بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (27)
وقد لعبت بريطانيا التي استعمرت العديد من البلدان العربية والإسلامية بالتعاون والتنسيق مع شريكتها في الإثم والعدوان فرنسا ولاحقًا أمريكا، الدور الأكبر والمُؤثر في تمزيق الدول التي استعمرتها ردحًا طويلاً من الزمن،
واستطاعت الخبيثة بريطانيا أن تبث سمومها وتنفتها في أوساط شعوبها وتعزز حالة الفرقة والبغضاء بين أبنائها، وشجعت على تعميق الخلافات والنزاعات المذهبية والطائفية فيما بينها، وبريطانيا هذه للتذكير، هي التي تبنت مشروع "الإسلام السياسي" والإسلام المُعتدل، حيث تبنت تيارات دينية إسلامية منقادة لها ينحصر دورها الديني والدعوي في بعض الأمور كالحيض والنفاس والجماع وعذاب القبور والسواك والتبرك بالأولياء والصالحين، وترك الأمور الأهم والأعظم كالجهاد والتفرغ لبناء الحضارة والأوطان والذود عن الأعراض والحقوق وغيرها، ونجحت بريطانيا إلى حدٍ بعيد في تمرير وفرض مشاريعها الإستعمارية وتنفيذ أجندتها وخططها ذات الصلة على المدى القريب والبعيد، وفرضت واقعًا جديداً معاشا على من استهدفتهم بدسائسها ومؤامراتها المحبوكة..وقد كرست الملعونة كل خبراتها وامكاناتها وقدراتها إبان فترة الحقبة الإستعمارية في تحقيق أهدافها وتنفيذ خططها الإجرامية الشيطانية في مستعمراتها بدقة متناهية فاقت كل التصورات، ولم تكتفي بما تحقق لها، بل واصلت مساعيها لتنفيذ المزيد من الخطط والمشاريع الهدامة التي طالت الشعوب والدول المُستهدفة .
ومن المعلوم أن بريطانيا ما تركت بلداً في العالم استعمرته لفترة، إلا وأوجدت فيه معضلة عويصة تستنزف أبنائها في صراعات ونزاعات مستمرة حتى اليوم، وعلى سبيل المثال لا الحصر لم تعلن جلاء جنودها عن الهند وباكستان إلا بعد أن تركت بينهما مشكلة كشمير كقنبلة موقوتة هناك ومصدر دائم للتوتر والصراع بين البلدين الجارين، وبريطانيا هي من شجعت على اقتطاع باكستان الشرقية (بنغلاديش) من الوطن الأم، وتركت قبرص بلداً ممزقًا ومقسمًا بين الأتراك واليونانيين، وغادرت فلسطين بعد أن عملت جاهدة على استجلاب العصابات اليهودية الصهيونية من كل أصقاع الأرض وزرعت في الأراضي العربية الفلسطينية كيانًا استعماريًا لقيطًا ممثلاً بدولة إسرائيل، وهي من عملت على انفصال السودان عن مصر .
وفي منطقة الخليج رعت الملعونة بريطانيا وتبنت إنشاء كانتونات سياسية هزيلة وأسست في هذه المنطقة الغنية بالنفط إمارات ومشيخات صغيرة تدين لها وللغرب بالولاء ولا تخرج عن أمرها، في الوقت الذي حرصت فيه على إبقاء دول عربية وإسلامية كبيرة كمصر واليمن والسودان وغيرها أسيرة مشاكلها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية طوال الوقت، ومكبلة بهذه القيود والأغلال لا تستطيع أن تنفك وتتحرر منها بسهولة، وحتى تضمن بريطانيا ومن ورائها الغرب الاستعماري كله إدراك غايات الاستهداف الممنهج للعرب والمسلمين، وتنفيذ الخطط والمشاريع التآمرية الهدامة التي أعدت بدقة عالية، فقد شرعت بريطانيا في البداية وعملت بالتعاون مع شركائها الغربيين الآخرين، على خلق كيان غريب في قلب المنطقة ممثلاً بدولة إسرائيل، لمنع أي تقارب بين عرب المشرق العربي والمغرب العربي، وركزت الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس آنذاك جهودها على إحتلال أهم الدول العربية لأطول فترة ممكنة وعملت بجد واهتمام على تشويه ماضي تلك الدول، وزرع عملاء دائمين للغرب فيها، وسعت بريطانيا ضمن مساعيها الخبيثة إلى تكسير المنظومة التربوية العربية عن طريق وسائل مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب تشويه الإسلام في نظر الأجيال وجعله مع اللغة العربية مُرادفًا للإرهاب والقتل، وزرع الفتن بشكل مستمر بين الدول العربية وإلهائها بها وجعلها غير مستقرة بكل السبل والوسائل المتاحة .. وما فتئت بريطانيا ترسم الخطط وتعد البرامج التآمرية على العالم العربي، وتسعى قدمًا بكل ما لديها من قوة وإمكانيات متاحة لتحقيق أهدافها في النيل من العرب والمسلمين والعمل على إبقاء أمتهم خارج ودون الجاهزية والفعل والتأثير والدور والحضور على كافة المستويات والصعد، وتعتبر بريطانيا ومعها الغرب المشحون بهواجس مخاوفه التاريخية هذه الأمة بمحمدها وإسلامها وبما تمتلكه من دين حنيف وعقيدة سمحاء ومُثل وقيم ومؤهلات ومقومات شتى للنهوض والبروز الخطر الدائم على الغرب ووجوده وحضارته، ولهذا السبب بالذات يواصل الغرب حربه الضروس على أمة العروبة والإسلام، ولن يكف عنها شروره حتى تبادر هي بما ينهي كل ذلك، أو تبقى على مرمى استهداف الأعداء لها على الدوام.. ...... يتبع ......