كتابات | آراء

السعودية والاحتماء بأمريكا

السعودية والاحتماء بأمريكا

مُنذ أن حلت أمريكا محل بريطانيا الاستعمارية فيما يُعرف اليوم بمنطقة الشرق الأوسط عقب الحرب العالمية الثانية وهي تتعامل مع حكام شعوب المنطقة وخاصة العرب منهم وكأنهم عبارة عن دمى تحركهم بيديها كيفما تشاء ولا يجرؤ أحد منهم أن يقول لها:

لا بل وصورت نفسها أمامهم كبعبع مُخيف يجعلهم يرتعدون من تهديدها وهم داخل مكاتبهم ومنازلهم والسبب أن كل من أعدتهم وتبنتهم مبكراً لإيصالهم إلى كراسي الحكم في بلدانهم وضعت لهم ملفات ضمنتها كل فضائحهم مما جعلهم يفقدون سيادتهم تماما ولا يستطيع الواحد منهم أن يتخذ قراراً مخالفا لما تريده سيدته أمريكا وخير دليل على ذلك مواقفهم الخانعة والذليلة مما يجري مُنذ أكثر من عام في قطاع غزة بفلسطين وفي لبنان من ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين الأبرياء وتدمير البنية التحتية على أيدي الجيش الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا وللأسف عربيا فهؤلاء الحُكام يتفرجون وكأن ما يجري لا يعنيهم من قريب أو بعيد بل وصل بهم الأمر إلى درجة انتقادهم الشديد ووقوفهم ضد جبهة المساندة للشعبين الفلسطيني واللبناني المتمثلة في محور المقاومة متبنيين حرفيا السياسة الأمريكية والإسرائيلية وكأنهم ناطقون رسميون باسمها، وما حدث فيما عُرف بالقمة العربية والإسلامية التي عقدت مؤخراً في الرياض خير شاهد حيث لم يصدر عنها حتى بيان قوي يتضمن مصطلحات الشجب والاستنكار التي تعود على سماعها المواطنون العرب عقب كل قمة عربية كانت تعقد في عاصمة أي بلد عربي وفقدت الجامعة العربية دورها تماما وأصبحت الدول الثرية بقيادة السعودية هي من يتحكم في مصائر الأنظمة العربية بحسب ما تقتضيه السياسة الأمريكية.
ولأن النظام السعودي بحكم ما يمتلكه من أموال ودعم أمريكي صار له تأثير واضح على الحُكام العرب الذين أصبحوا يخطبون وده بهدف الاستفادة من عطاياه التي يلحقها بالمّن والأذى وليس حبا فيه ويلبون دعواته فقد أصبح ينهج سياسة متغطرسة خاصة نحو جيرانه وفي مقدمتهم اليمن وعليه نقول لهذا النظام لا تفرح كثيرا فما تقوم به من إثارة للفتن وتصديرها إلى الشعوب التي تختلف معك وترفض إملاءاتك وتدخلك في شؤونها الداخلية خدمة لأمريكا وإسرائيل ليس إلا بداية النهاية لسقوطك قريبا بإذن الله وعليك أن تعتبر ممن سبقوك من المتجبرين قديما وحديثا وكيف كانت نهايتهم، ومن يقرأ القرآن الكريم ويتأمل في آياته جيدا سيعرف طبيعة السياسة الفرعونية التي انتهت بفرعون إلى الغرق وهي نفسها السياسة المعتمدة على المادة بما فيها من غطرسة وجبروت وتكبر التي يتبعها حكام النظام السعودي اليوم ويعتقدون انهم بهذا السلوك سيحققون أهدافهم للسيطرة على دول المنطقة غير مدركين أن أموال شعب نجد والحجاز التي يبعثرونها هنا وهناك لتصدير الفتن والحروب إلى الشعوب الأخرى خدمة لسيدتهم امريكا ستقيهم وتحميهم من الوقوع في المصير المحتوم المنتظر لهم عندما يجعل الله نهايتهم ونهاية نظامهم على أيدي من تسببوا في ظلمهم ودمروا بلدانهم وقتلوا شيوخهم ونساءهم وأطفالهم، وهم بهذا السلوك المشين والتفكير السيئ يسيرون في الطريق الخطأ، وما يحدث في اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان بسبب أعمالهم الشريرة وتدخلهم في شؤونها ماهو إلا أنموذجا بدأ يرتد كسهم ملتهب يخترق صدورهم.
لم يكن حكام النظام السعودي يتوقعون أبداً بأنه سيأتي يوم يستطيع فيه اليمنيون أن يخرجوا بلدهم اليمن من عنق الزجاجة التي حشره بنو سعود فيها منذ اكثر من خمسين عاما حيث استطاعوا بأموالهم أن يشتروا ضعفاء النفوس ويسيطروا على القرار السياسي اليمني ويجعلوا من حكام اليمن المتعاقبين رهن إرادتهم وبذلك ظنوا أنهم قد جعلوا من اليمن قطعة أرض خاضعة لسيطرتهم ونفوذهم يتحكمون فيها كيفما يشاؤون لاسيما بعد أن تمكنوا من إشاعة وتعميم ثقافة الحقد والكراهية المستمدة من السياسة الاستعمارية: فرق تسد وغلفوها في ظاهرها بالطابع المذهبي والعنصري والطائفي بحيث يضمنوا تقسيم اليمن إلى كانتونات ضعيفة تسهل السيطرة عليها وتوجيه من وقعوا في شرك هذه السياسة الملعونة بالريموت كنترول لتنفيذ اجندتهم التي رسمت عقب اعتراف النظام السعودي بالنظام الجمهوري في اليمن في شهر يوليو من عام 1970م من القرن الماضي وقد نجحوا من خلال من نصبوهم وكلاء عنهم من العملاء والمرتزقة في تحقيق هدفهم الخبيث الذي وقف حائلا دون بناء دولة حديثة قوية وعادلة تستقل بقرارها، وكلما حاول اليمنيون على استحياء استعطاف بني سعود بالكف عن التدخل في الشأن اليمني الداخلي ازدادوا عتوا ونفورا وخلقوا الذرائع والحجج لمضاعفة تدخلهم إلى درجة جعلت ابناء اليمن يتقاتلون مع بعضهم البعض سواءً كان على مستوى الشطرين سابقا أو بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م والتي لم يهنأ اليمنيون بفرحتهم بتحقيق هذا المنجز الوطني حتى أشعلوها حربا بهدف إعادة الأوضاع إلى ما قبل 22 مايو 1990م وكادوا أن ينجحوا في تحقيق هدفهم عام 1994م لولا اصطدامهم بإرادة الشعب اليمني الحرة الذي أبى أن يفرط في وحدته، لكنهم لم ييأسوا فقد استخدموا اساليب أخرى لشق الصف الوطني وظلوا يلعبون بها لإشغال أبناء الشعب اليمني عن بناء دولتهم حتى وجدوا بغيتهم في الدمية عبدربه منصور هادي الذي خدمته الظروف وقفز إلى السلطة بدعم أمريكي وسعودي ليخرب في عامين ما بناه اليمنيون خلال مائة عام ثم أتاح الفرصة لتمكين أمريكا والسعودية وإسرائيل لشن عدوان ظالم على اليمن بحجة أن اليمنيين طالبوا برفع الوصاية الخارجية عن قرارهم السياسي ورفعوا شعار بناء الدولة المستقلة التي حرموا منها عدة عقود من الزمن وهي مطالب مشروعة من حق أي شعب أن يحققها ولكنهم عوقبوا عقابا شديدا فتعرضوا لظلم عظيم لم يسبق لأي شعب عبر التاريخ أن تعرض لمثله في ظل صمت دولي تم شراؤه بأموال حكام النظام السعودي الذي بلا شك سيكون مصيره إلى زوال، وعندما استغنوا عن خدمات الدمية هادي بحثوا عن دمى أخرى وضعوا رشاد العليمي رئيسا لها وأوعزوا إليه في قمة الرياض أن يحمل صنعاء مسؤولية عسكرة البحر الأحمر على حد زعمه وهو ما يعني معارضته لدعم اليمن ووقوفه إلى جانب مظلومية الأشقاء في قطاع غزة ولبنان ومواجهة القوات المسلحة اليمنية لثلاثي الشر العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل في البحرين الأحمر والعربي والتصدي لحاملات طائراتها ومدمراتها التي تقف إلى جانب الكيان الصهيوني وتحميه والتي تقوم بالاعتداء على اليمن قي محاولة منها لمنعه من مساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحزب الله في لبنان ومنع إيصال الصواريخ اليمنية والطيران المسير إلى العمق الصهيوني في فلسطين المحتلة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا