بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (23)
وفي سياق حديثنا الطويل والمُتشعب الذي أخذ أكثر من بُعدٍ ومُعطى عن الغرب الصليبي الحاقد على أمة العروبة والإسلام، فإن هذا الغرب بما له من حسابات وأهداف وأجندة ومصالح خاصة به، مُستمر في التآمر على العرب والمسلمين..
ولن يكف الغرب الذي يستشعر الخطر من ناحية الإسلام والمسلمين عن إستهدافهم بمختلف الويلات والشرور، تدفعه لذلك عدائية مُفرطة وبُغض لكل ماهو عربي وإسلامي وفجور لاحد له..واستمرار الغرب في حملته الظالمة على أمة العرب والإسلام تندرج ضمن منطق الشعور بالخطر منها الذي اعتمده ولزوم القيام باللازم تجاه هذا الخطر ماضياً وحاضراً ومستقبلاً .
وفي مقابل هذا الذي يخطط له الغرب ويسعى إليه في هذا الجانب، ويقوم بتنفيذه على أرض الواقع ضمن استراتيجية ثابثة ومستمرة تُجسدها تلك الحرب المعلنة على هذه الأمة، تجد العرب والمسلمين في غفلة وجمود وسكون تام، ولا يبالون بأي شيء من ذلك، وكأن الأمر لا يعنيهم.. والأخطر إن البعض من العرب والمسلمين قد صاروا جزء لا يتجزأ من تلك الحرب القذرة على أمتهم، وانخرطوا فيها رهبة ورغبة ويُصنفون ضمن جنودها وعدتها وعتادها ووقود نيرانها التي لا تهدأ .
وفي ظل هذا السبات العميق الذي يغط به العرب والمسلمين منذ زمن بعيد، ومواقفهم السلبية المفرطة تجاه قضايا أمتهم وشعوبهم المصيرية، فليس بمستغرب أن تضطلع بريطانيا الملعونة رأس الأفعى تحديداً بالرسم والتخطيط وحبك الدسائس والمؤمرات وتقترح وتبني المشاريع الهدامة والتدميرية التي استهدفت بها أمتنا العربية والإسلامية دولاً وشعوبًا وحقوقًا وقضايا .
وقد نجحت هذه الدولة الإستعمارية المجرمة إلى حدٍ بعيد في زرع كيانات سياسية ودويلات عميلة لها وللغرب وهي محسوبة على العرب والمسلمين، جنبًا إلى جنب مع الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين المحتلة .
وما كان ينبغي أن نغفل كل هذا الوقت الطويل عن خطورة الدور البريطاني المشبوه الذي أثر سلبًا على عالمنا العربي والإسلامي .
ونبقى مُطالبين كعرب ومسلمين بالتوقف عند أبرز محطات ومراحل التآمر البريطاني على أمتنا، وتحليله وفهمه والإلمام بكل تفاصيله، وصولاً إلى معرفة حقيقته الكاملة التي تعامينا عنها، وكشفها بعد طول غموض وتعتيم وحجب .
واللافت أن بريطانيا كانت ولا زالت حاضرة وبقوة في كل تآمر ودسيسة من الدسائس الخبيثة على الأمة وشعوبها ودولها، وما انفكت عن ذلك قط، بل وحرصت على أن لا تغيب عن ما يضر بمصالح العرب والمسلمين ويزعزع استقرار وأمن بلدانهم في كل المراحل والعهود .
وبريطانيا التي شكلت هي وفرنسا في مرحلة الحقبة الاستعمارية وذروتها ثنائياً ناجحًا ومنسجمًا لتمزيق العالم العربي وتفتيته وإعادة رسم خارطة منطقته ووضع الحدود السياسية بين دوله، ونجحتا معاً في إسقاط دول وإقامة أخرى، هي ذاتها بريطانيا صاحبة وعد بلفور سيء الذكر بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .
وبريطانيا أيضًا هي نفسها صاحبة اليد الطولى وقصب السبق فيما جرى ويجري للعرب والمسلمين حتى اليوم سواء عبر بنود وثيقة جامبل بترمان أو سايكس- بيكو، التي تضمنت صراحة تمزيق العالم العربي والإسلامي وجعل دوله وشعوبه شذراً مذرا ،وتبني ورعاية أي مقترح أو نشاط معادي أو مشروع هدام يعمق الخلافات والنزاعات بين العرب والمسلمين إلى مالا نهاية.
بل إن بريطانيا الملعونة أول من تنبهت من المستعمرين الغربيين إلى أهمية وخطورة إثارة الخلاف الديني والمذهبي بين العرب والمسلمين، وشجعت تيارات وجماعات ماعُرِف بتيارات وجماعات "الإسلام السياسي" ابتداءً بالوهابية وأطنابها، كوسيلة ناجحة وفاعلة لإضعافهم وإنهاك قواهم واستغراقها على خلفية ذلك في نزاعات وحروب عبثية لاتهدأ ولا يخمد أوارها، وقد نجحت بريطانيا في ذلك وقطعت اشواطاً مُتقدمة وبعيدة تجني اليوم ثمارها بكل غبطة وارتياح .
ولا يزال في جعبة الخبيثة الماكرة عجوز أوروبا الشمطاء (بريطانيا) المزيد والمزيد من الإضعاف والإنهاك والإجهاز على العرب والمسلمين بأسهل الوسائل وأقل التكاليف.
فيما أمتنا شعوباً ودولاً ونُخباً في سبات عميق وينامون نوم أهل الكهف ولا أحد منهم إلا قلة قليلة يتنبهون لما يُحاك بهم من مكر سيء وخطر داهم من جهة أعدائهم، والكثير من الدول العربية والإسلامية منشغلة بتنفيذ ما رسمته بريطانيا والغرب وخططوا له بحذافيره للنيل منها وجعلها على الكيفية التي أصبحت عليها اليوم .
ولا بدع بكل هذا وسواه أن ينطبق على العرب والمسلمين وعلى أمتهم ما أشار إليه الشاعر المصري حافظ إبراهيم صراحةً بقوله :
أمة قد فُتَ في ساعدها
بُغضها الأهل وحب الغرباء .
تعشق الألقاب في غير العُلى
وتُفَدِي بالنفوس الرُتبا .
وهي والأحداث تستهدفها
تعشق اللهو وتهوى الطربا .
....... يتبع ......