ذلك طوال عام الحصار هذا، وحينها شهدت المنطقة اسوأ الأيام والليالي، حيث قطعت عن أهلها الإمدادات الغذائية واحتياجاتهم الأساسية بشكل كامل ما عدا الأشهر الثلاثة الأولى، وكانت أسعار السلع مضاعفةً، بعد أن خضعت لجشع التّجار، وكان الهدف من ذلك كسر إرادة أبناء الصراري الشرفاء، ولكنّ الحصار لم يفلح.. وحين فشلت الضغوط، تلقت المجموعات المسلحة الموالية لتحالف العدوان أمراً باقتحام المنطقة فكانت المجزرة الدامية.
استطاعت المجموعات الدموية أن توقع العشرات بين شهيدٍ وجريحٍ من أبناء الصراري، ولم تكتف تلك المجموعات بالقتل والأسر والتعنيف، بل تعدته، لتطال مسجد القرية فدمرت قبّة ذلك الجامع الأثري، ومن فرط الحقد المتجذّر عبر السنين في تلك الجماعات التكفيرية فقد قامت بنبش ضريح الوليّ جمال الدين.. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قرية "الصراري" لها امتداد تاريخي وديني عريق، إذ تضمّ عدداً من أضرحة آل البيت منها ضريح ومقام السّيّد جمال الدين.. لذا الحديث عن الصراري يغرق في الغصة، لأنها منطقة عوقبت لثقافة أبنائها وامتداد تاريخها العريق، والمجزرة التي تعرضت لها تسجل واحدة من مئات المجازر التي أرتكبتها السعودية ومرتزقتهم في اليمن.
في بداية العدوان أقدم المرتزقة على حصار قرية الصراري وحاولنا مراراً وتكراراً فك ذلك الحصار وأرسلنا الوساطات القبلية على رغم من أنهم غدروا بنا أكثر من مرة، فبعد أن ذهب بعض أفراد القرية للتوقيع على وثيقة صلح بيننا وبينهم رغم أنه لم يحدث أي شي من قبلنا نحوهم فأغلبية شباب ورجال الصراري تحركوا ليلبوا نداء الوطن على طول الجبهات وعرضها فيما لم يبق في القرية سوى النساء والأطفال وكبار السن والبعض ممن يقومون على خدمتهم، وعند انتهائنا من الاجتماع
في إحدى المدارس ووقت خروجنا قاموا بصب النار علينا وقتل خمسة منا بدم بارد في ساحة المدرسة ومنعوا اهلهم من الاقتراب منهم ولم يسمحوا لهم بالوصول الى جثامينهم إلا اليوم الثاني:
والشهداء الذين سقطوا في ذلك العدوان الغادر هم:
1- الشهيد/ فواد عبدالله سرور الجنيد
2- الشهيد/ محمد عبدالله سرور الجنيد
3- الشهيد/ زيد يحي عبد الحميد الجنيد
4- الشهيد/ نبيل ابراهيم محمد الجنيد
5- الشهيد/ مبارك محمد علي سيف الجنيد
وطوال تلك الفترة استمر المرتزقة في حشد مقاتليهم على منافذ قرى الصراري ويستهدفونها بالقصف المكثف بمختلف أنواع الأسلحة يساعدهم في ذلك طيران العدوان من الجو بشنه عدداً من الغارات العنيفة على منازل المواطنين لتتسبب باستشهاد ومقتل العديد من المواطنين.. ففي تاريخ18/11/2018م، أقدم طيران العدوان السعوأمريكي على شن عدد من الغارات التي استهدفت منازل المواطنين في القرى المحاصرة أسفرت عن استشهاد وأصابة عدد من المواطنين بينهم ثلاثة من الأطفال، ولم تنته المأساة هناك بل بدأت حينما حاول المواطنون إسعاف المصابين ليتم منعهم من قبل مرتزقة العدوان “دواعش الإصلاح -” من إسعافهم وتركهم ينزفون حتى الموت، ونتيجة لذلك استشهد كل من:-
1- الشهيد/عامر عبد الوهاب احمد الجنيد
2- الشهيد/ عبد الرحمن محمد سيف الجنيد
3- الشهيد/ صلاح يحي عبد الجليل الجنيد
ومن الأطفال:
1- الشهيد/ احمد عبد الحكيم عبد القادر الجنيد
2- الشهيد/ علاء،عبد الوهاب احمد الجنيد
وفي تاريخ 11/2016م قام دواعش الإصلاح (مرتزقة العدوان) بحشد مقاتليهم على المنافذ المؤدية من وإلى القرى في منطقة ذلبرح والصراري وتطويقها من كافة الجهات ثم بدأوا باستهدافها بشكل عنيف جدا باستخدام كافة أنواع الاسلحة المتوسطة والثقيلة تمهيداً لاقتحامها وإبادة من فيها كما كانوا يرددون، وبالفعل قاموا بالهجوم على قرية الأعدان إحدى قرى منطقة الصراري وأسروا أثنين من أبنائها ليتم إعدامهم بطريقة بشعة ورمي جثمانيهما على مدخل القرية، وهم:
1- الشهيد/ محمد خالد محمد الجنيد
2- الشهيد/ علوان خالد محمد الجنيد
ولم تنته المأساة هنا بل جدد المرتزقة تصعيدهم صباح يوم السبت 16يوليو 2016م حيث استهدف مرتزقة العدوان ”دواعش الإصلاح” قرية الصراري بقصف عنيف بمختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة ليعقبه زحف على القرية استشهد على إثره اثنان أحدهم فارق الحياة من فوره وهو الشهيد / مصطفى محمد عبدالكريم عبدالوهاب و الآخر حاولنا إسعافه إلا أن الدواعش منعونا من إسعافه لينزف حتى فارق الحياة
وهو الشهيد / جوهر عبدالحكيم عبدالقادر الجنيد.
وعندما سقط هذان المجاهدان العظيمان
مصطفى وجوهر، اطبق الحصار تماماً على قرية الصراري والقرى المجاورة له، فتحرك الشهيد المفقود عمر عبدالعزيز قاسم الجنيد مع مجموعة من أصحابه لفك الحصار وأثناء محاولاته لكسر الحصار ومنع الدواعش والمرتزقة من اقتحام المنطقة من جهة موقع العروس ومن جهة الشعب أصيب ولم يعرف مصيره إلى يومنا هذا، بعد أن ابلى بلاء حسناً وسطر أروع الأمثلة في التضحية والفداء.. نسأل الله أن يكشف عن مصيره.
وعند اجبار من تبقى من أهالي قرية الصراري والقرى المجاورة على الخروج قسراً من قراهم، أقدم مرتزقة العدوان على أسر العشرات من كبار السن و هم في طريقهم للخروج، ومن بين هؤلاء الأسرى، الشهيد/ نجيب محمد حسن الجنيد الذي تم تعذيبه بعد أسره في معهد البيحاني قرية (بئيس) حصبان أعلى، والشهيد/ محمد محمد عبدالسلام الجنيد الذي تم تعذيبه في سجون الإصلاح بمدينة تعز حتى استشهد، وكذلك الجريح الاستاذ/ علي محمد عبدالله الجنيد الذي تم أسره وتعذيبه بجراحه حتى خروجه بعد سنوات من الأسر وقد بترت يده..
هذا كان استعراضاً موجزاً ومختصراً للأحداث لكن حجم المأساة يظل كبيراً وربما تداعياته ماثلة الى اليوم بالتهجير القسري والاستهداف الممنهج للنسيج الاجتماعي.. فجريمة الصراري بحق شبيهة بحادثة كربلاء ومظلوميتها.