
وقفة في رحاب العلماء
صحيح بأن الرحلة مع العلماء رحلة مع القيم الرفيعة ومكارم الأخلاق، رحلة خالية من المثالب والمنغصات الأخرى وفي هذه الوقفة أحاول مجتهداً القبض على تلك اللحظات الممتعة التي قضيناها ذهاباً وإياباً من محافظة إب إلى صنعاء عاصمة الصمود مع كوكبة من العلماء
والتي توزعت بين النقاش الرصين للمسائل الفقهية ومراجعة المتون والكتب المعتبرة التي بمجرد ذكر أسمائها يشعر الإنسان بالحنين إليها والانجذاب لها لما تنطوي عليه من درر المسائل الفقهية ...لحظات كان فيها قراءة للقصيدة الميمية للشيخ الدكتور محمد المهدي المعروفة (نصر من الله لا من مجلس الأمن ) قصيدة تعود إلى التسعينيات لكن أحكامها لازالت قائمة حتى اليوم الذي تتكرر فيه أمام أعيننا عشرات المجازر الوحشية والإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني المظلوم من قبل العدو الصهيوني المدجج بآلة الدمار والفتك الأمريكية .. بالاستماع إلى تلك القصيدة عشنا لحظات الشعور بألم تظافر الكلمات بجراح الأقصى الشريف.
بعد ذكر القصيدة اصطفت موائد الأئمة والعلماء بمؤلفاتهم المبسوطة على طول الطريق حيث كانت الملاذ الآمن من رياح التغيير والعولمة والأفكار الملغومة التي جعلت الأمة في حالة من التيه والنكوص والشعور بالدونية والخوف والاستسلام أمام أعداء الأمة قبل أن يبزغ فجر المشروع القرآني الذي غير بحضوره القوي الكثير من المعادلات الثابتة بالدفاع عن شعبنا الفلسطيني المظلوم بما يسهم في انتقال الأمة من ثقافة الضعف والتقوقع والإنهزام إلى ثقافة العزة والكرامة والتطور والإزدهار الإنساني وقد آن الأوان للنخب العلمائية والأكاديمية لتصحيح مواقفهم من المشروع القرآني المبارك الذي (يستوعب البشر ويهذبهم ويجعلهم يسيرون على نمط واحد ) لاسيما وقد خاضت الأمة ما يكفي من التجارب الفاشلة لأن الاعتراف بالخطاء فضيلة .
كانت رحلة ممتعة ثرية بالمناقشات الفكرية والفقهية مشبعة بروافد الحب والصراحة ومن هنا كان علينا أن نقدم للقارئ الكريم بعض من صفات مشائخ هذه الرحلة ط فالشيخ الدكتور محمد المهدي من مشائخ أهل السنة والجماعة المشهود له بسعة الإطلاع شغوف بالقراءة والتأليف وكتابة الشعر الفصيح وله ديوان مطبوع صاحب رؤية ثاقبة بصير بعواقب الأمور وما بيان العلماء إلا دليل على نضج الرؤية أما الشيخ الدكتور محمد كرش من كبار العلماء المذهب الشافعي يتمتع بهوية الإنسان الزاهد واسع الإطلاع يعرف الواقع ويفقه الوقائع أما الشيخ الدكتور عارف شمس الدين وإن كان قلبه معلق بالمذهب المالكي إلا أنهُ يفتي بالمذاهب المشهورة والقوانين النافذة يرى في جميع الأئمة أعضاء في جسد واحد أما الشيخ ياسين العبادي من رجال الدعوة إلى الله يمتلك موهبة خطابية كشلال هادر تجتمع فيه مايندر أن تجتمع بشخص آخر صاحب ذكاء حاد وابتسامة صافية وقريحة .
شقت القافلة العلمائية طريقها وفي صميم إيمانها الاطمئنان على سماحة مفتي الديار اليمنية فضيلة العلامة السيد شمس الدين شرف الدين حفظه الله الذي أستحي عن وصفه وأنا بين بحور العلوم أصحاب الفضيلة العلماء الذين قبلوني خادماً لقافلتهم وهنا أسأل الله الشفاء لسماحة المفتي الذي لا يزال يبعث في الأمة احساساً بالقوة والعظمة والاعتصام بحبل الله من خلال تلك الدروس الدينية التي ترمم وحدة الأمة وتزيد من تماسكها وإشعاعها الرسالي.