مهما أمعن في اغتيال رموز السياسية وكوادر الإعلام لن ينتصر كيان الإجرام
مذ تعرض «الكيان» -عبر «طوفان الأقصى»- لصفعة لم تكن له بحسبان يعيش حالة عدم اتزان ضاعف شعوره بها فشل قواته -منذ أحد عشر شهرًا وإلى الآن- في تحقيق أيِّ انتصار في الميدان، فلم يسعه -للتغطية على مظاهر الانهزام- إلَّا اللجوء إلى اغتيال رموز السياسة وكوادر الإعلام.
اغتيال الساسة دليل على إفلاسه
من التعارف عليه في تأريخ الحروب أن تركيز الأطراف المحاربة ينصب على اصطياد القادة العسكريين لا سيما الميدانيين الذين يؤدي الإيداء بحياتهم إلى رفع معنويات القوات المعادية التي تمكنت من قتلهم، ويؤدي -في المقابل- إلى انهيار معنويات قواتهم التي تتأثر سلبًا برحيلهم، ولا يلجأ -عادةً- أيُّ طرفٍ من تلك الأطراف إلى اغتيال الساسة الذين لا يشاركون مشاركة فعلية في الأعمال القتالية إلَّا للتشويش على ما تتعرض له قواتهم من حالات انتكاس ولد لدى قيادتهم السياسية شعورًا بالإفلاس، وهذا عين ما باتت تعاني منه -الآن- سلطات الكيان الذي ألجأه تلقي قواته المجرمة في غزة -على أيدي أبطال المقاومة- الضرباتٍ العسكرية القاصمة والحساسة إلى اغتيال ما أمكن من رموز السياسة الذين يحاول -من خلال تردد أصداء الاغتيال- التغطية على ما يمنى به من الانتكاسة تلو الانتكاسة، فمثلما حاول «نتنياهو» -بعملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» الشيخ المجاهد «صالح محمد سلمان سليمان العاروري» مطلع العام الجاري- التخفيف من حدة أولى الانتقادات المتصاعدة ضده على خلفية فشل قواته المزدوج في إحدى العمليات التي هدفت إلى تخليص عدد من الأسرى ثم لم تلبث أن أسفرت عن إرداء ثلاثة من الأسرى الذين استهدفوا بالتخليص قتلى وانتشر خبر قتلهم -الذي قيل إنه حصل بالخطإ- بين الملأ، جاءت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة رئيس عاشر حكومة وطنية فلسطينية الشهيد المجاهد «إسماعيل بن عبد السلام بن أحمد هَنِيَّة» في العاصمة الإيرانية للتغطية على فشل القوات «الصهيونية» -على مدى أحد عشر شهرا- في تحقيق أيٍّ من أهداف الحرب التي أعلنها المدعو «نتنياهو» الحريص على استمرار الحرب إلى ما لا نهاية لما من شأنه البقاء في منصب رئيس الوزراء ترحيلًا لما ينتظره حتمية المثول أمام القضاء، فإذا به يرى في تنفيذ عملية الاغتيال في «طهران» -في هذه الأثناء- وسيلة مثلى لتوسيع رقعة الصراع وجرِّ «أمريكا» -بأيِّ أسلوبٍ كان- إلى مواجهة مفتوحة وشاملة مع «إيران» التي لن تسكت على ما تعرضت له -عبر عملية الاغتيال الخارقة للعادة- من اختراقٍ سافرٍ للسيادة.
اغتيال الغول بنية حجب اغتيال هنية
ومن جانبٍ آخر لا يلجأ أيُّ طرف من الأطراف المتحاربة -أيضًا- إلى الاستهداف المباشر لكوادر الإعلام المحميين بموجب نصوص القانون الدولي الإنساني وكافة البروتوكولات والقوانين المنظمة لحقوق الإنسان إلَّا في محاولة منه للتعتيم على فظائعه وجرائمه هذا من ناحية، ولوأد الحقائق والأدلة الدامغة على كثرة هزائمه أمام خصمه من ناحية ثانية، وهذا ما يمارسه «كيان العدو» بصورةٍ متواصلة، منذ اغتياله الصحفية الفلسطينية الحاصل على الجنسية الأمريكية في الـ11 من مايو 2022 أثناء تغطيتها للأعمال العدوانية الصهيونية في الضفة الغربية.
بيد أنَّ اغتيال كوادر الإعلام قد صار -منذ الأيام الأولى لـ«طوفان الأقصى»- ضمن المهام المطروحة على جدول الأعمال الروتينية لـ«قوات الكيان» التي قتلت حوالى 160 منهم إلى حدِّ الآن في محاولة من السلطات الصهيونية لحجب الصورة الحقيقية لما ترتكبه قواتها المتسمة بالهمجية واللاأخقية -في حق التجمعات السكانية الفلسطينية- من جرائم وحشية يندى لها جبين الإنسانية، وللتستر على ما تتكبده على أيدي رجال المقاومة -بشكلٍ يوميٍّ معتاد- من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وإذا كان اغتيال مراسل الجزيرة الصحفي «إسماعيل الغول» مع زميله المصور «رامي الريفي» -يوم الأربعاء الـ31 من يوليو المنقضي في مدينة غزة أثناء تواجدهما في مهمة إعلامية أمام منزل الشهيد «إسماعيل هنية» بعد ساعات معدودات من اغتياله في العاصمة الإيرانية- يأتي في سياق الإبادة الإعلامية، فإنَّ اغتيالهما في هذا التوقيت قد هدف إلى التشويش على حادثة اغتيال شهيد النضال الفلسطيني والقضية الفلسطينية الشهيد القائد «إسماعيل هنية» وإشغال وسائل الإعلام عن تغطية هذا الحدث الاستثنائي وإيلائه ما يستحق من الاهتمام خشيةً ممَّا قد يترتب على تناول شخص الشهيد وتأريخه السياسي والنضالي المجيد -من قبل أساطين الفكر والسياسة بتعمقٍ وموضوعية- من ردود أفعال عروبية وإسلاموية قوية ذات تأثيرات كارثية على حاضر ومستقبل الدولة الصهيونية بالتزامن مع تخطيها عتبة النصف الثاني من العشرية الثمانينية مثقلةً بما يتنامى في أوساط نخبها السياسية من خلافاتٍ بينية من شأن تناميها بتلك السرعة الجنونية التوطئة لتحقق ما ورد في حقِّ بني إسرائيل من نبوءاتٍ دينية.