
لعنة غزة تُطيح بالديمقراطيين
في دورة ثانية غير متتالية يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجددا ليكون الرئيس السابع والأربعون بعد أن كان الرئيس الخامس والأربعون في انتخابات عام 2016م
ويعتبر الرئيس الثاني في التاريخ الأمريكي الذي يعود رئيسا بهذه الطريقة متفوقا على منافسته نائبة الرئيس الحالي جوبايدن الذي تنتهي ولايته في 20 يناير من العام القادم 2025م كمالاهاريس بأصوات المجمع الانتخابي والأصوات الشعبية إضافة إلى استعادة حزبه الجمهوري الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب وهو ما شكل صدمة قوية للديمقراطيين الذين كانوا يقللون في حملتهم الانتخابية من خطورة ترامب ويستهزئون به لدرجة أن وصفه الرئيس بايدن مع أنصاره الجمهوريين بالقمامة فاستغل ترمب هذا الوصف ولبس السترة وطلع إلى سيارة جمع القمامة مرافقا عمالها فزادت شعبيته في أوساط الأمريكيين الذين صوتوا له حتى في الولايات المتأرجحة والولايات التي عُرفت بسيطرة الديمقراطيين عليها فخرج فائزا فيها ليصبح هو الرئيس القادم لأمريكا للأربعة أعوام المقبلة وبما أن ترامب كان هو الرئيس الخامس والأربعون فقد ارتبطت به تنبؤات الفلكيين التي تقول: إن الولايات المتحدة الأمريكية مُنذ الرئيس الخامس والأربعون لن تشهد استقراراً وأن شعبها سيعيش في ظل وضع مضطرب وغير آمن وقد ربما تطالب بعض ولاياتها بالانفصال كما أن دورها الريادي في العالم سينحصر بسبب انشغال حكامها بالوضع الداخلي وظهور منافسين جدد على الساحة العالمية قد يشكلون خطراً عليها ويحجمون نفوذها لاسيما في آسيا وأوروبا وفي منطقة الشرق الأوسط، وبالرغم من أن التنبوءات تظل تنبواءات وقد تصدق أحيانا لكن من يقف اليوم أمام الوضع في أمريكا والذي لم يسبق للشعب الأمريكي أن شهد مثله مُنذ استقلالها عن بريطانيا قبل 250 عاما سيأخذ ما ذهبت إليه النبوءة على محمل الجد ويسقطها على الوضع الحالي لعدة أسباب أهمها: أن الرئيس دونالد ترمب هو الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية وهو الرئيس الوحيد الذي ضرب بالنظام الانتخابي الأمريكي عرض الحائط ولم يقبل بنتائج الانتخابات الرئاسية التي تفوق عليه فيها منافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن عام 2020م وأصر على أنه الفائز في الانتخاب ومن حقه الاستمرار في حكم أمريكا لولاية ثانية ورفض أن يسلم الحكم لخلفه رسميا ومنذ تلك اللحظة أعد نفسه للترشح في انتخابات عام 2024م منتقما وكان واثقا من فوزه فيها رغم العراقيل التي وضعت أمامه وتقديمه للمحاكمة ومحاولة اغتياله مرتين وقد تحقق له مبتغاة بسهولة مطلقة لم يكن يتوقعها الديمقراطيون وربما لم يكن يتوقعها ترمب نفسه ومع أن ترمب قد صرح عقب إعلان فوزه التاريخي حسب وصفه بأنه سيجعل من أمريكا أولوية ويعيدها بلداً عظيماً مجددا إلا أن المتابعين لما يجري في الداخل الأمريكي من تذمر وانتقاد شعبي للسياسة الأمريكية وتدخلها في شؤون الدول الأخرى يشير إلى أن أمريكا ستتآكل من الداخل وقد يقوم ترمب بالدور الذي قام به غورباتشوف في الاتحاد السوفيتي سابقا عندما قام بتفكيك وحدته وأفقده ميزته كدولة عظمى كانت تشكل ندا لأمريكا وتتقاسم معها النفوذ العالمي وهذه الحقيقة يؤكد عليها الديمقراطيون بأن ترمب إذا ما ما فاز بالرئاسة فسوف يدمر أمريكا ويحولها إلى فوضى وإن كانت شهادتهم مجروحة كونه خصم لهم وتغلب عليهم في الانتخابات مع أنهم السبب في هزيمة أنفسهم حيث ضربوا بإرادة الشعب الأمريكي جانبا عندما خرج إلى الشوارع محتجا على ما تقدمه إدارة بايدن الديمقراطية من دعم عسكري ومادي لإسرائيل ليرتكب جيشها إبادة جماعية في قطاع غزة ولبنان ولم تضغط على المجرم نتنياهو لإيقاف الحرب فكان هذا التجاهل والتلذذ بدماء الشيوخ والنساء والأطفال وتدمير البنية التحتية في غزة ولبنان من قبل إدارة بايدن قد جعل المواطنين الأمريكيين يحجمون عن التصويت لتجديد ولاية ثانية لها واتجهوا إلى دعم ترمب رغم معرفتهم بمساوئه ونكاية في بايدن ونائبته المرشحة نيابة عنه فأطاحت لعنة الحرب على غزة ولبنان المدعومة من إدارة بايدن بالديمقراطيين الذين كانوا واثقين ثقة مطلقة بالفوز على الجمهوريين فذهب بايدن بمثليته التي تبناها مع إدارته إلى الجحيم.
وهنا نشير ونحن نتحدث عما ستشهده أمريكا من تراجع لدورها الأممي إلى أن كثيراً من الدراسات تؤكد ارتفاع نسبة الفساد الحكومي والانحراف بالسلوك الأخلاقي في أوساط المجتمع الأمريكي وخاصة بين صفوف الشباب لدرجة أن الرئيس بايدن صادق على قانون أقره مجلس الشيوخ يحمي حقوق المثليين والسبب تناقض الأخلاقيات والدور السلبي لوسائل الإعلام وبالذات التلفزيون والسينما التي افتقدت للتربية الأخلاقية في المجتمع الأمريكي وهذا ما دفع بالحكومة الأمريكية ممثلة في وزارتي الخارجية والعدل إلى حجب مواقع الكترونية تعودت على قول الحقيقة وفضح أكاذيب السياسة الأمريكية مما يؤكد أن الحرية والديمقراطية في أمريكا هي شكلية بالدرجة الأولى وإن كانت السياسة الأمريكية الخارجية تظل ثابتة ولا تتغير بتغير الرؤساء لأنها مرتبطة أساسا بمصلحة أمريكا أولاً وبصانعها ثانيا حتى لو اختلف أسلوب التعاطي مع تحقيق الهدف المرسوم سلفاً، قد لا يصدق البعض أن الديمقراطيين الذين يرفعون شعارات هادئة للتعاون مع الشعوب الأخرى ويحاولون خداع العالم بأن سياستهم تختلف عن سياسة الجمهوريين العنيفة والمتهورة هم من تبنى الإرهاب وأنشئوا داعش في العراق وسوريا ودعموها رسميا وتسببوا في الحروب باعتراف وزيرة خارجية إدارة الرئيس الأسبق أوباما (هيلاري كلينتون) وقد دونت ذلك الاعتراف في مذكراتها على سبيل المفاخرة وكذلك أدلت بتصريحات صحفية تحدثت فيها بصوتها زيادة في التأكيد كما أن الرئيس دونالد ترمب المنتخب لولاية ثانية قد أكد في خطاب له أثناء ولايته الأولى بأن إدارة أوباما الديمقراطية هي من أنشأت داعش ودعمت الإرهاب واستشهد بأقوال كلينتون التي كانت تشغل منصب وزير الخارجية.