القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «68»
رد فعل الصين على حادث الاغتيال.. لا شك أن القيادة الصينية شعرت بالحزن الشديد إزاء الأحداث التي شهدتها اليمن فبرغم تحذيراتها كان السوفيت على ما يبدو قد حققوا أهدافهم والأسوأ من ذلك أنهم وجهوا ضربة قوية للصين
وكان من الممكن أن نستنتج من أعمال العنف انتصار السوفيت على الاشتراكية الصينية وهذا ترك الصين في مأزق فربط أحداث اليمن ولو من بعيد بالنزاع الصيني السوفيتي الشامل قد لا يؤدي إلا إلى الاعتراف علناً بفشل الصين وعجزها عن دعم أنصارها الإيديولوجيين وبعبارة أخرى فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى خسارة كبيرة لماء الوجه ولكن غياب الانتقادات من جانب المنافس الرئيسي للسوفيت من شأنه أن يجعل النصر السوفيتي أكثر اكتمالاً وعلى هذا فقد تبنت الصين نهجاً أكثر شمولاً.. ولقد كان رد الفعل الصيني الرسمي على الأحداث في اليمن متدرجاً حيث تضمن اقتباساً حراً من إدانات صحافة الدول الأخرى فضلاً عن سياسة النظر إلى الأحداث في اليمن في سياق الإمبريالية الاجتماعية السوفيتية بدلاً من اعتبارها حادثاً ذا أهمية شخصية بالنسبة للصينيين والواقع أن البيان الصيني الوحيد الذي تم اكتشافه والذي ألقى باللوم صراحةً في الأحداث على نزاع سياسي داخلي بين إسماعيل وسالم ربيع علي باعتبارهما من أنصار الاتحاد السوفيتي والصين على التوالي جاء في تعليق نشرته صحيفة تا كونغ باو الشيوعية في هونج كونج باللغة الصينية في اليوم التالي لإعدام سالم ربيع علي وعلى النقيض من هذا التقرير شبه الداخلي كان رد الفعل الرسمي للحكومة الصينية للاستهلاك الخارجي هو أولاً الإبلاغ عن الأحداث على أنها أمر واقع وتقديم التعازي الرسمية وفي غضون أسبوع واحد تم الاستشهاد بمصادر صحفية عربية حيث قدمت إجماعاً عربياً موحداً على أن التدخل السوفييتي كان يهدف إلى تقويض الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر والخليج فاستغلت بكين مداولات جامعة الدول العربية على أكمل وجه من خلال الاستشهاد بإدانتها للاتحاد السوفيتي باعتباره قوة إمبريالية تتبع خطى الولايات المتحدة وبالتالي أكثر عدوانية في طبيعتها وللمساعدة في إزالة اثر النكسة الشخصية استشهدت بافتتاحية سعودية زعمت أن الأحداث كانت بعيدة كل البعد عن كونها صراعاً داخلياً بل كانت محاولة لجر المنطقة العربية إلى حرب أهلية ونشر الصينيون التصريحات الغاضبة الصادرة عن شمال اليمن والتي أدانت عدوان جنوب اليمن والتدخل الأجنبي والمشاركة الكوبية وفي إشارة إلى أحد هذه التصريحات الصادرة عن شمال اليمن ذكر الصينيون أن رئيس وزراء شمال اليمن استقبل بحرارة السفير الصيني في تعبير ضمني عن دعم الصين للقيادة اليمنية الشمالية الجديدة واستناداً إلى الصحافة في الشرق الأوسط استشهد الصينيون بمصادر إخبارية غربية لانتقاد الطموحات العدوانية للاتحاد السوفيتي وقد وصف العديد من المراقبين التدخل السوفيتي في اليمن بأنه انتهاك وحشي لحقوق الإنسان ودليل إرشادي لسياسة القوة الإمبريالية وفسر البريطانيون الهدف السوفيتي النهائي بأنه الوصول البحري إلى خطوط النقل البحري الإستراتيجية للنفط وقناة السويس وأخيراً لجأ الصينيون إلى شن هجمات إعلامية مباشرة زاعمين أن السوفيت قد خططوا للقتل بدم بارد في اليمن وفي غضون ثلاثة أسابيع من وقوع هذه الأحداث أصبحت كل إشارة صينية إلى أحداث اليمن جزءاً من الهجوم الشامل على الإمبريالية الاجتماعية والهيمنة السوفيتية.
رد الفعل السوفيتي على حادث الاغتيال.. كان رد الفعل السوفيتي الأولي مشابهاً لرد الفعل الصيني؛ فقد تجنب السوفيت أيضاً الإشارة المباشرة إلى الجانب الصيني وركزوا أكثر على شر الرئيس سالم ربيع علي ورئيس اليمن الشمالي واستشهدوا بنصيبهم من الصحافة الأجنبية بما في ذلك ليس فقط وسائل الإعلام العربية ولكن أيضاً صحيفة نيويورك تايمز التي ربطت أحداث اليمن بالهيمنة الأحادية بين الولايات المتحدة والسعودية بالإضافة إلى ذلك أدانت التصريحات الرسمية لوكالة تاس علناً تورط السعودية المزعوم ووصفت التقارير عن وجود قوات كوبية وألمانية شرقية وسوفيتية في جنوب اليمن بأنها مختلقة وبسبب المناخ السياسي المواتي الآن في جنوب اليمن تمكن السوفيت من تكييف واستغلال التصريحات الرسمية لجنوب اليمن بما يخدم مصالحهم الخاصة فإذا كان العالم يشك في الادعاء السوفيتي بعدم وجود قوات أجنبية في جنوب اليمن فكيف يمكنه تجاهل وزير خارجية ذلك البلد الذي نفى بشكل قاطع أي تدخل سوفيتي في شؤونه أو وجود قوات سوفتية أو كوبية في البلاد أو أي قواعد أجنبية على أراضي جنوب اليمن وفي فقد الواقع أضاف وزير الخارجية أن السوفيت كانوا يقدمون لليمن الجنوبي مساعدات غير سخية واتخذت في إحدى الحالات شكل الدعم الأيديولوجي من قبل العمال السوفيت الذين أكدوا بحزم على مبدأ دولي وبروليتاري حقيقي.