كتابات | آراء

بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (33)

بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (33)

ويبقى من الأهمية بمكان ونحن نستعرض تاريخ بريطانيا الأسود كقوة استعمارية شريرة ، أن نتوقف عند محطات محددة ومعينة منه ، ليتاح لنا فهمًا أكثر وأعمق لطبيعة دور بريطانيا المشبوه والأعظم خطراً

مقارنة بسواها في صناعة الحروب وتأجيج الصراعات في دول العالم التي استعمرتها بطرق وأساليب ملتوية منحتها تميز وخصوصية بذلك وليس من العسير على من يقرأون التاريخ ويفهمون ماشهده من أحداث أن يُحاطوا علمًا وخُبرا بتميز وبراعة بريطانيا كقوة استعمارية غاشمة عُرفت بالمكر الشديد وحالفها النجاح إلى حدٍ ما ، في كل ماقامت به عبر تاريخها الطويل ابتداء من مرحلة الإستعمار المباشر للبلدان وإخضاع الشعوب إلى استغلال الجماعات المتطرفة التي تبنتها ودعمتها ووجهتها لخدمة مصالحها هي والغرب ، وصولاً إلى مرحلة جني الثمار والمحاصيل لما زرعته لنفسها وللغرب وأتى أكله في حينه ومكانه ولا يختلف إثنان أن بريطانيا التي برزت على سطح الأحداث في تاريخ العالم، تعد واحدة من أخطر وأهم القوى الإستعمارية الغربية الكبرى في العالم التي كرست جهودها ونجحت في بسط سيطرتها ونفوذها على مناطق واسعة من العالم وفي قارات مختلفة وفي سبيل السيطرة وبسط النفوذ على مناطق عديدة في العالم ، استخدمت بريطانيا أدوات الحرب والصراع كجزء من استراتيجيتها المُعتمدة التي ضمنت لها السيطرة والتوسع الدائم ولم تقتصر الأدوات والوسائل التي لجأت إليها بريطانيا لضمان فرض نفوذها وسيطرتها على عدد من دول العالم على مجرد الغزو العسكري المباشر فقط ، بل تطورت تلك الأدوات والأساليب وشهدت توسعًا أكبر بمرور الوقت لتشمل سياسات تعتمد على التأجيج الداخلي للصراعات والإنقسامات الدينية والعرقية داخل كل بلد وشعب مُستهدف بشرور الإنجليز ولم يفت بريطانيا أيضًا بمرور الزمن من أن تطور أساليبها وأدواتها القديمة ، وتعززها بطرق أكثر تعقيداً ، وذلك من خلال مراكز الأبحاث وصناعة القرارات الإستراتيجية التي ركزت فيما يصدر عنها في مجملها على زعزعة الإستقرار السياسي والإجتماعي في البلدان والدول المستهدفة ، وفق خطط وبرامج معتمدة لهذا الغرض .
وفي فترة إستعمارها الطويلة للعديد من البلدان في آسيا وأفريقيا وأمريكا ، أعتمدت بريطانيا الشريرة سياسة "فرق تسد" التي اشتهرت بها واستغلت بموجبها الإنقسامات الداخلية في المجتمعات لتنجح لاحقًا في تأمين السيطرة عليها بسهولة وبأقل التكاليف ففي الهند مثلاً ، دعمت بريطانيا تلك التوترات والنزاع التاريخي بين المسلمين والهندوس لتضمن به اطالة فترة استعمارها للهند أكبر فترة ممكنة ، وفي الشرق الأوسط ساهمت في تقسيم المنطقة وتقطيعها إلى أوصال وعملت على اصطناع حدود جديدة بين دولها وتم لها ذلك من خلال اتفاقيات عدة من بينها اتفاقية : سايكس - بيكو بينها وبين فرنسا وروسيا القيصرية ، والتي أتاحت للندن إعادة رسم الحدود وخارطة المنطقة المُستهدفة بالتقسيم ، وعلى النحو الذي سمح لها بزرع بذور الصراعات طويلة الأمد فيها .
وهذا النهج البريطاني لم يكن مجرد سياسة استغلالية في تلك المرحلة من تاريخ العالم والمنطقة ، بل هي سياسة تطورت مع الوقت لتصبح جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية بريطانيا في تعاملها مع العالم .
ولاحقاً قامت بريطانيا بدعم أنظمة معينة وعملت في الوقت نفسه على تقويض أخرى بحجج مختلفة بما يخدم مصالحها ويعزز سيطرتها على التجارة والمواقع الإستراتيجية الحيوية في أكثر من دولة في العالم وبريطانيا التي رعت عملية التقسيم للمنطقة ووقفت ورائه بكل قوة وحماس ، هي ذاتها صاحبة فكرة إنشاء وزرع دولة الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية بفلسطين ، وهي نفسها التي أقامت ممالك وعروش ودول في المنطقة تتبعها وتدور في فلكها إلى اليوم كالعرش السعودي والأردني ومشيخات وإمارات النفط الصغيرة بمنطقة الخليج العربي ، ونجحت في القضاء على أخرى وقامت بتقزيمها وتقطيعها وإضعافها ، وإقتطاع أجزاء منها وضمها إلى دولة أخرى وهذا ما عبر عنه أحد المحللين السياسيين بالقول :" كان لبريطانيا دور محوري في صناعة دول الخليج كما نعرفها اليوم من خلال اتفاقيات الحماية مع شيوخ القبائل "وهذا مايتطابق مع رأي مماثل يقول أصحابه :" إن بريطانيا هي من ساهمت في تحديد معالم تلك الدول ومنها السعودية والأمارات وغيرها ، وربطت زعمائها بسياساتها من خلال الدعم العسكري والإقتصادي ، وهذا التوزيع السياسي للأدوار ضمن للندن وللغرب خلق نوع من التوازن في المنطقة ، بحيث أصبح لكل دولة دور محدد يخدم المصالح البريطانية. والغربية على حدٍ سواء" .
وعلى ضوء هذا الدور المناط بكل دولة كان لبريطانيا الفضل في قيامها ، أصبحت مملكة آل سعود التي قامت في أراضي نجد والحجاز القوة النفطية الأولى التي تؤمن تدفق النفط للأسواق البريطانية والغربية في حين تطورت دويلة الأمارات التي تم اقتطاعها من أراضي سلطنة عمان الشرقية لتكون مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً ، فيما يتم استثمار قطر في مجال الإعلام والسياسية الخارجية كوسيط بحسب مارسم لها من قبل بريطانيا والغرب ، وتعمل كلا من البحرين والكويت كمراكز حيادية نسبياً ، وكذلك الحال بالنسبة لسلطنة عمان بيد أن الأدوار المحددة للدول المذكورة ، قد ضمن لبريطانيا وجود نفوذ دائم لها في منطقة هي الأغنى بالنفظ في العالم ، عبر دعمها لتوازنات القوة وتوجيه سياسات الدول الخليجية بما يخدم مصالحها هي والغرب ، ويجعلها حاضرة سياسياً وإقتصادياً وحتى عسكرياً فيها بكل قوة وهذا يعني أن الإستقلال التي منحته بريطانيا لتلك الدويلات يبقى استقلال صوري ولا معنى له ، طالما بقيت دول كهذه منتقصة ومستباحة السيادة ، ولا تملك حق اتخاذ القرار الوطني المستقل لنفسها ، وشأنها بذلك شأن المحظيات والجواري اللواتي يتبعن الأسياد ليفعلوا بهن ماشاءوا ومتى شاءوا ! .

....... يتبع ......

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا